أفضل ساعات ذكية مقاومة للماء للسباحة والغوص
لم يعد ارتداء ساعة اليد مقتصراً على معرفة الوقت فحسب، بل تحولت الساعات الذكية إلى مراكز تحكم مصغرة على معصمك، تقدم إشعارات، تتبع نشاطك البدني، وتساعدك في الحفاظ على صحتك. ومع تزايد شعبية الرياضات المائية والأنشطة الخارجية، أصبح البحث عن ساعة ذكية تصمد في وجه الماء، بل وتتفوق في تتبع الأداء أثناء السباحة أو حتى الغوص، ضرورة ملحة للكثيرين. اختيار الساعة المناسبة للبيئات المائية يتطلب فهماً دقيقاً لمواصفات مقاومة الماء والميزات المخصصة لهذه الأنشطة.
فهم مقاومة الماء في الساعات الذكية
عند الحديث عن الساعات الذكية والماء، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو مصطلح "مقاومة الماء". لكن هذا المصطلح يحمل درجات مختلفة من الحماية، ولا يعني بالضرورة أن الساعة مناسبة لجميع الأنشطة المائية. فهم التصنيفات المختلفة لمقاومة الماء أمر حيوي قبل شراء ساعة لاستخدامها في السباحة أو الغوص. هذه التصنيفات غالباً ما تُعبر عنها بوحدات الضغط الجوي (ATM) أو بالعمق المكافئ بالأمتار (m).
معايير ATM و ISO
تصنيف ATM يشير إلى الضغط الذي يمكن للساعة تحمله. 1 ATM يعادل الضغط الجوي على مستوى سطح البحر. أغلب الساعات الذكية التي يُقال إنها "مقاومة للماء" تأتي بتصنيف 5 ATM، مما يعني أنها نظرياً تستطيع تحمل ضغط يعادل عمق 50 متراً. هذا التصنيف يجعلها مناسبة للاستخدام اليومي مثل غسل اليدين أو التعرض لرذاذ المطر، وبعضها قد يكون مناسباً للسباحة الخفيفة على السطح.
للساعات المخصصة للسباحة بانتظام، يُنصح بالبحث عن تصنيف 10 ATM على الأقل، والذي يعادل ضغط عمق 100 متر. هذا التصنيف يوفر حماية أفضل ضد ضغط الماء أثناء حركات السباحة القوية أو الغوص السطحي (Snorkeling). الساعات ذات تصنيف 20 ATM (200 متر) أو أعلى تكون مناسبة للغوص الترفيهي (Scuba Diving) على أعماق معينة، ولكن يجب التحقق من الميزات الإضافية المخصصة للغوص مثل مستشعرات العمق.
من المهم الإشارة إلى أن العمق المذكور (مثل 50 متر أو 100 متر) هو معيار مختبري للضغط الثابت، وليس عمقاً فعلياً يمكن الغوص إليه بأمان مع الساعة. الحركات السريعة في الماء، مثل الغوص أو القفز، تزيد من الضغط اللحظي على الساعة بشكل كبير. لذلك، يجب دائماً اختيار ساعة بتصنيف مقاومة للماء أعلى من الحد الأدنى المطلوب للنشاط المائي المخطط له.
تعتمد بعض الشركات على معايير ISO، مثل ISO 22810 للساعات المقاومة للماء بشكل عام، وISO 6425 لساعات الغوص الاحترافية. معظم الساعات الذكية لا تلبي معيار ISO 6425 الصارم الذي يتطلب اختبارات مكثفة تحت ضغط أعلى بكثير وفي ظروف قاسية، لذا يجب عدم الاعتماد عليها كبديل لساعات الغوص الاحترافية المعتمدة لهذا المعيار.
الميزات الأساسية للساعات الذكية المخصصة للماء
بالإضافة إلى مقاومة الماء نفسها، تحتاج الساعات الذكية المصممة للأنشطة المائية إلى ميزات خاصة لتكون عملية وفعالة. من أبرز هذه الميزات هو "وضع قفل الماء" (Water Lock Mode). عند تفعيل هذا الوضع، يتم تعطيل شاشة اللمس لمنع التفاعل غير المقصود مع قطرات الماء، وعند إلغاء القفل، غالباً ما تصدر الساعة صوتاً لطرد أي ماء قد يكون دخل إلى فتحات السماعات أو الميكروفون.
تتبع الأنشطة المائية هو ميزة أساسية أخرى. الساعات الجيدة توفر أوضاع تتبع مخصصة للسباحة في المسبح أو المياه المفتوحة. في المسبح، تستطيع الساعة عادةً حساب عدد اللفات (Lengths)، المسافة المقطوعة، نوع الضربة (Stroke Type)، ومعدل السباحة (Pace). في المياه المفتوحة، تعتمد الساعة على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتتبع المسار والمسافة، وهو ما قد يتطلب أن يكون جزء من الساعة فوق الماء لالتقاط الإشارة.
