تحقيق محتمل مع Spotify: بين زيادة الأسعار وانتهاك حقوق الملكية الفكرية

تواجه شركة Spotify، عملاق البث الموسيقي، ضغوطًا متزايدة بعد اتهامها بممارسات تجارية مثيرة للجدل تتعلق بباقة اشتراكها الجديدة، والتي أثيرت حولها تساؤلات قانونية وأخلاقية. فقد طالب عضوين بارزان في مجلس الشيوخ الأمريكي، السناتور مارشا بلاكبيرن والسناتور بن راي لوخان، لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) بفتح تحقيق رسمي ضد الشركة، متهمين إياها بالاحتيال والخداع في تعاملها مع المستخدمين وصناع المحتوى.

اتهامات بالخداع وغياب الشفافية

تدور الاتهامات الرئيسية حول باقة الاشتراك الجديدة التي أطلقتها Spotify، والتي تجمع بين خدمات الموسيقى والكتب الصوتية بسعر أعلى. يُزعم أن الشركة قامت بتحويل العديد من مشتركي باقة Premium القياسية إلى هذه الباقة الجديدة دون موافقتهم الصريحة، وبدون توضيح كافٍ حول التغييرات في السعر والمحتوى. فقد ارتفع سعر الاشتراك الفردي إلى 12 دولارًا شهريًا، واشتراك العائلة إلى 20 دولارًا، مع إضافة 15 ساعة من الكتب الصوتية شهريًا. يُشير منتقدو Spotify إلى أن إلزام المستخدمين بالاشتراك في هذه الباقة الجديدة، مع ضرورة اتخاذ إجراءات يدوية لإلغاء إضافة الكتب الصوتية، يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق المستهلك ويمثل خداعًا صريحًا.

آلية الاشتراك القسرية: نقطة الخلاف الأساسية

تُعتبر آلية الاشتراك القسرية جوهر الخلاف. فبدلاً من تقديم الخيار للمستخدمين للاشتراك في باقة الموسيقى فقط أو الموسيقى مع الكتب الصوتية، قامت Spotify بتحويل المشتركين تلقائيًا إلى الباقة الأعلى سعرًا، مما أثار غضبًا واسعًا بين المستخدمين. يُجادل العديد من المستخدمين أن هذا الأسلوب يفتقر إلى الشفافية، ويُخفي تفاصيل أساسية حول التغييرات في سعر الاشتراك والمحتوى المقدم. يُشير خبراء قانونيون إلى أن هذه الممارسة قد تُشكل انتهاكًا لقوانين حماية المستهلك، خاصة في ظل صعوبة إلغاء إضافة الكتب الصوتية.

انتهاك حقوق الملكية الفكرية وتقليص مدفوعات صناع المحتوى

يُضاف إلى الاتهامات السابقة اتهام Spotify بتقليص المدفوعات المستحقة لصناع المحتوى، بما في ذلك الفنانين وكتاب الكتب الصوتية. يُزعم أن الشركة تستغل قوانين حقوق الملكية الفكرية الأمريكية، التي تسمح بمدفوعات أقل في حالة دمج الخدمة الموسيقية ضمن باقة خدمات أوسع، لتقليل ما تدفعه للناشرين والمؤلفين. هذا الأمر يُثير قلقًا كبيرًا لدى المنظمات التي تُمثل حقوق الفنانين والكتاب، حيث تُشير التقديرات إلى أن هذه التغييرات قد كبدت الناشرين خسائر تقدر بمئات الملايين من الدولارات.

موقف الجمعية الميكانيكية للترخيص (MLC)

لعلّ أبرز مثال على هذا القلق هو دعوى قضائية سابقة رفعتها "الجمعية الميكانيكية للترخيص" (MLC) ضد Spotify، متهمة إياها بدفع تعويضات غير عادلة لصناع الموسيقى. رغم رفض القضية في يناير الماضي، إلا أنها تُبرز مدى حدة الخلاف حول ممارسات Spotify في التعامل مع حقوق الملكية الفكرية. وتُظهر هذه الدعوى، بالإضافة إلى رسالة السناتورين، أن القلق بشأن ممارسات Spotify ليس محصورًا في دوائر محددة، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى أعلى المستويات السياسية والقضائية.

رد Spotify والدفاع عن سياساتها

في المقابل، دافعت Spotify عن سياساتها، مؤكدةً أنها أبلغت المستخدمين قبل شهر من تطبيق زيادة الأسعار، وأنها توفر خطط اشتراك متعددة مع إجراءات إلغاء سهلة. لكن هذا الدفاع لم يُقنع منتقديها، الذين يرون أن الإشعار المسبق لم يكن كافيًا، وأن إجراءات الإلغاء ليست سهلة كما تدّعي الشركة. فإلغاء إضافة الكتب الصوتية يتطلب إجراءات يدوية، وهو ما يُعتبر معقدًا بالنسبة للعديد من المستخدمين. هذا يُبرز صعوبة تحقيق التوازن بين مصالح الشركة و حقوق المستخدمين وصناع المحتوى.

تحليل الخسائر المحتملة للناشرين

تُشير تقديرات "الرابطة الوطنية لناشري الموسيقى" إلى خسائر تقدر بـ 230 مليون دولار للناشرين خلال السنة الأولى فقط من تطبيق التغييرات الجديدة. هذا الرقم الهائل يُبرز حجم المشكلة ويُؤكد خطورة الممارسات التي تتّبعها Spotify. ويُطرح السؤال حول مدى قدرة Spotify على مواصلة هذا النموذج التجاري في ظل الضغوط المتزايدة من قبل الجهات الرقابية والمنظمات التي تُمثل حقوق الفنانين والكتاب.

مستقبل Spotify: بين التحديات والفرص

يُمثل هذا الوضع تحديًا كبيرًا لـ Spotify، التي تواجه خطرًا حقيقيًا بفرض غرامات مالية كبيرة، بالإضافة إلى الضرر الكبير لسمعتها. ففتح تحقيق رسمي من قبل FTC قد يُؤدي إلى تغييرات جذرية في سياسات الشركة، وقد يُجبرها على إعادة النظر في علاقاتها مع صناع المحتوى. في المقابل، تمتلك Spotify فرصة لإصلاح أخطائها السابقة، وتعزيز ثقة المستخدمين وصناع المحتوى من خلال اعتماد سياسات أكثر شفافية وعدلاً. ولكن هذا يتطلب تغييرًا جذريًا في نهجها التجاري، وتبني ممارسات تُراعي حقوق جميع الأطراف المعنية. مستقبل Spotify يعتمد بشكل كبير على قدرتها على التكيف مع هذه التحديات، وتجاوز هذه الأزمة بإصلاحات حقيقية تُعزز الثقة في الشركة وخدماتها.