ذكاء اصطناعي يُضاعف زيارات المواقع

ارتفاع هائل في زيارات روبوتات الذكاء الاصطناعي للمواقع الإلكترونية: تحديات وفرص
20 يونيو 2025
آخر تحديث: 14:22 (توقيت مكة المكرمة)
الذكاء الاصطناعي يغزو الإنترنت: زيادة هائلة في زيارات الروبوتات
شهد العالم الرقمي مؤخراً طفرةً غير مسبوقة في استخدام روبوتات الاسترجاع (Web Scrapers) التابعة لأدوات الذكاء الاصطناعي، مما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير هذه التقنية على صناعة المحتوى الرقمي. وقد كشفت شركة "تول بت" (Toolbit) في تقريرٍ مُشترك مع صحيفة "واشنطن بوست" عن ارتفاعٍ مذهل في معدل زيارات هذه الروبوتات للمواقع الإلكترونية، متجاوزاً الضعف خلال فترة زمنية قصيرة. ويُبرز هذا التقرير تغيراتٍ جوهرية في طبيعة استهلاك المحتوى الرقمي وتحدياتٍ جديدة تواجه الناشرين ومُنشئي المواقع.
كيف تعمل روبوتات الاسترجاع؟
تُستخدم روبوتات الاسترجاع من قِبل أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة، بدءاً من محركات البحث المتطورة ووصولاً إلى مساعدات الكتابة الآلية، لجمع البيانات من المواقع الإلكترونية. تتميز هذه الروبوتات بقدرتها على قراءة وفهم النصوص بسرعةٍ فائقة تفوق بكثير سرعة القراءة البشرية. بعد جمع المعلومات، تقوم هذه الروبوتات بتحليلها وتلخيصها، مُقدمةً إياها للمستخدمين في شكلٍ مُلخص ومُنسق. وهذا ما يُفسّر الزيادة الكبيرة في طلبات الوصول إلى المحتوى الرقمي، خاصةً من مواقع الأخبار ومنافذ النشر الكبرى. ولكن، تُثير هذه العملية تساؤلاتٍ حول حقوق الملكية الفكرية واستخدام المحتوى دون إذن.
ارتفاعٌ مُذهل يفوق التوقعات
يُشير تقرير "واشنطن بوست" و"تول بت" إلى ارتفاعٍ هائل في زيارات روبوتات الاسترجاع، حيث تجاوز هذا المعدل 2.5 مرة بين الربع الأخير من عام 2024 والربع الأول من عام 2025. ويُعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، أبرزها:
تطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي: أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة أكثر قدرة على "التفكير" والاستنتاج، مما يُمكّنها من استخراج معلوماتٍ أكثر دقةً وشموليةً من المواقع الإلكترونية.
انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي: شهد العالم انتشاراً واسعاً لأدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على روبوتات الاسترجاع، مما زاد من حجم الطلب على البيانات الرقمية.
تزايد الاعتماد على المحتوى الرقمي: أصبح الاعتماد على المحتوى الرقمي أكثر شيوعاً في مختلف مجالات الحياة، مما يُزيد من حجم البيانات التي تحتاجها أدوات الذكاء الاصطناعي.
تحدياتٌ تواجه الناشرين ومُنشئي المواقع
يُثير هذا الارتفاع الهائل في زيارات الروبوتات قلقاً بين الناشرين ومُنشئي المواقع الإلكترونية، خاصةً مع صعوبة التعرف على هذه الزيارات في بعض الأحيان. فقد أشار توشيت بانيجراهي، المدير التنفيذي ومُؤسس شركة "تول بت"، إلى أن هذه الروبوتات قد لا تظهر في إحصائيات الزيارات المعتادة، مما يُخفي تأثيرها الحقيقي.
هل يُهدد الذكاء الاصطناعي المحتوى الرقمي؟
بينما يُثير هذا الارتفاع قلقاً من انخفاض عدد الزيارات البشرية الفعلية للمواقع، يُؤكد بانيجراهي على أهمية النظر إلى الجانب الإيجابي لهذه التقنية. فقد ساهم انتشار الذكاء الاصطناعي في زيادة انتشار المحتوى ورؤيته من قِبل جمهورٍ أوسع. فروبوتات الاسترجاع تساعد على نشر المعلومات وتسهيل وصولها إلى المستخدمين بطرقٍ مُبتكرة.
استراتيجياتٌ جديدة للتكيّف مع الواقع الجديد
يُشدد بانيجراهي على ضرورة تطوير استراتيجيات جديدة لإنشاء المحتوى الرقمي، بحيث لا يقتصر التركيز على جذب المستخدم البشري فقط، بل يجب أيضاً الاهتمام باحتياجات روبوتات الذكاء الاصطناعي. ويُوصي باستخدام تقنيات متقدمة لتحسين جودة المحتوى وإتاحته بطريقةٍ تُسهّل على هذه الروبوتات فهمها واستخراج المعلومات المطلوبة. كما يُشدد على أهمية الاستثمار في تقنيات حماية المحتوى من السرقة والإساءة إلى حقوق الملكية الفكرية.
المستقبل: تعايش بين الإنسان والذكاء الاصطناعي
يُمثل الارتفاع الهائل في زيارات روبوتات الذكاء الاصطناعي تحولاً كبيراً في العالم الرقمي. ويُشير إلى ضرورة تكيّف الناشرين ومُنشئي المواقع مع هذا الواقع الجديد، من خلال تبني استراتيجيات متطورة لإنشاء المحتوى وحمايته. ولا يُمكن التنبؤ بالتأثيرات المستقبلية لهذه التقنية بشكلٍ دقيق، لكن من المُؤكد أن التعايش بين الإنسان والذكاء الاصطناعي سيكون مُحورياً في تشكيل مستقبل المحتوى الرقمي. ويجب أن يُركز الجهود على استغلال إمكانيات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى ونشره بشكلٍ أكثر فعالية، مع الالتزام بمعايير الأخلاقيات وحماية حقوق الملكية الفكرية. ويبقى التحدي الأكبر هو إيجاد التوازن بين الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي والحفاظ على جودة المحتوى البشري والحفاظ على تجربة المستخدم البشري كمركز لأي استراتيجية رقمية ناجحة.