إنتل تُغلق قسم السيارات: تسريحات مفاجئة

إنتل تغلق قسم هندسة السيارات وتسرح موظفين: إعادة هيكلة وتغيّر استراتيجي
شهدت شركة إنتل، عملاق صناعة أشباه الموصلات، تحولاً استراتيجياً كبيراً بإغلاق قسم هندسة السيارات وتسريح أغلبية موظفيه. يأتي هذا القرار ضمن إعادة هيكلة أوسع نطاقاً تهدف إلى تعزيز التركيز على قطاعات رئيسية أخرى، مُثيرًا تساؤلات حول مستقبل استثمارات إنتل الضخمة في مجال السيارات ذاتية القيادة.
قرار مفاجئ وإعادة هيكلة شاملة
أعلنت إنتل رسمياً عن إغلاق قسم هندسة السيارات عبر مذكرة داخلية موجهة إلى الموظفين، مُؤكدةً سعيها لإعادة توجيه مواردها نحو قطاعاتها الأساسية، والتي تركز بشكل رئيسي على مراكز البيانات وحلولها للعملاء الرئيسيين. وقد أكدت الشركة التزامها بتوفير انتقال سلس للعملاء المتعاملين مع قسم السيارات، مُشددةً على عدم الكشف عن العدد الدقيق للموظفين المتأثرين بهذا القرار. وقد سبق هذا الإعلان، بحسب تقارير، تحذيرات داخلية من تسريحات وظيفية محتملة.
أسباب القرار وتأثيره على سوق السيارات
تُشير التحليلات إلى أن هذا القرار ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج تقييم شامل لأداء قسم السيارات مقارنةً بقطاعات أخرى أكثر ربحية. على الرغم من استثمار إنتل لملايين الدولارات في هذا القطاع، إلا أن عائدات قسم السيارات لم تُلبّي التوقعات المرجوة. يُضاف إلى ذلك، التحديات المتزايدة في سوق السيارات ذاتية القيادة، والضغوط التنافسية الشديدة من شركات تقنية عملاقة أخرى، ساهمت في اتخاذ هذا القرار الصعب.
رحلة إنتل في عالم السيارات: من الاستحواذات الضخمة إلى الإغلاق
لم تكن رحلة إنتل في مجال السيارات قصيرة أو سهلة. فقد شهدت الشركة سلسلة من الاستحواذات الكبرى، أبرزها استحواذها على شركة "موبيل آي" عام 2017 مقابل 15.3 مليار دولار، وهي شركة رائدة في مجال تقنيات القيادة الذاتية. وقد انفصلت "موبيل آي" لاحقاً كشركة مستقلة مدرجة في البورصة، مع بقاء إنتل مساهماً رئيسياً فيها. كما استحوذت إنتل على شركة "موفيت" الإسرائيلية الناشئة عام 2020، بقيمة 900 مليون دولار، مُعززةً بذلك طموحاتها في هذا القطاع.
الاستثمارات الضخمة والنتائج المتواضعة
لم تقتصر استثمارات إنتل على عمليات الاستحواذ فقط، بل امتدت لتشمل تمويلات ضخمة عبر ذراعها الاستثماري، حيث التزمت باستثمار 250 مليون دولار في تكنولوجيا السيارات. رغم ذلك، لم تُترجم هذه الاستثمارات الضخمة إلى عوائد مالية مُرضية، مما دفع إنتل لإعادة تقييم استراتيجيتها في هذا المجال. وقد حاولت إنتل تسويق تقنيتها الخاصة بالمركبات المُعرّفة بالبرمجيات، بما في ذلك نظام "SoC" مُعزز بالذكاء الاصطناعي، لكن دون تحقيق النجاح المنشود. وقد تم عرض هذه التقنية في معارض عالمية كمعرض CES 2025 ومعرض شنغهاي للسيارات، لكنها لم تُحقق النتائج المرجوة.
التسريحات الأخيرة وتوقعات السوق
يُعتبر قرار إغلاق قسم هندسة السيارات جزءاً من موجة تسريحات وظيفية أوسع نطاقاً داخل إنتل. فقد أعلنت الشركة خلال هذا الشهر عن خططها لتسريح ما بين 15% و 20% من موظفي قسم "إنتل فاوندري"، المُختص بتصميم وتصنيع أشباه الموصلات للعملاء الخارجيين. هذه التسريحات تُشير إلى تغيرات جذرية في استراتيجية إنتل، وإلى صعوبة التنبؤ بمستقبل الشركة في ظل المنافسة الشديدة وتقلبات السوق.
مستقبل إنتل في مجال التكنولوجيا: التركيز على الأساسيات
يُرجّح أن تُركز إنتل جهودها في المرحلة القادمة على تعزيز مكانتها في قطاعاتها الأساسية، والتي تُعتبر أكثر ربحية واستقراراً. سيساهم هذا التركيز على مراكز البيانات وحلولها للعملاء الرئيسيين في تحسين أداء الشركة المالي، وتعزيز منافسيتها في السوق. يبقى السؤال مطروحاً حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية الجديدة، وإلى أي مدى ستُؤثر على موقف إنتل في سوق التكنولوجيا المُتغير باستمرار. لكن من الواضح أن قرار إغلاق قسم السيارات يُمثل منعطفاً حاسماً في تاريخ الشركة، وإشارة واضحة إلى ضرورة التكيّف مع متطلبات السوق المتغيرة.