سابي الأفريقية تتخلى عن التجارة الإلكترونية وتركز على تصدير السلع: تحول جذري بعد جمع 38 مليون دولار

سابي: شركة التجارة الإلكترونية الأفريقية تتحول نحو تصدير السلع وتُعيد هيكلة فريق العمل
شهدت شركة سابي (Sabi)، وهي شركة أفريقية ناشئة متخصصة في التجارة الإلكترونية بين الشركات (B2B)، تحولاً استراتيجياً كبيراً في الآونة الأخيرة، حيث قامت بتسريح حوالي 20% من موظفيها، أي ما يقرب من 50 موظفاً، مع التركيز على قطاع جديد واعد: تصدير السلع القابلة للتتبع. يأتي هذا التحول في أعقاب جمع الشركة لتمويل كبير بقيمة 38 مليون دولار أمريكي، مما يسلط الضوء على ديناميكيات قطاع التكنولوجيا المتغيرة في القارة الأفريقية.
من تجارة التجزئة إلى تصدير السلع: تحول استراتيجي في قلب سابي
بدأت سابي، التي تأسست في لاغوس، نيجيريا عام 2020، كمنصة برمجية تهدف إلى مساعدة تجار التجزئة غير الرسميين على رقمنة عملياتهم التجارية، خاصة في ظل التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19. وقد سمحت هذه المنصة للتجار بإدارة المخزون والمبيعات بكفاءة أكبر، مما ساهم في نموهم خلال فترة عصيبة.
مع مرور الوقت، توسعت سابي لتشمل سوقاً للمنتجات الاستهلاكية سريعة الحركة (FMCG)، مع دمج خدمات التمويل. وقد شهدت الشركة نمواً سريعاً، حيث توسعت عملياتها لتشمل نيجيريا وكينيا. وبحلول منتصف عام 2023، ادعت سابي أنها تخدم أكثر من 300,000 تاجر وحققت حجم معاملات إجمالي سنوي (GMV) قدره مليار دولار أمريكي.
هذا الزخم القوي ساعد سابي على تأمين جولة تمويل من الفئة B بقيمة 38 مليون دولار أمريكي، وتقييم للشركة بلغ 300 مليون دولار أمريكي. ومع ذلك، واجهت سابي، مثل العديد من الشركات الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية بين الشركات في أفريقيا، تحديات هيكلية كبيرة. وشملت هذه التحديات هوامش الربح الضئيلة، والحاجة إلى رأس مال كبير، وصعوبة تحقيق اقتصاديات الوحدة.
مواجهة التحديات وإعادة التفكير في النموذج: لماذا هذا التحول؟
على الرغم من هذه التحديات، حافظت سابي على نموذج عمل خفيف الأصول، مما سمح لها بالحفاظ على الربحية. ومع ذلك، كان من الواضح أن هناك تحولاً في السوق. وفي مارس الماضي، أطلقت الشركة خطاً تجارياً جديداً يسمى TRACE (Technology Rails for African Commodity Exchange)، إلى جانب أعمالها في مجال المنتجات الاستهلاكية سريعة الحركة.
يهدف هذا الخط التجاري الجديد إلى استهداف صادرات المعادن والمنتجات الزراعية، مثل الليثيوم والكوبالت والقصدير والمحاصيل النقدية. يشهد المشترون العالميون لهذه السلع طلباً متزايداً على الشفافية والامتثال لمعايير البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة (ESG)، بالإضافة إلى إمكانية تتبع السلع.
TRACE: رهان سابي على مستقبل التجارة الأفريقية
أعلنت سابي أنها تقوم الآن بتصدير أكثر من 20,000 طن من هذه السلع شهرياً إلى مشترين في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. وقد افتتحت الشركة أيضاً عمليات في الولايات المتحدة وعينت كبار المسؤولين لدعم هذا التوسع.
في بيان رسمي، قالت سابي: "تدخل سابي فصلها التالي، مع التزام مركّز بتجارة السلع وإمكانية التتبع للعملاء العالميين. نحن نضاعف جهودنا في الجزء من أعمالنا الذي يشهد أكبر قدر من الطلب، بناءً على الأساس القوي الذي وضعناه منذ عام 2021 من خلال دعم التجار الأفارقة ونموهم. وللتوافق مع هذا الزخم، اتخذنا القرار الصعب بإعادة هيكلة بعض أجزاء فريقنا".
إعادة الهيكلة: خطوة ضرورية للتكيف مع التغيرات
يأتي قرار إعادة الهيكلة في سياق أوسع، حيث تسعى منصات التجارة غير الرسمية في أفريقيا إلى تحقيق الاستدامة. تظهر سابي أن التحول إلى لعب دور في البنية التحتية للتجارة العالمية أمر ممكن. في حين أن هذه الاستراتيجية توفر هوامش ربح أعلى ومسارات أوضح للربحية، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى تغييرات داخلية، كما يتضح من إعادة هيكلة سابي.
تحليل معمق: ما الذي يعنيه هذا التحول لقطاع التكنولوجيا الأفريقي؟
يعكس تحول سابي اتجاهاً أوسع في قطاع التكنولوجيا الأفريقي، حيث تتجه الشركات الناشئة نحو نماذج أعمال أكثر استدامة وربحية. يمثل التركيز على تصدير السلع القابلة للتتبع فرصة كبيرة للشركات الأفريقية، حيث يزداد الطلب العالمي على هذه السلع.
يوفر هذا التحول أيضاً فرصة للشركات الأفريقية للمساهمة في التنمية المستدامة للقارة. من خلال تتبع السلع وضمان الامتثال لمعايير ESG، يمكن للشركات الأفريقية المساعدة في مكافحة الفساد والاستغلال، وتعزيز الممارسات التجارية العادلة.
التحديات والفرص: ما الذي ينتظر سابي؟
بالتأكيد، يواجه هذا التحول تحديات. سيتعين على سابي بناء علاقات قوية مع الموردين والمشترين، والتأكد من أن لديها البنية التحتية اللازمة لتتبع السلع وتلبية متطلبات الامتثال. بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج الشركة إلى إدارة عملية إعادة الهيكلة بعناية لضمان الحفاظ على معنويات الموظفين والاحتفاظ بأفضل المواهب.
ومع ذلك، فإن الفرص كبيرة. يمكن لسابي أن تصبح لاعباً رائداً في سوق تصدير السلع الأفريقية، مما يساعد على ربط المنتجين الأفارقة بالأسواق العالمية. يمكن للشركة أيضاً أن تستفيد من التكنولوجيا لتعزيز الشفافية والكفاءة في سلسلة التوريد، مما يعود بالنفع على جميع أصحاب المصلحة.
مستقبل سابي: نظرة إلى الأمام
يبدو أن سابي في طريقها إلى فصل جديد ومثير. من خلال التركيز على تصدير السلع القابلة للتتبع، فإنها تضع نفسها في موقع جيد للاستفادة من النمو المتزايد في هذا السوق. على الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن الشركة لديها فريق قوي، وتكنولوجيا متطورة، ورؤية واضحة للمستقبل.
سيكون من المثير للاهتمام متابعة تطور سابي في السنوات القادمة، ومعرفة كيف ستساهم في نمو قطاع التكنولوجيا الأفريقي، وكيف ستساعد في تعزيز التجارة المستدامة في القارة. إن تحولها يمثل دراسة حالة مهمة للشركات الناشئة الأفريقية الأخرى، ويوفر رؤى قيمة حول كيفية التكيف مع التغيرات في السوق وتحقيق النجاح على المدى الطويل.