حظر هواتف المدارس: ضغوط على بريطانيا

ضغوط متزايدة على الحكومة البريطانية لحظر الهواتف الذكية في المدارس: تجربة نيوزيلندا نموذجاً
تتصاعد الدعوات في المملكة المتحدة لتبني إجراءات صارمة بشأن استخدام الهواتف الذكية في المدارس، مستلهمةً من التجربة النيوزيلندية الناجحة. يُواجه رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، ضغوطاً متزايدة من مختلف الأطراف، لتقييم النتائج الإيجابية التي حققها حظر الهواتف في المدارس النيوزيلندية، ودراسة إمكانية تطبيق نموذج مشابه في المملكة المتحدة.
نجاح التجربة النيوزيلندية: نموذج يُحتذى به؟
أثارت وزيرة التعليم النيوزيلاندية، إريكا ستانفورد، حماساً واسعاً بتصريحاتها حول النجاح الباهر لحظر الهواتف الذكية في مدارس نيوزيلندا. ففي مقابلة مع صحيفة "ذا إندبندنت"، أشارت ستانفورد إلى "ردود فعل إيجابية للغاية" من المدارس، مع زيادة ملحوظة في معدلات المشاركة الفعّالة للطلاب في العملية التعليمية، وانخفاض كبير في حالات التنمر الإلكتروني. وقد شكل هذا النجاح دافعاً قوياً لدى الحكومة النيوزيلندية للتخطيط لخطوة أكثر جرأة، وهي فرض حظر على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن السادسة عشر. هذه الخطوة التي تُعدّ سابقة عالمية، تُظهر مدى جدية السلطات النيوزيلندية في حماية الأطفال من المخاطر الرقمية.
الضغوط تتزايد على الحكومة البريطانية
في سياق متصل، تتعرض الحكومة البريطانية بقيادة كير ستارمر لضغوط متصاعدة لتطبيق تدابير مماثلة. فقد دفع حزب المحافظين ومجموعات مدنية عديدة باتجاه تبني حظر على استخدام الهواتف في المدارس، مستشهدين بالتجربة النيوزيلندية كبرهان على فعالية هذا الإجراء. يُذكر أن نيوزيلندا قد طبقت الحظر في أبريل 2024، ليشمل جميع المدارس الحكومية، مع إعطاء المدارس بعض الاستقلالية في كيفية تنفيذ الحظر.
رفض الحكومة البريطانية ومواقف المعارضة
على الرغم من الضغوط، رفضت الحكومة البريطانية مؤخراً اقتراحاً من حزب المحافظين لإضافة تعديل على مشروع قانون رفاهية الأطفال والمدارس، كان سيُلزم المدارس بحظر استخدام الهواتف خلال اليوم الدراسي. وقد وصف رئيس الوزراء ستارمر هذا التعديل بأنه "غير ضروري على الإطلاق"، معتبراً أن "كل مدرسة تقريباً" تطبق حظراً ذاتياً على الهواتف. لكن زعيمة حزب المحافظين، كيمي بادينوخ، عارضت هذا الرأي بشدة، مؤكدةً أن هذا الادعاء غير دقيق، وقائلةً: "رئيس الوزراء مُخطئ: ليست كل المدارس تفعل ذلك. مدرسة واحدة فقط من كل عشر مدارس خالية من الهواتف الذكية".
تفاصيل حظر الهواتف في نيوزيلندا: الاستثناءات والتحديات
يُلزم الحظر النيوزيلندي إبقاء الهواتف المحمولة مغلقة خلال أوقات الدوام المدرسي، مع إمكانية استخدامها فقط لأغراض تعليمية محددة، أو في حالات استثنائية للطلاب الذين يحتاجون إلى هواتفهم لأسباب صحية أو تعليمية خاصة. وتتولى المدارس تحديد آليات تطبيق الحظر، مع توفير طرق بديلة للوالدين للتواصل مع أطفالهم، مثل التوجه إلى مكتب المدرسة. يُلاحظ أن هذا النظام يُعول بشكل كبير على التعاون بين المدارس، الطلاب، والأولياء.
التحديات التقنية والاجتماعية
يُطرح سؤال حول إمكانية تطبيق مثل هذا الحظر في المملكة المتحدة، خصوصاً مع الاختلافات في البنية التحتية التقنية والثقافية بين البلدين. فهل تستطيع المملكة المتحدة توفير بدائل فعالة للتواصل بين الطلاب وآبائهم؟ وكيف سيتم التعامل مع الطلاب الذين يعتمدون على هواتفهم لأسباب صحية أو لوجستية؟ هذه بعض التحديات التي يجب معالجتها قبل اتخاذ قرار بفرض حظر مشابه في المملكة المتحدة. كما يجب التأكد من أن أي حظر لا يُسبب فجوة رقمية بين الطلاب، ولا يُؤثر سلباً على فرص تعليمهم.
الخلاصة: نحو قرار مدروس
تُظهر التجربة النيوزيلندية إمكانية تحقيق نتائج إيجابية من خلال حظر الهواتف الذكية في المدارس، لكن تطبيق مثل هذا الحظر في المملكة المتحدة يتطلب دراسة متأنية للمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المحلية. يجب أن يكون أي قرار مدروساً ويأخذ في الاعتبار جميع الجوانب، بما في ذلك التحديات التقنية والاجتماعية المرتبطة به. فهدف الحظر هو تحسين البيئة التعليمية وليس إثارة جدل جديد.