الصين تطلق 100 نموذج ذكاء اصطناعي عملاق



الصين على أعتاب ثورة ذكاء اصطناعي: مئة نموذج على غرار "ديب سيك"

25 يونيو 2025 – آخر تحديث: 16:38 (توقيت مكة المكرمة)

يشهد العالم سباقاً محموماً في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتصدر الصين هذا السباق بخطواتٍ واثقة. ففي تقريرٍ حصري لوكالة بلومبيرغ، أعلن مسؤول صيني رفيع المستوى، نائب محافظ بنك الشعب الصيني السابق تشو مين، عن استعداد الصين للكشف عن ما يقارب المئة نموذجٍ للذكاء الاصطناعي ومنتجات تقنية ثورية خلال الثمانية عشر شهراً القادمة. وتُضاهي هذه النماذج في قدراتها نموذج "ديب سيك" الذي أحدث ضجةً عالميةً عند ظهوره. ولكن هل ستُغير هذه الموجة الجديدة من الابتكارات مسار الاقتصاد العالمي؟ وهل ستُحدث تغييراً جذرياً في المشهد التكنولوجي العالمي؟

"ديب سيك": نقطة تحول في مشهد الذكاء الاصطناعي

التأثير العالمي المفاجئ

كان ظهور نموذج "ديب سيك" للذكاء الاصطناعي بمثابة مفاجأةٍ صادمةٍ للجميع. فقد تمكنت الشركة الصينية المُطورة من إنتاج نموذجٍ يُضاهي نظائره الأمريكية من حيث الأداء، لكن بتكلفةٍ أقلّ بكثير، ما أثار ضجةً عالميةً واسعةً، وأدى إلى انخفاضٍ ملحوظٍ في قيمة أسهم الشركات الأمريكية الكبرى في هذا المجال، كما أشارت تقارير "ذا غارديان". هذا النجاح الباهر لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج استراتيجية مدروسة وعمل دؤوب.

التحديات والتغلب عليها

لم تكن رحلة تطوير "ديب سيك" خالية من التحديات. فقد واجهت الشركات الصينية عقباتٍ جمةً نتيجةً للعقوبات التجارية الأمريكية التي فرضت قيوداً على وصولها إلى المكونات والتقنيات الأساسية اللازمة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، خاصةً رقائق "نفيديا" المتطورة. لكنّ الصين، بفضل دعمٍ حكوميٍّ قويٍّ وخبرةٍ هندسية متزايدة، تمكنت من التغلب على هذه العقبات جزئياً من خلال الاعتماد على شركاتها الوطنية، مثل هواوي، وتطوير رقائقها الخاصة.

الاقتصاد الصيني: الذكاء الاصطناعي كمحرك للنمو

دور الحكومة ودعم قاعدة المستخدمين

أكد تشو مين، في تصريحاته خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بتيانجين، على الدور المحوري للحكومة الصينية في دعم هذا التحول التكنولوجي. فقد لعبت الحكومة دوراً أساسياً في توفير التمويل، وتسهيل الوصول إلى الموارد، وتشجيع الابتكار. كما أن حجم قاعدة المستخدمين الضخم في الصين يُشكل ميزةً تنافسيةً هائلةً تساعد على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءةً ودقةً.

التأثير على سوق الأسهم والاقتصاد العالمي

لم يقتصر تأثير "ديب سيك" على المجال التكنولوجي فحسب، بل امتدّ إلى سوق الأسهم والاقتصاد العالمي بشكلٍ عام. فقد عزز نجاح "ديب سيك" الثقة في الأسواق الصينية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا. كما ساهم في زيادة مساهمة الشركات التقنية في الناتج المحلي الإجمالي للصين، حيث ارتفعت هذه المساهمة من 14% في عام 2023 إلى 15% في عام 2024، مع توقعاتٍ ببلوغها 18% بحلول عام 2026، بحسب تقارير بلومبيرغ الاقتصادية.

التحديات المستقبلية: العقوبات التجارية والحرب التكنولوجية

استمرار العقوبات الأمريكية

على الرغم من النجاحات التي حققتها الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا تزال تواجه تحدياتٍ كبيرةً، أبرزها استمرار العقوبات التجارية الأمريكية. فهذه العقوبات تُعيق وصول الشركات الصينية إلى التقنيات والمكونات الأساسية، وتُحدّ من قدرتها على المنافسة في السوق العالمية. ويُتوقع أن تستمر هذه العقوبات لفترةٍ طويلة، مما يُعقّد مسار تطوير الصناعة الصينية للتكنولوجيا المتقدمة.

التأثير على التجارة العالمية

أشار تشو مين إلى أن التعريفات الجمركية الأمريكية أدت إلى تباطؤ النمو في التجارة العالمية خلال العام الحالي. كما توقع ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة خلال شهر أغسطس المقبل، مما يُشير إلى أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة تُلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي بشكلٍ عام. وتُعَدّ هذه التوقعات مؤشراً على التأثيرات البعيدة المدى للتنافس التكنولوجي بين القوتين العظميين.

الخلاصة: مستقبل واعد لكنه محفوف بالتحديات

تُشير التطورات المتلاحقة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين إلى مستقبلٍ واعدٍ للتكنولوجيا الصينية. إلا أن هذه النجاحات لا تخفي التحديات الكبيرة التي تواجهها الصين، أبرزها العقوبات التجارية الأمريكية والحرب التكنولوجية المستمرة. فهل تتمكن الصين من التغلب على هذه التحديات ومواصلة ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي؟ يبقى السؤال مطروحاً للإجابة عليه في الأشهر والسنوات القادمة. فالمشهد التكنولوجي العالمي يشهد تغيراتٍ سريعةً وجذريةً، والصين تُعدّ واحدةً من أبرز لاعبيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى