تسوق ذكي: الذكاء الاصطناعي يدفع عنك!



تجربة تسوق ثورية: الذكاء الاصطناعي مُرشدك الشخصي ومُدير أموالك

تُغيّر التكنولوجيا حياتنا بوتيرةٍ متسارعة، ولعلّ أحدث ثورةٍ تشهدها تجربة التسوق هي دخول الذكاء الاصطناعي بقوةٍ إلى هذا المجال. لم يعد التسوق مجرد عمليةٍ بحثٍ عن منتجاتٍ وشراءٍ لها، بل أصبح رحلةً مُوجهةً بتقنياتٍ ذكيةٍ تُسهّل العملية وتُحسّنها بشكلٍ كبير. سنستعرض في هذا المقال كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تعريف تجربة التسوق، مُسلّطين الضوء على التحديات والفرص التي يُقدمها هذا التحوّل.

من دفاتر الهاتف إلى مساعد الذكاء الاصطناعي

تذكّر كارولين بينيت، البالغة من العمر 67 عاماً، أيام الثمانينيات عندما كانت تبحث عن متاجر السجاد وأصحاب الحرف اليدوية لتجديد منزلها عبر صفحاتٍ صفراءٍ مُتّعبةٍ في دليل الهاتف. واليوم، تُسهّل كارولين هذه العملية باستخدام تطبيقات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، للعثور على بائعي مستلزمات تجديد مطبخها في سان فرانسيسكو. لم تعد كارولين بحاجةٍ للبحث المُضنِي عبر محركات البحث التقليدية، فمساعد الذكاء الاصطناعي يُوفر عليها الوقت والجهد، مُقدّماً لها مقارنةً مُبسّطةً بين المنتجات وخصائصها. تقول كارولين: "أجد هذا التطبيق مُفيداً للغاية، خاصةً في مُقارنة المنتجات من حيث المزايا والمواصفات."

التسوق الذكي: فرصةٌ أم تحدٍّ؟

يُلاحظ ازديادٌ ملحوظٌ في استخدام تطبيقات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي، التي لا تقتصر وظيفتها على توليد النصوص والصور، بل تتجاوز ذلك لتُعيد تشكيل طريقة تعاملنا مع المعلومات، وحتى مع عملية التسوق. تراهن شركات التكنولوجيا الكبرى، وخدمات الدفع الإلكتروني، على قدرة الذكاء الاصطناعي على تغيير طريقة تسوّق المستهلكين جذرياً، بدءاً من البحث عن المنتجات وحتى إتمام عملية الدفع. وتُجري هذه الشركات أبحاثاً مكثّفةً لاستخدام الذكاء الاصطناعي كوكيل تسوقٍ افتراضي، يقوم بوضع الطلبات نيابةً عن المستهلك بعد الحصول على إذنه.

غوغل وأمازون: رؤيةٌ مستقبليةٌ للتسوق

تتخيل شركاتٌ عملاقةٌ مثل غوغل وأمازون مستقبلاً يُصبح فيه التسوق عبر الإنترنت أكثر دقةً وتنبؤاً باحتياجات المستهلكين. لكن هذا يتطلّب ثقةً مُطلقةً من المستهلكين، والتأكيد على حماية خصوصيتهم وضمان دقة النتائج. هنا تكمن التحديات الرئيسية. فقد أصدرت روبوتات الدردشة في بعض الأحيان معلوماتٍ غير صحيحة أو مُضلّلة، مما يُثير قلقاً مُبرّراً لدى المُستهلكين بشأن تسليم بياناتهم الشخصية والمالية للوكلاء الافتراضيين.

الثقة والخصوصية: ركائزٌ أساسيةٌ للنجاح

تُشير راشيل وولف، محللة تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية، إلى قلقٍ واسعٍ بشأن مدى موثوقية هذه الأدوات. تقول وولف: "هناك ترددٌ كبيرٌ في منح الثقة الكاملة لهذه الوكلاء الافتراضيين، خاصةً عندما يتعلّق الأمر بمعاملاتٍ ماليةٍ". هذا يُلقي بظلاله على مستقبل التسوق المدعوم بالذكاء الاصطناعي، فثقة المُستهلك هي الأساس لنجاح هذه التقنية.

