عقولٌ عشرة صنعت ثورة الذكاء الاصطناعي

رواد الذكاء الاصطناعي: عشرة عقول صنعت ثورة تقنية
تُشهد السنوات الأخيرة طفرةً غير مسبوقة في مجال الذكاء الاصطناعي، مُحوّلةً العديد من جوانب الحياة البشرية. ولكن من هم العقول المدبرة وراء هذه الثورة التكنولوجية؟ من الصعب تحديد "أبٍ روحي" واحد للذكاء الاصطناعي، فمساهمات العلماء والباحثين متعددة ومتشابكة على مرّ العقود. هذا المقال يلقي الضوء على عشرة من أبرز الشخصيات التي ساهمت بشكلٍ حاسمٍ في تشكيل هذا المجال الحيوي، مُسلّطاً الضوء على إسهاماتهم الفردية ووجهات نظرهم حول مستقبل الذكاء الاصطناعي ومخاطره المحتملة.
روادٌ في مجال الشبكات العصبية والتعلم العميق
جيفري هينتون: رائد الشبكات العصبية العميقة
يُعتبر جيفري هينتون، الأستاذ الفخري في جامعة تورنتو، من أهمّ رواد الشبكات العصبية العميقة. أبحاثه الرائدة في هذا المجال، التي امتدت لعقود، شكّلت أساساً للعديد من نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي نراها اليوم. فوزه بجائزة تورينج المرموقة عام 2018، مُشاركتاً مع يوشوا بنجيو ويان ليكون، يُبرز أهمية إسهاماته. لكنّ هينتون، في السنوات الأخيرة، تحوّل إلى صوتٍ نبيهٍ يحذر من مخاطر الذكاء الاصطناعي، مُعتبرًا إياها تهديداً أكبر من التغيّر المناخي، مما دفعه للمطالبة بإيقاف تطويره مؤقتاً. تُعتبر هذه التحذيرات دليلاً على وعيه العميق بالمسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتق مطوري هذه التقنية.
يوشوا بنجيو: بناء أنوية الذكاء الاصطناعي
يوشوا بنجيو، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة مونتريال، هو شريك هينتون في جائزة تورينج. ركزت أبحاثه على فهم آليات عمل الشبكات العصبية العميقة، وخاصةً كيفية ربطها وتفاعلها لتحقيق أداء أفضل. فقدّم بنجيو إسهاماتٍ جوهرية في تطوير خوارزميات التعلم العميق، مُساعداً على تحسين كفاءة وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. لم يقتصر دوره على البحث الأكاديمي، بل أسس شركة "إيليمنت إيه آي" (Element AI)، التي تركز على حلول الذكاء الاصطناعي للشركات، قبل أن تستحوذ عليها شركة "سيرفس ناو" (Service Now). كما انضم بنجيو إلى قائمةٍ طويلةٍ من العلماء الذين دعوا إلى التوقف المؤقت لتطوير الذكاء الاصطناعي، مُعرباً عن قلقه من سرعة التقدم في هذا المجال.
يان ليكون: العمق في التعلم الآلي
يان ليكون، الفائز الثالث بجائزة تورينج عام 2018، يُعتبر من أهمّ المساهمين في تطوير تقنيات التعلم العميق. عمله كرئيس لقسم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في "ميتا" (فيسبوك سابقاً) كان حاسماً في تطوير خوارزميات قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات، مثل مقاطع الفيديو على منصة فيسبوك. على عكس العديد من زملائه، يتّخذ ليكون موقفاً أكثر حياديةً فيما يتعلق بمخاطر الذكاء الاصطناعي، مُشدداً على أنّ التقنيات الحالية، مثل "شات جي بي تي"، لا تزال بعيدةً عن مستوى الذكاء البشري.
روّادٌ في التطبيق والتأثير: من البحث إلى الواقع
سام ألتمان: القوة الدافعة وراء "شات جي بي تي"
سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، ليس عالماً بالمعنى التقليدي، ولكنّ دوره في نشر "شات جي بي تي" كان حاسماً في إظهار إمكانيات الذكاء الاصطناعي للجمهور الواسع. إعلانه عن "شات جي بي تي" غيّر مفهوم الذكاء الاصطناعي لدى الكثيرين، مُظهراً إمكانياته في مجالاتٍ متعددة، من كتابة النصوص إلى الترجمة الآلية. مع ذلك، يُعترف ألتمان بالمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، مُعرباً عن قلقه من قدرات "شات جي بي تي" في أكثر من مناسبة.
