شاهد: إحتجاجات تطرد مايكروسوفت من مؤتمر غزة



احتجاجات جامعة سياتل: مايكروسوفت بين الأخلاقيات وتورطها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

شهدت جامعة سياتل الأمريكية حدثًا مثيرًا للجدل خلال مؤتمر "الأخلاقيات والتقنية 2025: حوكمة الذكاء الاصطناعي"، المدعوم من شركة مايكروسوفت، حيث نجحت مجموعة من النشطاء المناهضين لسياسات الشركة في تعطيل فعاليات المؤتمر بالكامل، موجهين انتقادات حادة لما يعتبرونه تورطًا مباشرًا من مايكروسوفت في انتهاكات حقوق الإنسان في غزة. أثار هذا الحدث نقاشًا واسعًا حول مسؤولية الشركات التقنية العملاقة عن استخدام تقنياتها في سياقات مسيئة، وحدود حرية التعبير في مواجهة المصالح التجارية الضخمة.

احتجاجات "لا أزور للفصل العنصري": قاطعة صامتة تصبح صرخة مدوية

بدأت الاحتجاجات، التي قادتها حركة "لا أزور للفصل العنصري" (No Azure for Apartheid) المعروفة اختصارًا بـ (NoAA)، بمقاطعة متعمدة لكلمة مايك جاكسون، القيادي في مكتب الذكاء الاصطناعي المسؤول في مايكروسوفت. لم يكتفِ المحتجون بالصمت، بل صعدوا إلى منصة الحدث، موجهين اتهامات مباشرة للشركة بالنفاق، بتنظيم مؤتمرٍ عن الأخلاقيات بينما تُزوّد الجيش الإسرائيلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية، مساهمةً بذلك، بحسب زعمهم، في "جرائم حرب" في غزة.

شعارات الاحتجاج: "إسرائيل خارج أزور" و"ذكاء اصطناعي غير مسؤول لإبادة جماعية"

لم تقتصر الاحتجاجات على مقاطعة الكلمات فقط، بل امتدت لتشمل رفع لافتات تحمل شعارات قوية، مثل "إسرائيل خارج أزور" و"ذكاء اصطناعي غير مسؤول لإبادة جماعية". هذه الشعارات تعكس جوهر رسالة الحركة، التي تتهم مايكروسوفت بتقديم دعم تقني أساسي لنظامها ما يُعتبره المحتجون "نظام فصل عنصري"، مُساهمةً في انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين. كما لوح المحتجون بالأعلام الفلسطينية، مُعبرين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ومطالبهم بالعدالة.

ردود الفعل: من الانسحاب القسري إلى حذف الأسئلة

أدى تصاعد الاحتجاجات إلى انسحاب ممثلي مايكروسوفت، بمن فيهم تيريزا هاتسون، نائبة الرئيس التنفيذي، من المؤتمر. لم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل قامت إدارة الجامعة بحذف الأسئلة المتعلقة بفلسطين وغزة من النظام الإلكتروني الخاص بالمؤتمر، ما أثار غضبًا إضافيًا لدى المحتجين. حاولت الجامعة أيضًا إسكات بعض الحضور الذين حاولوا طرح أسئلة حول دور مايكروسوفت في دعم إسرائيل، مما أثار جدلًا حول حرية التعبير داخل حرم الجامعة.

استدعاء الشرطة وتهديدات بالاعتقال: تصعيد المواجهة

لم تتردد إدارة المؤتمر في استدعاء الشرطة، مهددةً المحتجين بالاعتقال. هذا التصعيد أظهر حجم التوتر الذي ساد الحدث، مُبرزًا الخلاف الحاد بين منظمي المؤتمر ومجموعة "لا أزور للفصل العنصري". يُعتبر هذا التصعيد مؤشرًا على حساسية القضية وتأثيرها على الشركات التقنية الكبرى.

مطالب حركة "لا أزور للفصل العنصري": أربعة محاور رئيسية

تتضمن مطالب حركة "لا أزور للفصل العنصري" أربعة محاور رئيسية:

إنهاء عقود مايكروسوفت مع الحكومة والجيش الإسرائيلي: هذا المطلب الأساسي يهدف إلى قطع الدعم المباشر لما تعتبره الحركة "جرائم حرب".

الإفصاح الكامل عن العلاقات مع المؤسسات الإسرائيلية: تسعى الحركة إلى الكشف عن مدى عمق التعاون بين مايكروسوفت والكيانات الإسرائيلية.

دعوة علنية لوقف دائم لإطلاق النار: تطالب الحركة مايكروسوفت باستخدام نفوذها للدفع نحو حل سلمي للصراع.

حماية حرية التعبير المؤيدة لفلسطين داخل الشركة: ترى الحركة أن مايكروسوفت تقمع الأصوات المؤيدة لفلسطين داخل الشركة نفسها.

ما بعد الاحتجاجات: استمرار الضغط والنقاش

لم تتوقف الاحتجاجات عند حدود جامعة سياتل، بل بدأت الحركة سلسلة من الاحتجاجات منذ أكتوبر 2023، شملت مقاطعة مؤتمر مايكروسوفت "بِلد" (Build)، ووصلت إلى حد فصل عدد من موظفي مايكروسوفت الذين عبروا عن دعمهم لفلسطين. يُبرز هذا استمرار الضغط على مايكروسوفت من قبل منظمات حقوق الإنسان والناشطين.

الاستراتيجية المستمرة: الضغط المستمر حتى وقف "غسل الصورة"

تؤكد حركة "لا أزور للفصل العنصري" على استمرار حملتها، مُشددةً على أن مايكروسوفت تُحاول استخدام مؤتمرات الأخلاقيات لغسل صورتها، بينما تستمر في تزويد إسرائيل بالتكنولوجيا العسكرية. تُعتبر هذه الاستراتيجية مثالًا على الضغط المدني الذي تُمارسه المنظمات الحقوقية على الشركات الكبرى للتحمل المسؤولية عن آثار تقنياتها.

الخاتمة: مسؤولية تقنية عملاقة في سياق صراع معقد

أثارت احتجاجات جامعة سياتل نقاشًا عالميًا حول مسؤولية الشركات التقنية العملاقة عن استخدام تقنياتها في سياقات حساسة، خاصةً في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يُبرز الحدث التحديات التي تواجه الشركات في موازنة مصالحها التجارية مع المسؤولية الأخلاقية والقانونية حول استخدام تقنياتها. كما يُسلط الضوء على دور المنظمات المدنية في الضغط على الشركات لتحمل مسؤوليتها في حماية حقوق الإنسان. يبقى السؤال مُثارًا حول مدى قدرة هذه الضغوط على تغيير سياسات الشركات الكبرى ومسار التطورات التقنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى