ثورة في تطبيقات المواعدة: ذكاء اصطناعي بلمسة إنسانية يغير قواعد اللعبة

سيتش: تطبيق مواعدة جديد يمزج بين التوفيق البشري والذكاء الاصطناعي

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث ثورة في سوق تطبيقات المواعدة؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه تطبيق "سيتش" (Sitch) الجديد، والذي يهدف إلى الاستفادة من خبرة الإنسان في التوفيق بين الأشخاص لتغذية نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص به. في عالم تطبيقات المواعدة الحالي، يعتمد النجاح على سرعة التسجيل وتوفير ملايين الخيارات للمستخدمين. يقوم المستخدمون بإنشاء ملفاتهم الشخصية في ثوانٍ معدودة، وذلك بتحميل الصور والإجابة على أسئلة بسيطة. ثم تعتمد التطبيقات على المعلومات الأساسية والتعليقات المستمدة من عمليات التمرير (Swipes) للعثور على شركاء محتملين. يهدف "سيتش" إلى اتباع نهج أكثر تفكيرًا وشمولية في عملية التسجيل، مستخدمًا نماذج لغوية كبيرة (LLMs) لجلب خبرة الخبراء البشريين في مجال التوفيق بين الأشخاص إلى تجربة تطبيق المواعدة، مما يساعد المستخدمين في العثور على شركاء محتملين دون الحاجة إلى التمرير.

صورة توضيحية

نشأة سيتش: من خبرة الأجداد إلى التكنولوجيا الحديثة

صورة توضيحية

تأسس "سيتش" على يد نانديني مولاجي، التي تستمد خبرتها في مجال المواعدة من جدتها، التي كانت تعمل في مجال التوفيق بين الأشخاص. تقول مولاجي إنه على الرغم من هيمنة شركات مثل "Match" و "Bumble" على هذا المجال، إلا أن المستخدمين لا يزالون غير راضين ولا يحصلون على التطابقات التي يريدونها. "التوفيق بين الأشخاص هو مشكلة بيانات. لقد كنت جيدة في التوفيق بين الأشخاص لأنني كنت أمتلك معلومات أكثر بكثير عن شخصين مقارنة بما يمتلكه تطبيق مواعدة. البيانات الموجودة في تلك التطبيقات غير كافية لتحديد ما إذا كان شخصان سيتوافقان على المدى الطويل"، هذا ما قالته مولاجي.

post date feedback on Sitch

مولاجي، خريجة كلية إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، عملت على العديد من المشاريع المتعلقة بالمواعدة والتعليم، بما في ذلك المشاركة في إطلاق تطبيق "Bumble" في الهند. أما المؤسس المشارك الآخر، تشاد ديبيو، فقد شغل منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا في شبكة التواصل الاجتماعي المجهولة "Whisper" ثم عمل في شركة "Snap". أشارت مولاجي إلى أنه حتى وقت قريب – عندما أصبحت النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) متاحة على نطاق أوسع – كان من الصعب توسيع نطاق تجربة التوفيق بين الأشخاص التي تعتمد على التدخل البشري. أضاف ديبيو أن هدف الشركة الناشئة هو استخلاص البيانات من الملفات الشخصية والصور باستخدام النماذج اللغوية الكبيرة وعرض التطابقات المخصصة.

كيف يعمل سيتش: مزيج من الذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية

بشكل أساسي، قام "سيتش" ببناء نسخة تعمل بالذكاء الاصطناعي من مولاجي، والتي تساعد المستخدمين على التسجيل من خلال طرح تفاصيل عليهم باستخدام ما يقرب من 50 سؤالاً، يمكنهم الإجابة عليها كتابة أو صوتيًا. بعد إعداد ملف تعريف المستخدم، يعرض مساعد المواعدة بالذكاء الاصطناعي التطابقات المقترحة. إذا وافق المستخدمان على التوافق مع بعضهما البعض، يضيفهما الروبوت إلى محادثة جماعية مع الذكاء الاصطناعي. في أي وقت – حتى بعد مواعيدهم في الحياة الواقعية – يمكن للمستخدمين تقديم ملاحظات حول تطابقاتهم لتحسين التخصيص الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي.

"نحن نتفاجأ ونتشوق باستمرار لمدى ثقة المستخدمين بنا فيما يتعلق بما يشاركونه عند التسجيل وعند تقديم الملاحظات لاحقًا"، هذا ما قاله ديبيو. "أعتقد أنهم يشاركون أيضًا بشكل أكثر انفتاحًا لأنهم يعلمون أن هذه البيانات لا يتم مشاركتها علنًا."

قامت الشركة الناشئة في البداية بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها باستخدام أكثر من 75 معلمة للتوفيق بين الأشخاص قدمتها مولاجي، واستفادت من مهاراتها في التوفيق لفهم سبب اعتقادها بأن شخصين سيتوافقان. بعد ذلك، استخدمت الشركة التعليقات الواردة من المستخدمين لتوسيع نطاق نماذجها. لتوليد التطابقات، يحدد "سيتش" السمات المتوافقة والمتعارضة بين ملفين شخصيين.

نموذج عمل سيتش: التركيز على الجودة وليس الكمية

تتقاضى الشركة من المستخدمين رسومًا لكل إعداد (مطابقة)، وتقوم ببيع الإعدادات في حزم من ثلاثة (89.99 دولارًا أمريكيًا)، وخمسة (124.99 دولارًا أمريكيًا)، وثمانية (159.99 دولارًا أمريكيًا). حصل "سيتش" على تمويل بقيمة 5 ملايين دولار من شركتي "M13" و "a16z". قالت آنا باربر، الشريكة في شركة "M13"، إن شركة رأس المال الاستثماري كانت متحمسة لرؤية شركة ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي لبناء تطبيق مواعدة.

"الطريقة التي يبني بها المؤسسون المنتج تتوافق مع كيفية عمل الشخص مع وسيط زواج فعلي. ستتصل بوسيط الزواج قبل وبعد الموعد وتقدم ملاحظات باستمرار. شعرنا أن فكرة توسيع نوع من الخدمة المخصصة لجمهور أوسع بكثير لا يستطيع تحمل تكاليف وسطاء الزواج كانت فكرة رائعة"، هذا ما قالته باربر لـ "TechCrunch" عبر مكالمة هاتفية. "العديد من تطبيقات المواعدة تتصرف بشكل مشابه لألعاب الهاتف المحمول، حيث تحاول إطالة انتباهك أو جعل تجربة المستخدم ممتعة من أجل زيادة المشاركة لأنها تؤدي إلى المزيد من المبيعات. مع "سيتش"، نظرًا لأن المستخدمين يدفعون مقدمًا، لا يتعين على الفريق التركيز على هذه الاختراقات لتحقيق النمو."

سيتش في السوق: التحديات والفرص

يقدم "سيتش" حاليًا خدماته في مدينة نيويورك فقط، ولكنه يخطط للتوسع في مدن أخرى في المستقبل القريب. يواجه التطبيق تحديات كبيرة في سوق تطبيقات المواعدة شديد التنافسية، حيث تهيمن عليه شركات كبيرة مثل "Match Group" و "Bumble". ومع ذلك، فإن نهج "سيتش" الفريد، الذي يجمع بين الخبرة البشرية والذكاء الاصطناعي، قد يمنحه ميزة تنافسية. من خلال التركيز على الجودة بدلاً من الكمية، وتوفير تجربة أكثر تخصيصًا للمستخدمين، يمكن لـ "سيتش" أن يجذب شريحة معينة من المستخدمين الذين يبحثون عن تجربة مواعدة أكثر جدية وذات مغزى.

مستقبل المواعدة: هل الذكاء الاصطناعي هو الحل؟

يثير "سيتش" تساؤلات مهمة حول مستقبل تطبيقات المواعدة. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن تجربة المواعدة ويجعلها أكثر فعالية؟ وهل يمكن للجمع بين الذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية أن يحقق نتائج أفضل من التطبيقات التقليدية التي تعتمد على الخوارزميات وحدها؟

على الرغم من أن الإجابة على هذه الأسئلة لا تزال غير مؤكدة، إلا أن "سيتش" يمثل خطوة واعدة في هذا الاتجاه. من خلال الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجربة المواعدة، وتقديم توصيات أكثر دقة، وتقديم الدعم والمساعدة للمستخدمين، يمكن لـ "سيتش" أن يغير الطريقة التي يجد بها الناس الحب والرفقة.

الخلاصة: نظرة متفائلة نحو المستقبل

بشكل عام، يمثل "سيتش" تطبيقًا مبتكرًا يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والخبرة الإنسانية في مجال المواعدة. من خلال التركيز على الجودة والتخصيص، وتقديم تجربة أكثر شمولية للمستخدمين، يمكن لـ "سيتش" أن يغير الطريقة التي يجد بها الناس شركاء محتملين. على الرغم من أن التطبيق لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه يمتلك القدرة على إحداث تأثير كبير في سوق تطبيقات المواعدة. مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المحتمل أن نشهد المزيد من التطبيقات المماثلة التي تستخدم هذه التكنولوجيا لتحسين تجربة المواعدة وجعلها أكثر فعالية. يبقى أن نرى ما إذا كان "سيتش" سيحقق النجاح الذي يطمح إليه، ولكن من المؤكد أنه يمثل خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر ذكاءً وشمولية في عالم المواعدة.

🔗 مصادر إضافية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى