استعراض تقني لمواصفات هاتف Samsung Galaxy Note 9 وقلم S Pen المطور بالبلوتوث

عندما أعلنت سامسونج عن هاتف Galaxy Note 9، لم يكن مجرد تحديث سنوي، بل كان بمثابة تتويج لسنوات من التطوير في سلسلة الهواتف التي أسست فئة "الفابلت". حمل الجهاز على عاتقه مهمة تقديم أفضل ما توصلت إليه التكنولوجيا في عالم الهواتف الذكية آنذاك، مع التركيز بشكل خاص على الإنتاجية والإبداع، وهما السمتان الأساسيتان اللتان تميز بهما خط Note منذ البداية. لم يأتِ الهاتف بتغييرات جذرية في التصميم مقارنة بسابقه، لكنه قدم تحسينات جوهرية تحت الغطاء وفي أبرز ميزاته: قلم S Pen.
التصميم وجودة البناء
احتفظ Galaxy Note 9 باللغة التصميمية التي عرفتها سلسلة Note في الأجيال الأخيرة، حيث يجمع بين الزجاج والمعدن في هيكل متين وأنيق. الإطار المعدني المصقول يحيط بالجهاز ويمنحه صلابة، بينما الواجهتان الأمامية والخلفية مغطاة بزجاج Gorilla Glass للحماية من الخدوش والصدمات. الهاتف يتمتع بتصنيف مقاومة الماء والغبار IP68، مما يعني أنه يمكنه الصمود في الماء حتى عمق 1.5 متر لمدة 30 دقيقة.
كان أحد التغييرات الملحوظة في التصميم هو نقل مستشعر بصمة الإصبع إلى موضع أسفل الكاميرات الخلفية بدلاً من جوارها، وهو تحسين طالما نادى به المستخدمون لسهولة الوصول إليه وتقليل تلطيخ عدسة الكاميرا. الأبعاد الكبيرة للهاتف تعكس حجم الشاشة السخي والبطارية الكبيرة، ورغم ذلك، تم تصميم الحواف بشكل مريح لتسهيل الإمساك به قدر الإمكان لهاتف بهذا الحجم.
الشاشة: تحفة بصرية
تعتبر الشاشة من نقاط القوة التقليدية لهواتف سامسونج، وشاشة Galaxy Note 9 لم تكن استثناءً. جاء الهاتف بشاشة Super AMOLED ديناميكية بحجم 6.4 بوصة، وهي أكبر قليلاً من شاشة Note 8. تتميز الشاشة بدقة QHD+ (2960×1440 بكسل) وكثافة بكسلات عالية جداً، مما ينتج عنه صور حادة وتفاصيل دقيقة للغاية.
الألوان على هذه الشاشة تبدو غنية وحيوية، مع تباين لا نهائي بفضل تقنية AMOLED، حيث تظهر درجات الأسود عميقة ومظلمة تماماً. تدعم الشاشة تقنية HDR10، مما يعزز تجربة مشاهدة المحتوى المتوافق، مثل الأفلام والمسلسلات، بتقديم نطاق ديناميكي أوسع بين الأجزاء المظلمة والمضيئة في الصورة. سطوع الشاشة كان ممتازاً أيضاً، مما يضمن رؤية واضحة حتى تحت أشعة الشمس المباشرة.
الأداء: قوة لا تضاهى
تحت الغطاء، زودت سامسونج هاتف Galaxy Note 9 بأحدث المعالجات المتاحة في ذلك الوقت لضمان أداء سلس وقوي. في معظم الأسواق العالمية، جاء الهاتف بمعالج Exynos 9810 ثماني النواة، بينما في أسواق أخرى مثل الولايات المتحدة والصين، تم استخدام معالج Qualcomm Snapdragon 845. كلا المعالجين كانا من بين الأقوى في فئتهما، وقادرين على التعامل مع أثقل المهام والتطبيقات بسهولة.
الهاتف توفر بخيارين من الذاكرة العشوائية (RAM): 6 جيجابايت و 8 جيجابايت. هذا الحجم الكبير من الذاكرة يساهم بشكل كبير في تحسين تجربة تعدد المهام، حيث يمكن للمستخدم التبديل بين عدد كبير من التطبيقات المفتوحة دون أي تباطؤ ملحوظ. اقترن الأداء القوي بنظام تبريد مائي كربوني جديد ادعت سامسونج أنه يحسن من إدارة الحرارة ويحافظ على أداء الجهاز مستقراً لفترات أطول تحت الضغط، مثل أثناء اللعب المكثف.
فيما يتعلق بالتخزين الداخلي، كسر Note 9 الحواجز بتقديمه خيارين سخيين للغاية: 128 جيجابايت و 512 جيجابايت. هذا الحجم الهائل من التخزين، خاصة خيار 512 جيجابايت، كان غير مسبوق في الهواتف الذكية السائدة في ذلك الوقت، مما سمح للمستخدمين بتخزين كميات ضخمة من الصور ومقاطع الفيديو والتطبيقات دون القلق بشأن نفاد المساحة. بالإضافة إلى ذلك، احتفظ الهاتف بفتحة بطاقة microSD، مما يتيح للمستخدمين توسيع مساحة التخزين بشكل أكبر، حتى 1 تيرابايت إضافي.
نظام الكاميرا
اعتمد Galaxy Note 9 على نظام كاميرا خلفية مزدوجة مشابه لما رأيناه في Galaxy S9+، ولكنه مع بعض التحسينات البرمجية. تتكون الكاميرا الخلفية من عدستين بدقة 12 ميجابكسل لكل منهما. العدسة الأساسية تتميز بفتحة عدسة متغيرة (Dual Aperture) يمكنها التبديل بين F/1.5 و F/2.4 تلقائياً حسب ظروف الإضاءة، مما يسمح بالتقاط صور أفضل في الإضاءة المنخفضة والساطعة على حد سواء.
العدسة الثانية هي عدسة مقربة (Telephoto) بفتحة عدسة F/2.4، وتوفر تقريب بصري بمعدل 2x دون فقدان الجودة. كلا العدستين مزودتان بتقنية تثبيت الصورة البصري (OIS) لتقليل الاهتزاز عند التقاط الصور أو تسجيل الفيديو. قدمت سامسونج أيضاً ميزات برمجية جديدة مثل "مُحسّن المشهد" (Scene Optimizer) الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد نوع المشهد (طعام، زهور، حيوانات أليفة، إلخ) وتعديل إعدادات الكاميرا تلقائياً للحصول على أفضل نتيجة.
الكاميرا الأمامية جاءت بدقة 8 ميجابكسل مع فتحة عدسة F/1.7 وتدعم التركيز التلقائي. كانت قادرة على التقاط صور سيلفي واضحة ومفصلة، وتدعم أيضاً وضع البورتريه (Live Focus) لتطبيق تأثير العزل على الخلفية. بشكل عام، قدم نظام الكاميرا في Note 9 أداءً ممتازاً في ظروف متنوعة، مع صور غنية بالتفاصيل وألوان دقيقة، وقدرة جيدة على التقاط صور رائعة في الإضاءة المنخفضة.
البطارية والشحن
لطالما كانت سعة البطارية نقطة خلاف في سلسلة Note بعد حادثة Note 7. مع Galaxy Note 9، استجابت سامسونج لمطالب المستخدمين وقدمت بطارية بسعة كبيرة بلغت 4000 مللي أمبير ساعة، وهي أكبر سعة بطارية في هاتف Note حتى ذلك الحين. هذه السعة الكبيرة ساهمت بشكل مباشر في تحسين عمر البطارية بشكل ملحوظ مقارنة بالأجيال السابقة.
في الاستخدام اليومي المتوسط إلى المكثف، كان الهاتف قادراً على الصمود ليوم كامل بسهولة، وفي بعض الأحيان يتجاوز ذلك حسب نمط الاستخدام. دعم الهاتف تقنية الشحن السريع السلكي واللاسلكي، بالإضافة إلى الشحن اللاسلكي العكسي (Qi/PMA). توفر منفذ USB Type-C في الجزء السفلي من الجهاز لتوصيل كابل الشحن ونقل البيانات.
قلم S Pen: التطور الأبرز
كان قلم S Pen دائماً هو السمة المميزة لسلسلة Note، ومع Note 9، شهد القلم التطور الأكبر والأكثر أهمية منذ تقديمه. الإضافة الأبرز كانت دمج تقنية البلوتوث منخفض الطاقة (Bluetooth Low Energy – BLE) في القلم نفسه. هذا التطور حول القلم من مجرد أداة للكتابة والرسم إلى جهاز تحكم عن بعد متعدد الاستخدامات.
وظائف قلم S Pen بالبلوتوث
بفضل اتصال البلوتوث، أصبح قلم S Pen قادراً على أداء مجموعة من الوظائف عن بعد بضغطة زر واحدة أو مزدوجة على الزر الموجود على جسم القلم. من أبرز هذه الوظائف
التحكم في الكاميرا: يمكن استخدام القلم لالتقاط الصور (سيلفي أو صور جماعية) دون الحاجة للمس شاشة الهاتف. ضغطة واحدة تلتقط صورة، وضغطتان مزدوجتان تبدلان بين الكاميرا الأمامية والخلفية.
التحكم في عروض الشرائح: أصبح القلم أداة مثالية للعروض التقديمية، حيث يمكن استخدامه للانتقال بين الشرائح في تطبيقات مثل PowerPoint أو Google Slides.
التحكم في تشغيل الوسائط: يمكن استخدام القلم لتشغيل أو إيقاف مقاطع الفيديو أو الموسيقى، أو الانتقال إلى المقطع التالي.
تخصيص الوظائف: يمكن للمستخدمين تخصيص وظائف الضغطة الواحدة والمزدوجة لزر القلم لتشغيل تطبيقات معينة أو تنفيذ إجراءات محددة.