فاي فاي لي: رؤية ثاقبة في معالجة الصور
فاي فاي لي، أستاذة علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد، ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في مجال رؤية الحاسوب. دورها الرئيسي في تطوير تحدي "إيميج نيت" (ImageNet)، وهو اختبارٌ يُقيّم قدرة الحواسيب على تصنيف الصور، كان حاسماً في دفع التقدم في هذا المجال. كما شغلت مناصب قيادية في شركاتٍ تقنيةٍ بارزةٍ مثل "غوغل" و"تويتر"، مُساهمةً في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتٍ تجارية.
الخبراء الذين حذّروا من المخاطر
ستيوارت راسل: التعايش بين الإنسان والآلة
ستيوارت راسل، أستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، يُعرف بأبحاثه حول التفاعل بين الإنسان والآلة، وخاصةً المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي. أعماله، بما في ذلك كتابه "نهج حديث في النظر للذكاء الاصطناعي" (مع بيتر نورفيغ)، تُعتبر مرجعاً أساسياً في هذا المجال. يحذر راسل من سرعة تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، مُشيرًا إلى إمكانية تغييرها لأساليب التعليم بشكلٍ جذري.
بيتر نورفيغ: الخبرة في غوغل والتعليم
بيتر نورفيغ، زميل في مركز ستانفورد للذكاء الاصطناعي، عمل لسنواتٍ طويلةٍ في "غوغل" كمديرٍ لقسم خوارزميات البحث والذكاء الاصطناعي والترجمة الآلية. خبرته الواسعة في هذا المجال ساهمت في تطوير العديد من التطبيقات الناجحة. كما يُعرف نورفيغ بأعماله التعليمية المؤثرة، مُساهماً في تدريب أجيالٍ من علماء الذكاء الاصطناعي.
الخبراء الذين ناقشوا الجانب الأخلاقي
تمنيت جيبرو: الذكاء الاصطناعي الأخلاقي
تمنيت جيبرو، عالمة أبحاث سابقة في "غوغل"، لفتت الانتباه إلى أهمية الجانب الأخلاقي في تطوير الذكاء الاصطناعي. بحثها الجدلي حول التحيز في خوارزميات التعلم الآلي أثار نقاشاً واسعاً، مُبرزاً ضرورة معالجة المشاكل الأخلاقية المتعلقة باستخدام هذه التقنيات. بعد خروجها من "غوغل"، أسست معهداً للبحث في الذكاء الاصطناعي الموزع، مُشددةً على أهمية البحث المستقل والذي يُراعي المجتمع.
الخبراء الذين ركزوا على التطبيقات
أندرو نج: التعلم الآلي وتطبيقاته الواسعة
أندرو نج، عالم حاسوب معروف، ساهم في تطوير مشروع "عقل غوغل" (Google Brain)، الذي كان حاسماً في تطوير خوارزميات التعلم العميق لدى "غوغل". كما أسس موقع "كورسيرا" (Coursera)، مُساهماً في نشر معرفة الذكاء الاصطناعي على نطاقٍ واسع. يُؤمن نج بإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لحل المشاكل العالمية، مُنفيًا فكرة تسببه في انقراض البشرية.
دافني كولر: دمج الذكاء الاصطناعي مع العلوم الحيوية
دافني كولر، أكاديمية مُتميزة، ساهمت في تأسيس شركة "إنسيترو" (Insitro)، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية وفهم الأمراض البشرية. أبحاثها تُركز على دمج الذكاء الاصطناعي مع العلوم البيولوجية، مُساهمةً في إحداث ثورةٍ في مجال الطب والصحة.
في الختام، يُمثل هؤلاء العلماء والباحثون نموذجاً للتعاون والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. مساهماتهم تُشكّل أساساً للتقنيات المُتقدمة التي نستخدمها اليوم، بينما تُبرز آراؤهم حول مخاطر ومستقبل هذا المجال أهمية المسؤولية الأخلاقية في تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي.