ذكاء اصطناعي يوفر أسبوعين عطلة!

ثورة الذكاء الاصطناعي: توفير أسبوعين عمل سنويًا لموظفي الحكومة البريطانية

أحدثت دراسة حديثة أجريت في المملكة المتحدة ثورةً في طريقة تفكيرنا حول استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع العام. فقد كشفت التجربة عن قدرة أدوات الذكاء الاصطناعي على توفير وقتٍ ثمينٍ لموظفي الخدمة المدنية، مما يُعزز الإنتاجية ويُحقق وفورات مالية كبيرة. تُفصّل هذه المقالة تفاصيل هذه التجربة الرائدة وتأثيرها المحتمل على مستقبل العمل الحكومي.

أسبوعان إضافيان من الإجازة: نتائج مذهلة لتجربة "Copilot"

أظهرت التجربة التي شارك فيها أكثر من 20 ألف موظف حكومي بريطاني على مدار ثلاثة أشهر، نتائج مُذهلة. استخدم المشاركون مساعد الذكاء الاصطناعي "Copilot" من مايكروسوفت، ليُساعدهم في مهامهم اليومية، بدءًا من صياغة الوثائق والتقارير، ووصولاً إلى تلخيص اجتماعات العمل. وقد أظهرت النتائج أن استخدام "Copilot" وفّر للموظفين ما يُقارب 26 دقيقة يوميًا، أي ما يعادل أسبوعين كاملين من وقت العمل سنويًا! هذا التوفير الكبير في الوقت يُترجم إلى زيادة في الإنتاجية وتقليل الضغط على الموظفين. وقد نُشرت هذه النتائج في تقريرٍ لصحيفة فاينانشيال تايمز، مُلفتةً انتباه العالم إلى إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة العمل الحكومي.

خطة الحكومة البريطانية: وفورات مالية ضخمة وتحديث للقطاع العام

تسعى الحكومة البريطانية بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، إلى تحقيق وفورات مالية ضخمة تصل إلى 45 مليار جنيه إسترليني من خلال تحديث القطاع العام بالاعتماد على التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي. وتُعتبر هذه التجربة خطوةً أساسيةً في تحقيق هذه الخطة الطموحة. فقد أظهرت الدراسة بوضوح إمكانية تحقيق وفورات كبيرة من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.

التطبيقات العملية: من هيئة تسجيل الشركات إلى وزارة العمل والمعاشات

لم تقتصر تجربة استخدام "Copilot" على مهام إدارية عامة. فقد استخدمته موظفو هيئة تسجيل الشركات (Companies House) للتعامل مع استفسارات العملاء الروتينية، وصياغة الردود، وتحديث السجلات بكفاءة عالية. كما استخدمه موظفو وزارة العمل والمعاشات لتقديم نصائح شخصية للباحثين عن عمل، مما يُعزز من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. وقد أظهرت النتائج أن الأداة كانت أكثر فاعلية في صياغة المستندات والعروض التقديمية، حيث وفرت ما يقارب 24 و 19 دقيقة يوميًا على التوالي.

التحديات والآراء المتباينة: مخاوف بشأن الثغرات والتشريعات

على الرغم من النتائج الإيجابية، إلا أن بعض الخبراء حذروا من وجود ثغراتٍ في تقنية الذكاء الاصطناعي قد تجعلها غير مناسبة تمامًا للعمل الحكومي. كما أثارت خطوة الحكومة لتخفيف قوانين حقوق النشر لتشجيع الاستثمار الأجنبي في مجال الذكاء الاصطناعي، انتقاداتٍ شديدة من مجموعات الصناعات الإبداعية البريطانية. فقد عبر البعض عن قلقهم من التأثيرات المحتملة على الملكية الفكرية.

رأي الموظفين: قبول واسع واستخدام مستقبلي

أعرب 82% من موظفي الخدمة المدنية المشاركين في التجربة عن رضاهم التام عن أدوات الذكاء الاصطناعي، وأبدوا رغبتهم في الاستمرار في استخدامها. هذه النسبة العالية تُشير إلى قبول واسع لهذه التقنية بين الموظفين، مما يُعزز من فرص نجاح استراتيجية الحكومة في تبني الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع. مع ذلك، يجب مراعاة أن 17% من المشاركين لم يلاحظوا أي توفير في الوقت باستخدام الأداة، مما يُبرز الحاجة إلى دراسة أكثر شمولاً لفهم العوامل التي تؤثر على كفاءة استخدام هذه التقنيات.

دراسة معهد آلان تورينغ: إمكانيات واسعة للذكاء الاصطناعي في القطاع العام

أكد تقرير منفصل صادر عن معهد آلان تورينغ، وهو هيئة بحثية مرموقة مدعومة من الحكومة البريطانية، إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم ما يصل إلى 41% من المهام في القطاع العام. وقد أشار التقرير تحديدًا إلى أن المعلمين هم الفئة التي ستستفيد أكثر من غيرها من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تخطيط الدروس. هذا يُشير إلى أهمية استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات الخدمة العامة.

الخلاصة: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي

تُظهر هذه الدراسة بصورةٍ قاطعةٍ إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة العمل الحكومي وتحقيق وفوراتٍ ماليةٍ كبيرة. على الرغم من وجود بعض التحديات والمخاوف، إلا أن النتائج المُبهرة للتجربة تُشير إلى مستقبلٍ واعدٍ لتبني هذه التقنيات في القطاع العام، مما يُسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. لكن يجب مراعاة التوازن بين الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي والتعامل مع التحديات المُحتملة بشكلٍ حذرٍ ومُنظم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى