سوف تصدر Labs Colossal أصوات الذئاب القاسية عواء “في وقت لاحق من هذا العام” ، كما يقول المؤسس “

مختبرات كولو سال: عواء الذئاب الرهيبة يعود صداه قريباً!
مقدمة: شهد العالم مؤخراً إعلاناً مثيراً من مختبرات كولو سال (Colossal Labs)، الشركة الرائدة في مجال إعادة إحياء الأنواع المنقرضة، عن قرب إطلاق مشروع صوتي بيئي يضمّ عواء الذئاب الرهيبة (Dire Wolves). هذا الإعلان، الذي جاء على لسان بن لام (Ben Lamm)، مؤسس الشركة الملياردير، خلال مشاركته في مؤتمر ساوث باي ساوث ويست (SXSW) بلندن، أثار جدلاً واسعاً بين المتفائلين والمتشككين على حد سواء. فهل حقاً تمكنت كولو سال من "إعادة" هذا النوع المنقرض منذ أكثر من 10 آلاف عام؟ وما هي التحديات التقنية والأخلاقية التي تواجه هذه التقنية؟ دعونا نتعمق في هذا الموضوع المثير.
الذئب الرهيب: من أسطورة تلفزيونية إلى حقيقة علمية؟
ارتبط اسم الذئب الرهيب في أذهان الكثيرين بمسلسل "صراع العروش" الشهير، حيث ظهرت هذه الكائنات الأسطورية كرمز للقوة والولاء. لكنّ الحقيقة أن الذئاب الرهيبة كانت موجودة بالفعل، وقد انقرضت منذ العصر الجليدي الأخير. وتعتبر هذه الحيوانات أكبر من الذئاب الرمادية المعاصرة، مما يجعلها موضوعاً مثيراً للاهتمام للباحثين في مجال علم الوراثة القديمة. لقد لعب مسلسل "صراع العروش" دوراً كبيراً في إعادة إحياء الاهتمام العام بهذه الكائنات، حتى أن الممثلة صوفي ترنر (Sophie Turner)، التي لعبت دور سانسا ستارك في المسلسل، اعترفت خلال اللقاء مع بن لام بأنها كانت تعتقد أن الذئاب الرهيبة مجرد مخلوقات أسطورية.
تقنية إعادة الإحياء: بين الواقع والخيال
تعتمد مختبرات كولو سال على تقنية متقدمة في مجال الهندسة الوراثية لتحقيق هدفها في إعادة إحياء الأنواع المنقرضة. وتتمثل هذه التقنية في تعديل جينات الذئاب الرمادية الحالية لإنتاج ذئاب تحمل خصائص الذئب الرهيب المنقرض. ولكن، يجب التنويه إلى أن هذه العملية ليست بمثابة "إعادة إحياء" بالمعنى الحرفي للكلمة، بل هي عملية إعادة هندسة وراثية لإنتاج كائن حيّ جديد يحمل صفات مشابهة للنوع المنقرض. وهذا ما أثار انتقادات واسعة من قبل بعض العلماء، الذين يرون أن هذه الذئاب ليست سوى ذئاب رمادية معدّلة وراثياً.
مشروع الصوتيات الحيوية: استماع إلى عواء الماضي
أعلن بن لام عن مشروع صوتي بيئيّ يهدف إلى توثيق أصوات عواء الذئاب الرهيبة، وهو مشروع يعتبر فريداً من نوعه في مجال دراسة سلوك الحيوانات. سيتمّ تسجيل عواء الذئاب الرهيبة و تحليله باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والتي ستساعد في فهم "اللغة" الخاصة بالذئاب، وتحديد أنماط مشاعرها المختلفة من خلال نبرة ونغمة العواء. وقد أشار لام إلى أن هذه الذئاب بدأت بعواءها في عمر ثلاثة أسابيع فقط، مستجيبة لأصوات البشر وحتى لأصوات البوم! وذلك دليل على قدرتها على التفاعل مع البيئة المحيطة بها. ومن المتوقع أن يُطلق هذا المشروع خلال العام الحالي، ليُتيح للجمهور فرصة استماع إلى أصوات هذه الكائنات الأسطورية.
تربية الذئاب الرهيبة: تحديات بيئية وأخلاقية
تعيش الذئاب الرهيبة التي أنتجتها كولو سال في محمية طبيعية مساحتها 2000 فدان، يُحاط موقعها بسرية تامة. ويُذكر أن المحمية مُجهزة بمستشفى بيطريّ، وفرق رعاية وأمن على مدار الساعة. ويعمل فريق كولو سال على تدريب هذه الذئاب على مهارات اجتماعية تساعدها على البقاء على قيد الحياة في البرية، وقد أشار لام إلى أنها بدأت بممارسة بعض أساليب الصيد الخفيف داخل المحمية. وتُعتبر عملية تربية هذه الذئاب وتأقلمها مع بيئتها من أهمّ التحديات التي تواجهها الشركة. فإطلاقها في البرية يُثير تساؤلات حول تأثيرها على النظام البيئي، وكيفية تفاعلها مع الأنواع الأخرى من الحيوانات. كما تثير هذه التجربة أسئلة أخلاقية حول حق الإنسان في التلاعب بالطبيعة، وتداعيات هذه التقنيات على المستقبل.
استثمارات ضخمة وآمال كبيرة
لم يقتصر اهتمام العالم على الجانب العلمي لهذه التجربة، بل امتدّ أيضاً إلى الجانب الاقتصادي. فقد استقطبت كولو سال استثمارات ضخمة، حيث أعلنت مؤخراً عن جولة تمويل بقيمة 200 مليون دولار، لتصل قيمتها السوقية إلى 10.2 مليار دولار. ويُظهر هذا الاهتمام الكبير من قبل المستثمرين الثقة في قدرة كولو سال على تحقيق المزيد من الإنجازات في مجال الهندسة الوراثية، وتطوير تقنياتها في إعادة إحياء الأنواع المنقرضة. وتخطط الشركة لإعادة إحياء أنواع أخرى من الحيوانات المنقرضة، مثل النمور التسمانية وطيور الدودو. وقد حققت الشركة نجاحاً ملحوظاً في تعديل جينات الفئران لإنتاج فراء يشبه فراء الماموث، في غضون شهر واحد فقط!
الديناصورات: هل هي الخطوة التالية؟
لا يخفى على أحد أن سؤال إعادة إحياء الديناصورات يُثير فضول الكثيرين، وقد طرحت صوفي ترنر هذا السؤال على بن لام خلال اللقاء. وقد أجاب لام بأنّ الشركة لا تُركز على هذا الأمر حالياً، نظراً لتعقيدات هذه العملية الهائلة. لكنّه أشار إلى إمكانية وجود تحديثات جديدة قريباً، ربما تتعلق بإعادة إحياء طيور الدودو خلال فصل الصيف.
التحديات المستقبلية والآفاق الواعدة
تواجه تقنية إعادة إحياء الأنواع المنقرضة تحديات كبيرة، منها التحديات التقنية المتعلقة بدقة تعديل الجينات، والتحديات البيئية المتعلقة بتأثير هذه الأنواع الجديدة على النظام البيئي، والتحديات الأخلاقية المتعلقة بحق الإنسان في التلاعب بالطبيعة. لكنّ هذه التقنية تُمثل فرصة واعدة في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي، وإعادة بعض الأنواع المنقرضة إلى حياتنا. فإن نجحت كولو سال في إعادة إحياء الذئاب الرهيبة و الأنواع الأخرى، فسيكون ذلك إنجازاً علمياً هائلاً، يفتح آفاقاً جديدة في مجال الهندسة الوراثية وتطبيقاتها.
الخاتمة: بين الحماس والقلق
يُثير إعلان كولو سال عن عواء الذئاب الرهيبة مشاعر مختلطة بين الحماس والقلق. فمن جانب، يُمثل هذا الإعلان إنجازاً علمياً مذهلاً، يُظهر التقدم المُذهل في مجال الهندسة الوراثية. ومن الجانب الآخر، يُثير هذا الإعلان أسئلة أخلاقية وبيئية هامة، تتطلب نقاشاً عميقاً ومُستفيضاً قبل اتخاذ أيّ قرارات مُستقبلية في هذا المجال. يبقى المُستقبل غامضاً، لكنّ رحلة كولو سال في إعادة إحياء الأنواع المنقرضة ستبقى موضوعاً مُثيراً للاهتمام والنقاش للعامات القادمة. وسنراقب بالتأكيد التطورات المُستقبلية لهذه الشركة وما ستُقدمه من إنجازات علمية جديدة.