يعتمد القلم على بطارية صغيرة يتم شحنها تلقائياً عند إدخاله في مكانه المخصص داخل الهاتف. يستغرق الشحن حوالي 40 ثانية فقط ليوفر حوالي 30 دقيقة من الاستخدام المتواصل لوظائف البلوتوث، أو ما يصل إلى 200 نقرة على الزر. لا تزال وظائف الكتابة والرسم الأساسية تعمل بدون الحاجة لشحن القلم، حيث تعتمد على تقنية الرنين الكهرومغناطيسي (EMR) التي تتلقى الطاقة من الشاشة.
بالإضافة إلى وظائف البلوتوث، احتفظ القلم بجميع قدراته التقليدية، مثل حساسية الضغط العالية (4096 مستوى) التي تتيح تجربة كتابة ورسم طبيعية، وميزة "Screen off memo" التي تسمح بتدوين الملاحظات بسرعة على الشاشة المقفلة، وميزة الترجمة الفورية للنصوص، وغيرها من الأدوات التي تعزز الإنتاجية والإبداع.
البرمجيات والميزات الإضافية
عمل Galaxy Note 9 بنظام التشغيل Android 8.1 Oreo عند الإطلاق، مع واجهة سامسونج الخاصة Samsung Experience. قدمت الواجهة مجموعة من الميزات المصممة للاستفادة القصوى من حجم الشاشة وقلم S Pen. تم تحسين ميزة تقسيم الشاشة وتعدد النوافذ لتسهيل العمل على تطبيقين في وقت واحد.
إحدى الميزات البارزة التي تم تعزيزها هي Samsung DeX. في الأجيال السابقة، كانت تتطلب قاعدة إرساء (Dock) لتحويل الهاتف إلى تجربة شبيهة بالحاسوب المكتبي. مع Note 9، أصبح بالإمكان تحقيق ذلك باستخدام مجرد كابل USB-C إلى HDMI، مما جعل DeX أكثر سهولة وعملية للاستخدام أثناء التنقل.
تضمنت الميزات الأخرى المساعد الصوتي Bixby الذي حصل على تحديثات، ومجموعة تطبيقات سامسونج الخاصة مثل Samsung Health وSamsung Pay، بالإضافة إلى الميزات الأمنية مثل ماسح قزحية العين والتعرف على الوجه، والتي تعمل جنباً إلى جنب مع مستشعر بصمة الإصبع لتوفير خيارات متعددة لفتح قفل الجهاز وحماية البيانات.
الاتصال والمواصفات الأخرى
من حيث الاتصال، دعم Galaxy Note 9 جميع معايير الاتصال الحديثة، بما في ذلك شبكات LTE بسرعات عالية (دعم Cat. 20 LTE لسرعات تنزيل تصل إلى 1.2 جيجابت في الثانية)، وشبكات Wi-Fi 802.11 a/b/g/n/ac مزدوجة النطاق، والبلوتوث 5.0، وNFC، وGPS. احتفظ الهاتف أيضاً بمنفذ سماعات الرأس التقليدي مقاس 3.5 ملم، وهي خطوة رحب بها الكثيرون في وقت كانت فيه العديد من الشركات تتخلى عن هذا المنفذ.
جاء الهاتف أيضاً بمكبرات صوت ستيريو تم ضبطها بواسطة AKG، مما يوفر تجربة صوتية أفضل عند مشاهدة مقاطع الفيديو أو الاستماع إلى الموسيقى مقارنة بمكبر صوت واحد. كانت جودة الصوت واضحة وقوية نسبياً لهاتف ذكي.
خلاصة وتقييم
كان Samsung Galaxy Note 9 في وقته هاتفاً رائداً بكل معنى الكلمة، حيث جمع بين أحدث المواصفات التقنية وتحسينات كبيرة على الميزات الأساسية التي تميز سلسلة Note. الشاشة الرائعة، الأداء القوي، خيارات التخزين الهائلة، البطارية ذات السعة الكبيرة، ونظام الكاميرا الممتاز، كلها عوامل جعلت منه جهازاً متكاملاً وقادراً على تلبية احتياجات المستخدمين الأكثر تطلباً. لكن التطور الأبرز والأكثر تأثيراً كان بلا شك في قلم S Pen، الذي تحول بفضل إضافة البلوتوث إلى أداة أكثر تنوعاً وعملية، تتجاوز مجرد الكتابة والرسم لتصبح جهاز تحكم عن بعد يفتح آفاقاً جديدة للاستخدام، سواء في العمل أو الترفيه. رغم أن الهاتف لم يقدم ثورة في التصميم، إلا أن التحسينات المتعددة والجذرية في الأداء والميزات، وخاصة في القلم والبطارية، جعلت منه ترقية جديرة بالاهتمام ونقطة تحول مهمة في تطور سلسلة Galaxy Note.