مستشعرات معدل ضربات القلب التي تعمل تحت الماء هي ميزة متقدمة توفر بيانات قيمة عن شدة التمرين. ليست كل مستشعرات معدل ضربات القلب البصرية تعمل بكفاءة تحت الماء بسبب تشتت الضوء، لذا يجب التحقق من دعم الساعة لهذه الميزة. بعض الساعات المخصصة للغوص توفر أيضاً مستشعر للعمق ودرجة حرارة الماء، بالإضافة إلى حساب زمن الغوص وحدود عدم الضغط (No-decompression limits) للغوص الترفيهي.
متانة البناء أيضاً تلعب دوراً هاماً. الساعات المخصصة للأنشطة الخارجية والرياضات المائية غالباً ما تتميز بهيكل أقوى ومواد أكثر مقاومة للصدمات والخدوش والملح والكلور. الأحزمة المصنوعة من السيليكون أو مواد مطاطية أخرى تكون أكثر ملاءمة للماء وتجف بسرعة أكبر من الأحزمة الجلدية أو المعدنية.
أفضل الساعات الذكية للسباحة والغوص
يوجد العديد من الساعات الذكية في السوق التي تقدم مستويات مختلفة من مقاومة الماء وميزات تتبع الأنشطة المائية. بعض النماذج تبرز بشكل خاص بفضل أدائها وميزاتها المتقدمة في هذا المجال.
تُعد ساعات Apple Watch، وخاصة طراز Apple Watch Ultra، من الخيارات الممتازة. تتمتع Apple Watch Series 9 وSE بتصنيف مقاومة الماء حتى 50 متراً (5 ATM)، مما يجعلها مناسبة للسباحة في المسبح أو المياه المفتوحة والغوص السطحي. توفر هذه الساعات تطبيقاً مدمجاً لتتبع السباحة يقوم بحساب اللفات والمسافة وأنواع الضربات والسعرات الحرارية المحروقة.
يأخذ طراز Apple Watch Ultra مقاومة الماء إلى مستوى أعلى بكثير. فهو مصمم للأنشطة المائية الأكثر جدية، ويتمتع بتصنيف مقاومة الماء حتى 100 متر (10 ATM). الأهم من ذلك، أنه معتمد لمعيار EN13319، وهو معيار لساعات الغوص وملحقاته. يحتوي Ultra على مستشعر عمق مدمج يمكنه قياس العمق حتى 40 متراً، ويعرض درجة حرارة الماء. بالتعاون مع تطبيق Oceanic+ (اشتراك مدفوع)، يمكن استخدام الساعة ككمبيوتر غوص ترفيهي، مما يوفر بيانات الغوص الأساسية مثل العمق الحالي والأقصى، زمن الغوص، وحدود عدم الضغط، بالإضافة إلى تخطيط الغوص وتسجيله.
ساعات Garmin هي خيار رائد آخر للرياضيين ومحبي الأنشطة الخارجية، وتتميز بمقاومة ماء ممتازة وميزات تتبع رياضية متقدمة. العديد من طرازات Garmin، مثل سلسلة Fenix، Forerunner (الطرازات الأعلى)، وInstinct، تأتي بتصنيف مقاومة ماء 10 ATM أو حتى 100 متر (في بعض الطرازات المتخصصة مثل Instinct 2X Solar). هذه الساعات مصممة لتحمل الظروف القاسية وتوفر تتبعاً دقيقاً للسباحة في المسبح والمياه المفتوحة مع مجموعة واسعة من المقاييس.
سلسلة Fenix من Garmin، على سبيل المثال، معروفة بمتانتها الفائقة وعمر بطاريتها الطويل وميزاتها الرياضية الشاملة، بما في ذلك أوضاع سباحة مفصلة. طرازات Forerunner المخصصة للرياضيين الثلاثيين (Triathletes) توفر أيضاً تتبعاً متقدماً للسباحة كجزء من التدريب المتكامل. ساعات Instinct، بتصميمها الوعر، تقدم مقاومة ممتازة للماء والصدمات، وهي خيار جيد للمغامرين الذين يحتاجون إلى ساعة تتحمل البيئات الرطبة.
بالنسبة لساعات Samsung Galaxy Watch، مثل Galaxy Watch 6 و Watch 5 Pro، فهي تتمتع بتصنيف مقاومة ماء 5 ATM، مما يجعلها مناسبة للسباحة الخفيفة والأنشطة المائية السطحية. توفر هذه الساعات تتبعاً للسباحة عبر تطبيق Samsung Health، مع قياس المسافة واللفات والسعرات الحرارية. ومع ذلك، لا تُعتبر هذه الساعات مناسبة للغوص أو الأنشطة المائية العنيفة بسبب تصنيفها.
مقارنة بين النماذج المختلفة
عند المقارنة بين هذه النماذج، يتضح أن Apple Watch Ultra وبعض طرازات Garmin (مثل Fenix وInstinct) تتفوق في مقاومة الماء والميزات المخصصة للأنشطة المائية الأكثر جدية، بما في ذلك الغوص السطحي أو حتى الغوص الترفيهي في حالة Ultra. Apple Watch Ultra توفر تجربة متكاملة لمستخدمي نظام iOS مع شاشة ساطعة وميزات غوص مدمجة (أو عبر تطبيق Oceanic+).
ساعات Garmin تقدم متانة لا مثيل لها وعمر بطارية أطول بكثير، بالإضافة إلى مقاييس رياضية أكثر تفصيلاً وتحليلات متقدمة، مما يجعلها خياراً مفضلاً للرياضيين الجادين ومحبي المغامرات. تصنيف مقاومة الماء 10 ATM في العديد من طرازاتها يجعلها مناسبة تماماً للسباحة المنتظمة والغوص السطحي.
أما ساعات Samsung Galaxy Watch، فهي خيار جيد للمستخدمين الذين يبحثون عن ساعة ذكية شاملة تعمل بنظام Android وتوفر تتبعاً للسباحة الخفيفة كجزء من مجموعة واسعة من ميزات الصحة واللياقة البدنية، ولكنها ليست مخصصة للغوص أو الاستخدام المكثف في الماء.
نصائح لاختيار ساعتك المقاومة للماء
عند اختيار ساعة ذكية لاستخدامها في الماء، ابدأ بتحديد نوع الأنشطة المائية التي ستمارسها بشكل أساسي. هل هي مجرد سباحة في المسبح، أم سباحة في المياه المفتوحة، أم غوص سطحي، أم غوص ترفيهي؟ هذا سيساعدك في تحديد مستوى مقاومة الماء الذي تحتاجه (5 ATM، 10 ATM، 20 ATM أو أكثر).
لا تعتمد فقط على تصنيف العمق النظري، بل ابحث عن مراجعات وتجارب المستخدمين الآخرين حول أداء الساعة في البيئات المائية الفعلية. تأكد من أن الساعة توفر ميزات تتبع السباحة التي تهمك، مثل حساب اللفات، قياس المسافة بدقة (خاصة في المياه المفتوحة باستخدام GPS)، وتتبع معدل ضربات القلب تحت الماء إذا كانت هذه البيانات ضرورية لتدريبك.
ضع في اعتبارك أيضاً متانة الساعة وجودة المواد المستخدمة في تصنيعها، بالإضافة إلى نوع الحزام ومدى ملاءمته للماء. عمر البطارية مهم أيضاً، خاصة إذا كنت تخطط لاستخدام الساعة لتتبع تمارين سباحة طويلة أو مغامرات مائية متعددة. أخيراً، تأكد من توافق الساعة مع هاتفك الذكي ونظام التشغيل الذي تستخدمه.
العناية بساعتك المقاومة للماء
حتى الساعة المصممة لتحمل الماء تتطلب بعض العناية للحفاظ على أدائها ومقاومتها للماء على المدى الطويل. بعد استخدام الساعة في المياه المالحة (البحر) أو المياه المعالجة بالكلور (المسبح)، يُنصح بشطفها بالماء العذب وتجفيفها بقطعة قماش ناعمة. هذا يساعد على إزالة الأملاح والكلور التي يمكن أن تتلف الأختام والمواد بمرور الوقت.
تجنب تعريض الساعة لتغيرات درجة الحرارة المفاجئة والشديدة، مثل الانتقال من حمام ساخن جداً إلى ماء بارد جداً، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على الأختام المانعة لتسرب الماء. كما يجب تجنب استخدام الأزرار أو شاشة اللمس (إذا لم تكن في وضع قفل الماء) تحت الماء، لأن ذلك قد يسمح للماء بالتسرب.
لا تحاول فتح الساعة بنفسك أو إزالة أي أجزاء منها، حيث أن ذلك سيلغي مقاومتها للماء. إذا تعرضت الساعة لصدمة قوية أو لاحظت أي علامات تلف على الهيكل أو الشاشة، فمن الأفضل فحصها من قبل فني متخصص للتأكد من سلامة الأختام قبل استخدامها مرة أخرى في الماء.
في الختام، اختيار الساعة الذكية المناسبة للسباحة والغوص يتطلب فهماً جيداً لتصنيفات مقاومة الماء وميزات التتبع المخصصة للأنشطة المائية. سواء كنت سباحاً عادياً أو غواصاً ترفيهياً، هناك خيارات متنوعة تلبي احتياجاتك. بتحديد متطلباتك بدقة واختيار ساعة من علامة تجارية موثوقة مع العناية بها بشكل صحيح، يمكنك الاستمتاع بتتبع أنشطتك المائية بثقة وأمان.