تجاربٌ مُتزايدةٌ وتطوّراتٌ مُستمرة

تتزايد تجارب التسوق باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مُتسارع. أعلنت شركة OpenAI مؤخراً عن تجاربها في إضافة ميزاتٍ جديدةٍ للتسوق في تطبيقاتها، مثل عرض صورٍ وأسعارٍ لمنتجاتٍ متعددة، مع روابطٍ مباشرةٍ لشرائها. كما تعاونت شركة Perplexity AI، التي أطلقت ميزة التسوق عبر تطبيق الدردشة الخاص بها، مع شركة فيزا لتحسين تجربة المُستخدم.

المنافسة والتطوير المستمر

تُحاول شركات الذكاء الاصطناعي التفوّق على بعضها البعض، ولا سيما العمالقة مثل غوغل وأمازون، اللتين تُقدّمان أيضاً تطبيقات دردشة ومُساعدين للتسوق مدعومين بالذكاء الاصطناعي. يُشدّد كلا من Perplexity AI وOpenAI على أن المنتجات المُعرضة في تطبيقاتهما ليست إعلاناتٍ بحتة، بل نتائج بحثٍ مدروسة.

غوغل: خطواتٌ جريئةٌ في مجال التسوق الذكي

تُعزّز غوغل ميزات التسوق الذكية في تطبيقاتها، مُنافسةً شركاتٍ مثل OpenAI. أعلنت غوغل مؤخراً عن أداةٍ جديدة مدعومة بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini، ستُتيح للمُستخدمين طرح الأسئلة والبحث عن المنتجات ومُقارنتها مع أنواعٍ أخرى، خلال الأشهر القادمة. وتُضيف غوغل إلى ذلك أكثر من 50 مليار قائمة منتجاتٍ يتم تحديثها باستمرار.

الابتكار واختبار السوق

تُجري غوغل أبحاثاً واختباراتٍ لإعلاناتٍ ضمن تجاربها للتسوق المدعوم بالذكاء الاصطناعي، كما كشفت عن أدواتٍ أخرى مثل تجربة الملابس افتراضياً وشراء المنتجات عند انخفاض أسعارها. كل هذا يُشير إلى تطوّرٍ سريعٍ في هذا المجال.

فيزا: الذكاء الاصطناعي وكيلٌ لشراء المنتجات والخدمات

يتصور مسؤولو شركة فيزا مستقبلاً يُصبح فيه الوكلاء الافتراضيون القادرون على حجز تذاكر الطائرات وغرف الفنادق وغيرها من الخدمات والمنتجات نيابةً عن المُستهلك، بعد موافقته طبعاً. أعلنت فيزا في أبريل الماضي عن مبادرةٍ جديدة لتفعيل هذا المفهوم، مُتعاونةً مع شركات ذكاء اصطناعي كبرى.

رأي المُستهلك: بين التبني والتردد

تُشير الأبحاث إلى أنّ المُستهلكين يُستخدمون فعلاً الذكاء الاصطناعي التوليدي في عمليات التسوق. أفادت شركة Adobe Analytics، بعد استطلاع رأي 5000 مُستهلكٍ أمريكي، أنّ 39% منهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي للتسوق عبر المواقع الإلكترونية، بينما يُخطّط 53% للاستخدام خلال العام الحالي. ويُستخدم الذكاء الاصطناعي في البحث عن المنتجات والتوصيات والمُقارنة بين الأسعار.

اختلاف الأجيال في التبني

أظهر استطلاعٌ آخر أجراه معهد Capgemini للبحوث أنّ 24% من المُستهلكين في 12 دولة استخدموا الذكاء الاصطناعي في التسوق، مع مُعدّلاتٍ أعلى بين جيل Z والألفية مُقارنةً بالأجيال الأكبر سناً. لكن الاستطلاع أشار أيضاً إلى انخفاض مستوى رضا بعض المُستهلكين عن التجربة.

مستقبل التسوق: خياراتٌ مُتعددةٌ ومتكاملة

يُعتبر الذكاء الاصطناعي خياراً آخر من خيارات التسوق المُتعددة التي تشمل التسوق في المراكز التجارية والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي. تُؤكّد كارولين ريبرت، مديرة سياسات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة، على أنّ الذكاء الاصطناعي التوليدي جاء ليبقى، وسيتكيّف تجار التجزئة مع تفضيلات المُستهلكين. تقول ريبرت: "هذا الاتجاه لا يزال في بداياته، وسنرى ما إذا كان سيُصبح اتجاهًا دائماً". يُختتم هذا المقال بالتأكيد على أنّ رحلة التسوق الذكية ما زالت في بدايتها، مع توقعاتٍ بمُستقبلٍ يُعاد فيه تعريف تجربة التسوق بشكلٍ كامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى