إنتل تُقيل 20% من عمال مصانعها في يوليو

إنتل تعلن عن تسريحات وظيفية جديدة: إعادة هيكلة أم بداية النهاية؟

تُشهد صناعة التكنولوجيا العالمية، وخاصة قطاع أشباه الموصلات، تحولاتٍ جذرية في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق، أعلنت شركة إنتل، العملاق الأمريكي في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية، عن جولةٍ جديدةٍ من تسريحات الموظفين، مُثيرَةً بذلك موجةً من التساؤلات حول مستقبل الشركة ومكانتها في السوق العالمية المتزايدة التنافسية.

تسريحاتٌ تستهدف وحدة "إنتل فاوندري"

كشفت تقارير إعلامية أمريكية أن شركة إنتل تعتزم تسريح ما بين 15% إلى 20% من موظفي وحدة "إنتل فاوندري" (Intel Foundry)، وهي الوحدة المسؤولة عن تصنيع الرقائق الإلكترونية لعملاء خارجيين. وتُشير التوقعات إلى أن هذا القرار سيؤثر على آلاف الموظفين، مُضيفًا بذلك إلى سلسلةٍ من التسريحات التي شهدتها الشركة خلال الأشهر الماضية. وبينما لم تُصدر إنتل بيانًا رسميًا يؤكد العدد الدقيق للموظفين المتأثرين، إلا أن المصادر الداخلية تشير إلى أن عملية التسريح ستبدأ في يوليو القادم. يُذكر أن عدد موظفي إنتل بلغ حوالي 108,900 موظف بنهاية عام 2024، وفقًا لأحدث البيانات الرسمية.

أبعاد القرار وتوقيته

يأتي هذا القرار في سياقٍ استراتيجيٍّ أوسع، يُعكس التحديات التي تواجهها إنتل في السوق العالمي. فقد شهدت الشركة خلال السنوات الأخيرة تراجعًا في حصتها السوقية، خاصةً مع صعود شركاتٍ آسيويةٍ رائدةٍ مثل TSMC وسامسونج، اللتين تُعتبر تقنياتهما في بعض المجالات متقدمةً على تقنيات إنتل. كما أن التباطؤ الاقتصادي العالمي وتراجع الطلب على الحواسيب الشخصية قد ساهم في ضغطٍ كبيرٍ على الشركة.

إعادة هيكلة تحت قيادة جديدة

تولى ليب-بو تان منصب الرئيس التنفيذي لشركة إنتل في مارس الماضي، وقد أعلن منذ توليه المنصب عن خططٍ لإعادة هيكلة الشركة وتركيز جهودها على "الأنشطة الجوهرية". ويُنظر إلى هذه التسريحات على أنها جزءٌ من هذه الخطة، التي تهدف إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف. وقد أكد تان في مؤتمر Intel Vision على ضرورة التخلي عن الوحدات غير الأساسية، والعودة إلى "روح الهندسة أولًا" التي اشتهرت بها إنتل في بداياتها.

التركيز على الهندسة والابتكار

تُشير تصريحات تان إلى رغبةٍ في إعادة التركيز على البحث والتطوير، وتطوير تقنياتٍ متقدمةٍ في مجال تصنيع الرقائق. فقد واجهت إنتل في السنوات الأخيرة بعض التأخيرات في إطلاق منتجاتٍ جديدة، مما أثر سلبًا على مكانتها التنافسية. وتهدف هذه الإستراتيجية الجديدة إلى استعادة الريادة في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية، خاصةً مع تزايد الطلب على الرقائق المتقدمة المستخدمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء.

تسريحات سابقة وتأثيرها

ليست هذه هي المرة الأولى التي تُجري فيها إنتل تسريحات وظيفية واسعة النطاق. ففي أغسطس الماضي، استغنت الشركة عن حوالي 15 ألف موظف، أي ما يُعادل 15% من قوتها العاملة آنذاك. وقد أثار ذلك القرار حينها قلقًا واسعًا، خاصةً في المجتمعات المحلية التي تعتمد على إنتل كمصدرٍ رئيسيٍّ للوظائف.

التأثير على الاقتصادات المحلية

تُثير هذه التسريحات الجديدة مخاوف مماثلة، خاصةً في الولايات الأمريكية التي تُعدّ مراكز إنتاج رئيسية لإنتل، مثل ولاية أوريغون وأريزونا. فقد تُؤدي هذه التسريحات إلى زيادة معدلات البطالة وتأثيرٍ سلبيٍّ على الاقتصادات المحلية. ومن المتوقع أن تُواجه الشركة ضغوطًا من النقابات العمالية والمشرعين المحليين للحد من حجم التسريحات أو تقديم دعمٍ للموظفين المتأثرين.

المنافسة الشرسة وتحديات السوق

تُواجه إنتل منافسةً شرسةً من شركاتٍ عالميةٍ رائدةٍ في مجال تصنيع الرقائق، مثل TSMC وسامسونج وNvidia وAMD. وتُعتبر هذه الشركات منافسين أقوياء في العديد من القطاعات، بما في ذلك مجال معالجات الرسومات والذكاء الاصطناعي. ويُمثّل هذا التنافس تحديًا كبيرًا لإنتل، التي تحتاج إلى الابتكار والتميز التقني لاستعادة مكانتها الريادية.

مستقبل إنتل: هل ستنجح الخطة؟

يُطرح سؤالٌ مهمٌ حول نجاح خطة إنتل الجديدة في إعادة الشركة إلى مكانتها السابقة. فبينما يُمكن أن يُساهم التركيز على الهندسة والابتكار في تعزيز قدرات الشركة التنافسية، إلا أن ذلك يتطلب استثماراتٍ ضخمةً في البحث والتطوير، بالإضافة إلى حلّ المشاكل الإنتاجية التي واجهتها الشركة في السنوات الأخيرة. كما أن نجاح هذه الخطة يعتمد على قدرة إنتل على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق وتلبية احتياجات العملاء المتزايدة. فهل ستُحقق هذه التسريحات أهدافها المرجوة، أم أنها ستُمثّل بدايةً لنهايةٍ لعصرٍ من هيمنة إنتل على سوق أشباه الموصلات؟ يبقى هذا السؤال مفتوحًا، ويعتمد جوابه على التطورات المُقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى