إيران تقطع الإنترنت: حماية أم حصار رقمي؟ الحكومة تكشف عن دوافع الإغلاق المفاجئ

إيران في مواجهة الهجمات الإلكترونية: إغلاق الإنترنت كإجراء وقائي

شهدت إيران خلال الأيام القليلة الماضية انقطاعاً شبه كلي للإنترنت، مما أثار تساؤلات واسعة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الإجراء. في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، خاصةً مع استمرار الصراع مع إسرائيل، أعلنت الحكومة الإيرانية رسمياً عن قرارها بإغلاق الإنترنت بهدف حماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات الإلكترونية المحتملة. هذا القرار، الذي أثر بشكل كبير على حياة الملايين من الإيرانيين، يستدعي فهماً أعمق للأبعاد الأمنية والسياسية والتكنولوجية التي تقف وراءه.

دوافع الحكومة الإيرانية: الأمن القومي في صدارة الأولويات

صرحت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، بأن قرار إغلاق الإنترنت جاء في سياق التهديدات الأمنية المتزايدة، وخاصةً الهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية للبلاد. وأشارت إلى أن الحكومة رأت ضرورة التحول إلى "إنترنت وطني" مقيد للوصول العالمي كإجراء احترازي. وأوضحت مهاجراني أن الهجمات الإلكترونية طالت قطاعات حيوية مثل البنوك، بالإضافة إلى تعرض بعض الخدمات الأساسية للاضطرابات.

أحد الأسباب الرئيسية التي ذكرتها الحكومة هو استخدام الإنترنت في إدارة والتحكم في الطائرات بدون طيار (الدرونز)، بالإضافة إلى تبادل كميات كبيرة من المعلومات الحساسة عبر الشبكة. كما أشارت إلى تعرض منصة "نوبيتكس" الإيرانية لتداول العملات المشفرة للاختراق، مما زاد من المخاوف الأمنية.

"العصفور المفترس": المجموعة التي تقف خلف الهجمات الإلكترونية

في أعقاب إغلاق الإنترنت، أعلنت مجموعة من القراصنة تُعرف باسم "العصفور المفترس" (Predatory Sparrow) مسؤوليتها عن الهجمات الإلكترونية التي استهدفت مؤسسات إيرانية. تُعرف هذه المجموعة أيضاً باسم "غونجشكيه دارانديه" بالفارسية، وهي تدعي أنها مجموعة من الناشطين الإلكترونيين المؤيدين لإسرائيل.

تتمتع مجموعة "العصفور المفترس" بسجل حافل من الهجمات الإلكترونية التي أثرت على الخدمات الأساسية في إيران، بما في ذلك محطات الوقود ومصانع الصلب. وقد أدت هذه الهجمات إلى تعطيل كبير في حياة المواطنين الإيرانيين.

تأثير إغلاق الإنترنت على المواطنين الإيرانيين: عزل وتدهور الأوضاع

كان لإغلاق الإنترنت تأثير مدمر على حياة المواطنين الإيرانيين، خاصةً في ظل استمرار التوترات مع إسرائيل. فقد أدى هذا الإجراء إلى عزل الإيرانيين عن العالم الخارجي، مما صعّب عليهم الحصول على المعلومات حول التطورات الجارية، والتواصل مع أحبائهم داخل وخارج البلاد.

أفاد أمير رشيدي، مدير الأمن السيبراني والحقوق الرقمية في مجموعة "ميان"، أن أسرته اضطرت إلى مغادرة طهران بعد تحذيرات من الحكومة الإسرائيلية بشأن استهداف حي سكني كانوا يعيشون فيه. وأعرب رشيدي عن قلقه الشديد إزاء عدم تمكنه من التواصل مع أسرته منذ يومين.

طرق التحايل على القيود: محاولات محدودة للوصول إلى الإنترنت

على الرغم من القيود الصارمة، تمكنت مجموعة صغيرة من الإيرانيين من الوصول إلى الإنترنت باستخدام أدوات وتقنيات معينة. يعتمد البعض على استخدام الخوادم الافتراضية الخاصة (VPNs) كبديل للوصول المباشر إلى الإنترنت، بينما يعتمد آخرون على "الحظ" في الحصول على اتصالات ADSL مستقرة، على الرغم من الاضطرابات المتكررة في الشبكة.

أكد ناريمان غريب، الناشط الإيراني المقيم في لندن، أن الوصول إلى الإنترنت لا يزال صعباً للغاية بالنسبة لمعظم الإيرانيين، حتى بالنسبة لأولئك الذين لديهم معرفة تقنية.

أبعاد أمنية أوسع: الإنترنت كساحة حرب

يعكس قرار إغلاق الإنترنت في إيران التوجه المتزايد نحو اعتبار الفضاء السيبراني ساحة حرب حقيقية. في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، أصبحت الهجمات الإلكترونية أداة رئيسية في الصراعات بين الدول، حيث يمكن استخدامها لتعطيل البنية التحتية الحيوية، وسرقة المعلومات الحساسة، والتأثير على الرأي العام.

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لإغلاق الإنترنت

بالإضافة إلى التداعيات الأمنية، يترك إغلاق الإنترنت آثاراً اقتصادية واجتماعية كبيرة على إيران. يعتمد الاقتصاد الإيراني بشكل متزايد على الإنترنت في مختلف المجالات، من التجارة الإلكترونية إلى الخدمات المصرفية. يؤدي إغلاق الإنترنت إلى تعطيل هذه الأنشطة، مما يؤثر على الشركات والمستهلكين على حد سواء.

كما يؤثر إغلاق الإنترنت على حرية التعبير وحقوق الإنسان في إيران. يحد هذا الإجراء من قدرة المواطنين على الوصول إلى المعلومات، والتعبير عن آرائهم، والتواصل مع العالم الخارجي.

هل هو حل فعال؟ تقييم استراتيجية الحكومة الإيرانية

يثير قرار إغلاق الإنترنت تساؤلات حول فعاليته كإجراء أمني. على الرغم من أنه قد يساعد في منع بعض الهجمات الإلكترونية، إلا أنه في الوقت نفسه يعزل المواطنين ويضر بالاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن القراصنة يجدون دائماً طرقاً جديدة للتحايل على القيود، مما يجعل إغلاق الإنترنت حلاً مؤقتاً وغير فعال على المدى الطويل.

نظرة مستقبلية: تحديات الأمن السيبراني في إيران

تواجه إيران تحديات كبيرة في مجال الأمن السيبراني. تحتاج الحكومة إلى تطوير استراتيجية شاملة لحماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات الإلكترونية، مع الحفاظ على حرية الوصول إلى الإنترنت وحقوق المواطنين.

يتطلب ذلك الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتدريب المتخصصين في الأمن السيبراني، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الهجمات الإلكترونية. يجب على الحكومة أيضاً أن تكون شفافة بشأن التهديدات الأمنية، وأن تشارك المواطنين في جهود الدفاع السيبراني.

الخلاصة: توازن دقيق بين الأمن والحرية

يمثل قرار إغلاق الإنترنت في إيران مثالاً على التوازن الدقيق بين الأمن القومي وحقوق المواطنين. في حين أن حماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات الإلكترونية أمر بالغ الأهمية، إلا أنه يجب ألا يتم على حساب حرية الوصول إلى الإنترنت وحقوق الإنسان الأساسية. يجب على الحكومة الإيرانية أن تسعى إلى إيجاد حلول مستدامة للأمن السيبراني، والتي تضمن حماية البلاد مع الحفاظ على انفتاحها على العالم.

تغريدات ذات صلة

Foreign Ministry, Islamic Republic of Iran 🇮🇷
@IRIMFA_EN

يجب أن يرى العالم الحقيقة!
النظام الإسرائيلي لا يرتكب العدوان ضد إيران فحسب ، بل إنه يشن حربًا على الحقيقة والضمير الإنساني.
منعت إسرائيل وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الإضرابات الصاروخية ، وفقًا لـ
#idf
الرقابة.
لماذا؟ لإخفاء جرائمها: بينما
#إيران

June 20, 2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى