رئيس بروصوص: الهند.. رهان تكنولوجي ضخم

رهان بروسوس على النمو التكنولوجي الهائل في الهند: قصة نجاح مُحتملة
تراهن شركة بروسوس، أحد أكبر مستثمري التكنولوجيا عالميًا، على الهند كمحرك رئيسي لنموها المستقبلي. فبعد نجاحها الباهر في الصين، ترى الشركة في السوق الهندية فرصة استثمارية استثنائية، قادرة على تكرار، بل وتجاوز، نجاحها السابق. وفي هذا التحليل، سنستعرض استراتيجية بروسوس في الهند، ومدى واقعية توقعاتها، والتحديات التي قد تواجهها.
بروسوس والهند: استثمار ضخم وتوقعات طموحة
أعلن فابريسيو بلويسي، الرئيس التنفيذي لشركة بروسوس، عن توقعاته بظهور شركة هندية تقنية بقيمة 100 مليار دولار في السنوات القادمة. وتُعد هذه التوقعات جرئية، لكنها مدعومة باستثمارات ضخمة من الشركة في السوق الهندية، والتي تقدر بحوالي 10 مليارات دولار. يشبه بلويسي هذا الاستثمار بما قامت به بروسوس في الصين قبل 14 عامًا، حيث حققت عائدات هائلة من استثمارها في عملاق التكنولوجيا الصيني "تينسنت".
درس "تينسنت": نموذج يُحتذى به
تُعتبر قصة استثمار بروسوس في تينسنت مثالًا ناجحًا يُلهم استراتيجيتها في الهند. فقد استحوذت الشركة الأم لبروسوس، "ناسبرز"، على حصة تقارب 50% في تينسنت عام 2001 بمبلغ 32 مليون دولار فقط. اليوم، تبلغ قيمة تلك الحصة مليارات الدولارات، في ظل تقييم يصل إلى 600 مليار دولار لـ"تينسنت" – الشركة الأم لتطبيق "وي تشات" الشهير. وتُظهر هذه القصة قدرة بروسوس على تحديد الشركات الناشئة الواعدة في وقت مبكر، والتحلي بالصبر لتحقيق عائدات ضخمة على المدى الطويل.
استثمارات بروسوس في الهند: قطاعات رئيسية
تُركز بروسوس استثماراتها في الهند على قطاعات تكنولوجية حيوية، بما في ذلك:
خدمات الدفع: حيث تستثمر في "PayU"، وهي منصة دفع إلكترونية رائدة في الهند.
التجارة الإلكترونية: مع استثماراتها في "Meesho"، منصة التجارة الإلكترونية التي تركز على السوق المحلي.
توصيل الطعام: حيث تمتلك بروسوس حصة تقل قليلاً عن 25% في "Swiggy"، وهي منصة توصيل الطعام التي أُدرجت في البورصة مؤخرًا.
تُمثل هذه الاستثمارات ركائز أساسية في استراتيجية بروسوس، التي تهدف إلى بناء "أنظمة بيئية" متكاملة على غرار ما حققته تينسنت في الصين.
إستراتيجية الأنظمة البيئية: مفتاح النجاح في الهند
تعتمد استراتيجية بروسوس على مفهوم "الأنظمة البيئية"، وهو ما يعني الاستثمار في شركات مترابطة تعمل معًا لتقديم خدمات متكاملة. هذا النموذج مشابه لما قامت به شركات عملاقة مثل "مايكروسوفت" و"جوجل" و"ميتا" في الولايات المتحدة، و"تينسنت" في الصين. فبدلاً من التركيز على منتج واحد فقط، تستثمر بروسوس في شركات تُكمل بعضها البعض، وتُسهل التعاون والتكامل بينها. وهذا يُعزز من فرص النمو ويزيد من قيمة كل شركة على حدة.
التوسع العالمي: أوروبا وأمريكا اللاتينية
لا تقتصر استراتيجية بروسوس على الهند فقط. فالشركة تستثمر بنشاط في أسواق أخرى واعدة، مثل أوروبا وأمريكا اللاتينية. وفي أمريكا اللاتينية، تملك بروسوس حصصًا في شركات رائدة في قطاعات توصيل الطعام ("iFood" في البرازيل)، والسفر عبر الإنترنت ("Despegar")، وسوق الإنترنت ("OLX Brasil"). وتُشير هذه الاستثمارات إلى ثقة بروسوس في قدرتها على تطبيق استراتيجيتها الناجحة في أسواق متنوعة.
الاستحواذ على "جاست إيت تيك": خطوة استراتيجية في أوروبا
في خطوة تعكس طموحات بروسوس، قدمت الشركة عرضًا للاستحواذ على "جاست إيت تيك"، منصة توصيل الطعام العملاقة في أوروبا. وتُظهر هذه الصفقة التزام بروسوس بتوسيع نطاق عملياتها في السوق الأوروبية، وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في قطاع توصيل الطعام عالميًا. والتي أعلنت بروسوس رسميًا يوم الإثنين بدء إجراءات الحصول على الموافقات اللازمة من المفوضية الأوروبية لإتمام الصفقة.
التحديات والفرص: نظرة مستقبلية
على الرغم من التوقعات الإيجابية، فإن بروسوس تواجه بعض التحديات في الهند. فالمنافسة شديدة في السوق الهندية، والتغيرات التنظيمية قد تؤثر على أعمال الشركات التي تستثمر فيها بروسوس. إلا أن النمو الهائل في السوق الهندية، وإمكانية الوصول إلى شريحة كبيرة من السكان، يُوفر فرصًا استثنائية للبروسوس لتحقيق أهدافها الطموحة. فنجاح بروسوس في الهند سيعتمد بشكل كبير على قدرتها على التكيف مع الظروف المحلية، وفهم احتياجات السوق، وبناء علاقات قوية مع الشركات الناشئة الهندية. وبالتالي، تظل مغامرة بروسوس في الهند قصة مُثيرة للانتظار، والتي قد تُعيد كتابة قصة الاستثمار في قطاع التكنولوجيا العالمي.