غوغل: تحقيق تركي بشأن إعلان ذكي

تحقيق تركيّ بشأن حملات "الأداء الأفضل" من غوغل: هل تُهدد المنافسة؟

هيئة المنافسة التركية تفتح تحقيقًا رسميًا

أعلنت هيئة المنافسة التركية يوم الجمعة الماضي عن بدء تحقيق رسميّ بشأن حملات "الأداء الأفضل" (Performance Max) الإعلانية التي تقدمها عملاق التكنولوجيا، غوغل. ويأتي هذا التحقيق بناءً على شكوك حول امتثال هذه الحملات، المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، لقوانين المنافسة العادلة في السوق التركي. يهدف التحقيق إلى الكشف عن أي ممارسات احتكارية محتملة قد تضرّ بالمعلنين الآخرين وتُعيق نموّ المنافسة في سوق الإعلانات الرقمية.

ما هي حملات "الأداء الأفضل"؟

تُعدّ حملات "الأداء الأفضل" من غوغل إحدى أحدث تقنياتها في مجال الإعلان الرقمي، وهي تعتمد بشكل أساسي على خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. تُسهّل هذه الحملات على المعلنين الوصول إلى جمهورهم المستهدف عبر منصات غوغل المختلفة، بما في ذلك محرّك البحث Google Search، ومنصة مشاركة الفيديوهات YouTube، وخدمة البريد الإلكتروني Gmail، وغيرها. وتتميز هذه الحملات بقدرتها على تحسين الأداء الإعلاني بشكل تلقائي، من خلال تحديد أفضل المواقع لعرض الإعلانات، وتخصيصها بناءً على سلوك المستخدمين وبياناتهم. وهذا يعني أن غوغل، من خلال هذه الميزة، تُقدم خدمة شاملة تُدار بالكامل تقريبًا بواسطة الذكاء الاصطناعي، بدلاً من الاعتماد على المعلن لتحديد الاستراتيجية المناسبة.

نقاط التحقيق الرئيسية: مخاوف المنافسة غير العادلة

يركّز التحقيق التركي على عدة جوانب رئيسية تتعلق بمخاوف المنافسة غير العادلة. أولاً، ستُفحص الهيئة ما إذا كانت غوغل قد استخدمت ممارسات غير عادلة ضد المعلنين الآخرين من خلال هذه الميزة. ثانيًا، سيبحث التحقيق في احتمالية قيام غوغل بعرقلة المنافسة من خلال دمج البيانات الضخمة التي تمتلكها مع حملات "الأداء الأفضل". تتمتع غوغل بكم هائل من البيانات عن سلوك المستخدمين عبر منصاتها المختلفة، وهذا يُمكّنها من استهداف الجمهور بدقة عالية، وهو ما يُعتبر ميزة تنافسية كبيرة قد تُستخدم بطريقة غير عادلة.

البيانات الضخمة و التفوق التنافسي

يُشكّل استخدام غوغل للبيانات الضخمة نقطة محورية في التحقيق. فبفضل امتلاكها لمنصات متعددة وخدمات واسعة النطاق، تجمع غوغل كميات هائلة من البيانات حول المستخدمين، بدءًا من عمليات البحث التي يقومون بها، وصولاً إلى تفضيلاتهم الشرائية وعاداتهم على الإنترنت. يُمكن لهذه البيانات أن تُستخدم لتحديد استراتيجيات إعلانية دقيقة للغاية، مما يُمكّن المعلنين على منصة غوغل من تحقيق نتائج أفضل من المعلنين على منصات أخرى. لكن هذا التفوق التنافسي قد يُعتبر غير عادل إذا لم تُتاح الفرصة للمنافسين للوصول إلى مصادر بيانات مماثلة أو استخدام تقنيات ذكاء اصطناعي متطورة بنفس القدر.

التأثير على سوق الإعلانات الرقمية في تركيا

يُمكن أن يكون لهذا التحقيق تداعيات واسعة النطاق على سوق الإعلانات الرقمية في تركيا. ففي حال ثبوت مخالفات غوغل لقوانين المنافسة، قد تُفرض عليها غرامات مالية كبيرة، وقد تُطلب منها تعديل سياساتها الإعلانية. كما يُمكن أن يُشجّع هذا التحقيق هيئات مكافحة الاحتكار في دول أخرى على إجراء تحقيقات مماثلة بشأن ممارسات غوغل الإعلانية. هذا يُبرز أهمية التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية المنافسة العادلة في الأسواق الرقمية.

المستقبل: التوازن بين الابتكار والمنافسة

يُمثّل هذا التحقيق نقطة تحول في فهم العلاقة المعقدة بين الابتكار التكنولوجي و حماية المنافسة. فبينما تُقدّم تقنيات الذكاء الاصطناعي فرصًا هائلة لتحسين الكفاءة و توفير خدمات أفضل للمستخدمين، إلا أنه من الضروري ضمان عدم استخدام هذه التقنيات لإخلال التوازن في السوق و إضعاف المنافسة. يتطلب ذلك وضع قوانين وتشريعات مُحدّثة تُواكب التطورات التكنولوجية السريعة، وتُنظّم استخدام البيانات الضخمة، وتُضمن حماية حقوق المعلنين والمستهلكين على حدّ سواء. وسيكون من المُثير للمتابعة معرفة نتائج التحقيق التركي، وكيف ستُؤثّر على سياسات غوغل الإعلانية، وعلى سوق الإعلانات الرقمية عالميًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى