أبل تُغيّر سياسات متجرها بأوروبا

أبل تُعدّل سياسات متجر التطبيقات لتجنب غرامات الاتحاد الأوروبي

ضغوط قانون الأسواق الرقمية الأوروبي تجبر أبل على التغيير

أجبرت ضغوط قانون الأسواق الرقمية (DMA) الأوروبي الجديد شركة أبل على إعادة صياغة شروطها وأحكامها الخاصة بمطوري التطبيقات على متجر التطبيقات (App Store) في الاتحاد الأوروبي. يأتي هذا التغيير في أعقاب غرامة قاسية فرضتها المفوضية الأوروبية على الشركة في أبريل الماضي، بلغت 500 مليون يورو (ما يعادل 583 مليون دولار أمريكي)، بسبب انتهاكها للقانون الذي يهدف إلى الحد من هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى. لم تُخفِ أبل رغبتها في تفادي غرامات إضافية قد تصل إلى 5% من إيراداتها اليومية العالمية، وهو ما يمثل تهديدًا ماليًا هائلاً للشركة.

تفاصيل الغرامة وشرط "الوقف والكف"

أصدرت المفوضية الأوروبية في أبريل أمرًا بـ "الوقف والكف" لأبل، مُحددة مهلة 60 يومًا للامتثال للقانون. وجاءت الغرامة نتيجة لاشتراطات أبل التي تمنع المطورين من توجيه المستخدمين إلى عروض أفضل خارج متجر التطبيقات، ما يُعتبر انتهاكًا واضحًا لمبادئ المنافسة العادلة. هذا الأمر أثار جدلًا واسعًا حول ممارسات أبل الاحتكارية، ووضع الشركة تحت ضغط كبير لتعديل سياساتها.

التعديلات الجديدة على سياسات متجر التطبيقات

استجابةً للضغوط، أعلنت أبل عن سلسلة من التعديلات على سياسات متجر تطبيقاتها في أوروبا. تُركز هذه التعديلات بشكل أساسي على منح المطورين حرية أكبر في توجيه المستخدمين إلى عروضهم الخارجية، وذلك من خلال تقديم خيارات دفع بديلة عن نظام الدفع الخاص بأبل.

نموذج تسعير جديد للمطورين

أحد أهم التغييرات هو إطلاق نموذج تسعير جديد لمطوري التطبيقات الذين يختارون توجيه عملائهم من خلال روابط خارجية أو عمليات شراء داخل التطبيق. يتضمن هذا النموذج رسوم خدمات على المبيعات التي تتم من خلال عروض ترويجية داخل التطبيق، مقسمة إلى فئتين، في خطوة تُعتبر تنازلًا من جانب أبل لتقليل حدة سيطرتها على عمليات الشراء. يُلاحظ أن أبل كانت قد سمحت سابقًا للمطورين بتوجيه العملاء من خلال رابط خارجي، لكن هذا لم يُرضِ المفوضية الأوروبية، التي اعتبرت أن هذه الخطوة لم تُمنح المطورين حرية كافية.

مواجهة قانون الأسواق الرقمية (DMA)

يُلزم قانون الأسواق الرقمية (DMA) الشركات المصنفة كـ "Gatekeepers" أو "حراس البوابة" – وهي شركات التكنولوجيا العملاقة مثل أبل، جوجل، وميتا – بالالتزام بمجموعة من القواعد تهدف إلى ضمان المنافسة العادلة. وبالنسبة لأبل، يعني هذا فتح منظومتها الربحية أمام المنافسين، مما يُقلل من هيمنتها على سوق التطبيقات. تُعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود الاتحاد الأوروبي الأوسع نطاقًا لكبح جماح شركات التكنولوجيا العملاقة ومنعها من إساءة استخدام وضعها المهيمن.

عقوبات محتملة على عدم الامتثال

يُمكن تغريم الشركات التي تُصنف كـ "حراس البوابة" ما يصل إلى 10% من إجمالي مبيعاتها السنوية العالمية في حالة عدم امتثالها لقانون الأسواق الرقمية. وهذا يُشكل ضغطًا هائلاً على أبل، خاصةً بالنظر إلى إيراداتها السنوية الضخمة التي بلغت 391 مليار دولار في العام الماضي. تُشير هذه العقوبات إلى تصميم الاتحاد الأوروبي على فرض قواعد صارمة لتعزيز المنافسة في السوق الرقمي.

ردود الفعل واستمرار الجدل

أعلنت أبل أنها لا تزال تُعارض رأي المفوضية الأوروبية، وتُخطط للاستئناف على قرار الغرامة. ومع ذلك، فإن إجراء التعديلات على سياسات متجر التطبيقات يُشير إلى أن الشركة تُدرك خطورة عدم الامتثال للقانون، وتُفضل تجنب غرامات إضافية قد تُلحق ضررًا كبيرًا بأعمالها. من جانبها، أكدت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية أن المفوضية ستُقيّم التعديلات الجديدة بعناية قبل اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، مُشددةً على أهمية الحصول على آراء أصحاب المصلحة المعنيين.

مستقبل التنافس في سوق التطبيقات

يُشكل هذا التطور منعطفًا هامًا في مستقبل المنافسة في سوق التطبيقات. فقد أظهر قانون الأسواق الرقمية الأوروبية قدرته على إجبار شركات التكنولوجيا العملاقة على تغيير ممارساتها، وفتح المجال أمام المزيد من المنافسة والابتكار. يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى فعالية هذه التعديلات في إرضاء المفوضية الأوروبية، وما إذا كانت ستُنهي النزاع بين أبل والاتحاد الأوروبي، أم أننا سنشهد المزيد من الجولات القضائية في هذا الصراع. لكن يبقى واضحًا أن هذا يُمثل انتصارًا للمنافسة والحماية للمستهلكين في أوروبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى