سوندار بيتشاي: الذكاء الاصطناعي لن يقضي على الوظائف

سوندار بيتشاي يُطمئن: الذكاء الاصطناعي شريكٌ للنمو، ليس عدوّاً للوظائف
مخاوفٌ تتلاشى، وآفاقٌ جديدة تتفتح
في ظلّ تصاعد المخاوف العالمية بشأن تأثير التطوّرات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، خرج سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت (الشركة الأم لغوغل)، بتصريحاتٍ طمأنت الكثيرين، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي لن يكون سبباً في فقدان الوظائف، بل على العكس، سيساهم في خلق فرصٍ جديدةٍ وزيادة الإنتاجية. جاءت هذه التصريحات خلال مقابلةٍ حصرية مع وكالة بلومبيرغ من قلب وادي السيليكون، سان فرانسيسكو.
الذكاء الاصطناعي: مُسرّعٌ للابتكار وليس مُدمّراً للوظائف
نفى بيتشاي بشكل قاطع الادعاءات التي تتحدث عن تسريح نصف موظفي ألفابت – الذين يبلغ عددهم حوالي 180 ألف موظف – بسبب الذكاء الاصطناعي. بدلاً من ذلك، أكد أن هذه التكنولوجيا ستُعزّز الإنتاجية بشكلٍ كبير، وستُتيح للموظفين التركيز على المهام الأكثر تعقيداً وإبداعاً، بدلاً من المهام الروتينية التي يمكن للذكاء الاصطناعي إنجازها بكفاءة عالية. وقال بيتشاي حرفياً: "أتوقع توسعاً مستمراً في فريق الهندسة لدينا حتى العام المقبل، فالذكاء الاصطناعي يساعد على إنجاز المزيد من خلال تقليص المهام الروتينية، وفتح المجال للتركيز على أعمال أكثر أهمية وتأثيراً".
ألفابت وتخفيضات الوظائف: واقعٌ مختلفٌ عن التوقعات
على الرغم من قيام ألفابت بتخفيضاتٍ في عدد موظفيها خلال السنوات الماضية، إلا أن بيتشاي أوضح أن هذه التخفيضات لم تكن ناتجة عن الذكاء الاصطناعي، بل كانت جزءاً من عمليات إعادة هيكلةٍ داخلية. فقد تمّ تسريح أقل من 100 موظف في قسم الحوسبة السحابية هذا العام، بالإضافة إلى مئاتٍ آخرين في وحدة الأجهزة والمنصات. تُعتبر هذه الأعداد متواضعةً مقارنةً بتسريح 12 ألف موظف في عام 2023، وأكثر من 1000 موظف في عام 2024. يُبرز هذا التناقض أن الذكاء الاصطناعي ليس هو العامل الرئيسي وراء تخفيضات الوظائف في ألفابت.
مشاريعٌ طموحةٌ تُلهم الثقة في المستقبل
سلّط بيتشاي الضوء على مشاريع ألفابت الطموحة التي تُشير إلى مستقبلٍ واعدٍ، مشيراً إلى تطوّر مركبات "وايمو" ذاتية القيادة، ومبادرات الحوسبة الكمومية، والنموّ الهائل لمنصة يوتيوب. أعطى مثالاً على هذا النموّ الهائل بذكر أن الهند وحدها تضمّ أكثر من 100 مليون قناة على يوتيوب، من بينها 15 ألف قناة يتجاوز عدد مشتركيها المليون مشترك. هذه الأرقام تُظهر بوضوح حجم السوق والفرص المتاحة للنموّ والتطوّر، وهي فرصٌ تُخلق جزئياً بفضل التكنولوجيات المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
الردّ على المخاوف: حوارٌ هادفٌ ومُتزن
لم يتجاهل بيتشاي المخاوف المتعلقة بفقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، بل عبّر عن احترامه لهذه المخاوف، وخصّ بالذكر تصريحات داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك، الذي حذر من اختفاء نصف وظائف الموظفين المبتدئين خلال خمس سنوات. قال بيتشاي: "أحترم هذا الرأي، ومن المهم مناقشة هذه القضايا بجدية". لكنّه أكّد في الوقت نفسه على أهمية النظر إلى الصورة الكاملة، والتي تتضمن خلق فرص عمل جديدة تتطلب مهاراتٍ عاليةٍ في مجالاتٍ متخصصة. يُشير هذا إلى ضرورة التكيّف مع التغيرات التكنولوجية، والاستثمار في التعليم والتدريب لتلبية متطلبات سوق العمل المتطور.
الذكاء الاصطناعي العام: مستقبلٌ مُبهمٌ لكن واعدٌ
أخيراً، عند سؤاله عن إمكانية الوصول إلى "الذكاء الاصطناعي العام" – وهو ذكاءٌ يضاهي القدرات البشرية في جميع المجالات – أبدى بيتشاي حذراً مُتوازناً مع التفاؤل. قال: "نحقق تقدماً كبيراً على عدة مسارات، سواء في الأفكار الحالية أو الابتكارات الجديدة. لكن هل نحن بالفعل على طريق تحقيق الذكاء الاصطناعي العام؟ لا أعتقد أن أحداً يستطيع الجزم بذلك اليوم". يُظهر هذا الردّ وعياً عميقاً بالتحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي، داعياً إلى الحذر والتفكير النقدي في التعامل مع هذه التكنولوجيا المُتطورة. يُؤكّد هذا على ضرورة التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداةٍ قويةٍ تحتاج إلى إدارةٍ حكيمةٍ لضمان استخدامها بأسلوبٍ أخلاقيٍّ يخدم البشرية ويُعزّز من تقدمها.