الإمارات تبتكر: نظام دفع فضائي آمن و صديق للبيئة للأقمار الصغرى

إنجاز فضائي إماراتي جديد: أول نظام دفع دقيق وصديق للبيئة للأقمار الاصطناعية المصغرة
مقدمة:
يشهد العالم سباقًا محمومًا نحو الفضاء، حيث تتسارع الدول في تطوير قدراتها في مجال تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية. وتبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب رئيسي في هذا السباق، مدفوعة برؤية طموحة نحو الريادة في قطاع الفضاء. واليوم، نسلط الضوء على إنجازٍ بارزٍ جديدٍ حققته دولة الإمارات، ألا وهو تطوير أول نظام دفع دقيق وصديق للبيئة للأقمار الاصطناعية المصغرة، وهو إنجازٌ يُعدّ نقلةً نوعيةً في مسيرة الابتكار الفضائي الإماراتي، ويعكس التزام الدولة الراسخ بالاستدامة والتميز.
تفاصيل المشروع وأهدافه: ثمرة تعاون بين جامعة خليفة ووكالة الإمارات للفضاء
أعلنت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا ووكالة الإمارات للفضاء مؤخراً عن بدء تشغيل أول نظام دفع دقيق، مُصمم خصيصاً للأقمار الاصطناعية المصغرة من فئة 6U (وحدات). يُعد هذا النظام ثمرة تعاون مثمر بين الجامعة والوكالة، حيث جاء هذا المشروع بدعمٍ سخيٍّ من وكالة الإمارات للفضاء، وذلك بموجب اتفاقية رسمية مع جامعة خليفة.
أهداف المبادرة:
يهدف هذا المشروع، الذي يُشكّل جزءاً من مبادرة أوسع للأقمار الاصطناعية المصغرة من فئة 6U، إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها:
إثبات فعالية التكنولوجيا: يُرمى هذا النظام إلى إثبات فعالية تكنولوجيا الدفع الدقيق في بيئة المدار الأرضي المنخفض.
التحكم الدقيق في المدار: يُتيح النظام التحكم الدقيق في ارتفاع القمر الاصطناعي و إجراء المناورات المدارية اللازمة.
تمهيد الطريق لمشاريع مستقبلية: يُعتبر هذا النظام خطوةً أساسيةً نحو تطوير و إطلاق أول مجموعة أقمار اصطناعية مصغرة إماراتية بالكامل.
تعزيز القدرات الوطنية: يسهم المشروع في بناء القدرات الوطنية في مجال تصميم وتصنيع أنظمة الدفع المتقدمة للأقمار الاصطناعية.
الريادة الإقليمية: يُمثّل هذا الإنجاز خطوةً رائدةً على مستوى منطقة مجلس التعاون الخليجي، ويساهم في تعزيز مكانة الإمارات في مجال تكنولوجيا الفضاء.
فريق العمل: خبرات إماراتية متميزة
يضم فريق العمل في هذا المشروع نخبة من الكفاءات الإماراتية، حيث يشارك ستة باحثين من جامعة خليفة، بالإضافة إلى خبراء بارزين من وكالة الإمارات للفضاء. وقد عمل الفريق بجدٍ واجتهادٍ في مختبر الأقمار الاصطناعية الصغيرة التابع لجامعة خليفة، ليصل النظام إلى المرحلة النهائية من الاختبارات التجريبية.
نظام دفع مستدام ومبتكر: تكنولوجيا صديقة للبيئة
يُمثّل نظام الدفع الجديد نقلةً نوعيةً في مجال أنظمة الدفع للأقمار الاصطناعية، فهو يختلف عن الأنظمة الكيميائية التقليدية التي تُستخدم عادةً، والتي غالباً ما تُنتج نفايات ضارة بالبيئة. ويعتمد هذا النظام المبتكر على مادة البيروكسيد عالية التركيز كوقود دفع.
مميزات نظام الدفع:
الاستدامة البيئية: تتميز مادة البيروكسيد المستخدمة بأنها غير سامة، حيث تتفكك إلى بخار الماء والأكسجين فقط، مما يجعلها صديقةً للبيئة بشكلٍ كبيرٍ مقارنةً بالوقود التقليدي.
الأداء العالي: يتميز النظام بوحدة دفع مضغوطة عالية الأداء، مما يُمكّن القمر الاصطناعي من إجراء مناورات دقيقة وفعالة.
التحكم المتعدد الاتجاهات: يحتوي النظام على خمسة محركات، مما يوفر حريةً في التحكم بحركة القمر الاصطناعي في خمسة اتجاهات، وهو ما يُعدّ إنجازاً غير مسبوق في الأقمار الاصطناعية المصغرة.
الآفاق المستقبلية والإطلاق المرتقب: نحو قفزة نوعية في قطاع الفضاء الإماراتي
من المقرر دمج نظام الدفع الدقيق الجديد في قمر اصطناعي مصغر من فئة 6U، ويتوقع إطلاقه بحلول نهاية عام 2026. وستكون المهمة الأساسية لهذا الإطلاق هي إثبات فعالية النظام في بيئة المدار، من خلال التحكم الدقيق في الارتفاع وإجراء مناورات مدارية دقيقة.
أهمية الإطلاق:
يُعتبر نجاح هذا الإطلاق بمثابة خطوةٍ هامةٍ نحو تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها:
إنشاء قاعدة بيانات: سيُساهم الإطلاق في توفير بيانات قيّمة حول أداء نظام الدفع في بيئة المدار، مما يُساعد في تطوير أنظمة دفع أكثر كفاءةً في المستقبل.
تطوير أقمار اصطناعية متقدمة: يُمهّد هذا الإنجاز الطريق لتطوير و إطلاق المزيد من الأقمار الاصطناعية المصغرة المتقدمة، مما يُعزز القدرات الوطنية في مجال التصنيع الفضائي.
الاستدامة في استكشاف الفضاء: يُبرز هذا النظام التزام الإمارات بتطوير تقنيات فضائية مستدامة، تحافظ على البيئة.
التعاون الدولي: سيساهم هذا المشروع في تعزيز التعاون الدولي في مجال البحث والتطوير في تكنولوجيا الفضاء.
منشأة اختبار الدفع: تعزيز البحث والتطوير
بالإضافة إلى تطوير نظام الدفع، قام الفريق ببناء منشأة متخصصة لاختبار أنظمة الدفع بالميلينيوتن (mN) في أبوظبي. ستكون هذه المنشأة متاحةً للباحثين الإماراتيين والعالميين، وشركات القطاع الصناعي، لتعزيز البحث والتطوير في مجال الدفع الفضائي.
الخلاصة: الاستدامة والابتكار ركيزتا التقدم الفضائي الإماراتي
يُمثّل إطلاق نظام الدفع الدقيق والآمن بيئيًا إنجازًا استثنائيًا يُضاف إلى سلسلة من الإنجازات المميزة لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الفضاء. يُظهر هذا المشروع التزام الدولة بالاستثمار في البحث والتطوير، وبناء القدرات الوطنية، وتبني تقنيات مستدامة. ويتوقع أن يُسهم هذا النظام في تطوير أقمار اصطناعية مصغرة متقدمة، مما يدعم طموحات الدولة في تحقيق رؤيتها 2030 والريادة في مجال استكشاف الفضاء. كما يُبرز هذا الإنجاز قدرة الكفاءات الإماراتية على التنافس على المستوى العالمي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وبالتأكيد، سيكون لهذا الإنجاز أثرٌ إيجابيٌّ كبيرٌ على مستقبل قطاع الفضاء في الإمارات والمنطقة على حدٍّ سواءٍ.