غوغل تعترف بفشل ذريع: 4 أخطاء فادحة في نظام إنذار زلزال تركيا المميت

غوغل تعترف بفشل نظام الإنذار المبكر من الزلازل في تركيا: تحليل معمق وتأثيرات محتملة
زلزال تركيا: غوغل تعترف بفشل نظام الإنذار المبكر
نظرة عامة على نظام الإنذار المبكر من الزلازل من غوغل
يعمل نظام "تنبيهات الزلازل لأندرويد" (Android Earthquake Alerts) من غوغل على أساس استخدام أجهزة استشعار التسارع المدمجة في الهواتف الذكية التي تعمل بنظام أندرويد. عندما تكتشف هذه الأجهزة اهتزازات أرضية، تقوم بتحليل البيانات وتحديد ما إذا كان الزلزال قيد التقدم. إذا تم تأكيد وجود زلزال، يقوم النظام بإرسال تحذيرات إلى المستخدمين المتواجدين في المناطق المعرضة للخطر، مما يتيح لهم وقتًا محدودًا للاستعداد واتخاذ إجراءات السلامة.
تعتبر غوغل هذا النظام بمثابة "شبكة أمان عالمية"، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى أنظمة إنذار مبكر وطنية. يعتمد النظام على خوارزميات معقدة لتحليل البيانات وتحديد شدة الزلزال وموقعه، ثم يقوم بإرسال تحذيرات على مستويين رئيسيين:
- "اتخذ إجراءً" (Take Action): هذا هو أعلى مستوى من التحذير، ويتم إرساله في حالة وجود خطر وشيك. يصدر هذا التحذير صوتًا عاليًا على الهاتف، ويتجاوز إعدادات "عدم الإزعاج"، ويغطي شاشة الهاتف بالكامل. الهدف هو تنبيه المستخدمين على الفور لاتخاذ إجراءات وقائية، مثل البحث عن مأوى آمن.
- تحذير من "الهزات الخفيفة": يهدف هذا التحذير إلى تنبيه المستخدمين إلى وجود اهتزازات خفيفة، ولكنه لا يتطلب اتخاذ إجراءات فورية.
الفشل في تركيا: ما حدث وكيف حدث – دليل زلزال تركيا
خلال الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا في 6 فبراير 2023، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 55,000 شخص وإصابة الآلاف، فشل نظام غوغل في تقديم تحذيرات دقيقة وفعالة. على الرغم من أن النظام كان مفعلًا ويعمل، إلا أنه قلل بشكل كبير من تقدير شدة الزلازل، مما أدى إلى إرسال عدد قليل جدًا من تحذيرات "اتخذ إجراءً" إلى المستخدمين الذين كانوا في أمس الحاجة إليها.
وفقًا لتقرير بي بي سي، لم يتم إرسال سوى 469 تحذيرًا من نوع "اتخذ إجراءً" للزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.8 درجة. في المقابل، كان من المفترض أن يتلقى حوالي 10 ملايين شخص ضمن نطاق 98 ميلًا من مركز الزلزال هذا التحذير. هذا الفشل يعني أن العديد من الأشخاص لم يتمكنوا من تلقي التحذير في الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات وقائية، مما عرضهم لخطر كبير.
في الزلزال الأول، قدر النظام شدة الاهتزاز بما بين 4.5 و 4.9 درجة على مقياس ريختر، بينما كانت الشدة الفعلية 7.8 درجة. هذا التقدير الخاطئ أدى إلى عدم إرسال تحذيرات "اتخذ إجراءً" على نطاق واسع. كما قلل النظام أيضًا من تقدير الزلزال الكبير الثاني الذي وقع في وقت لاحق من ذلك اليوم.
الأسباب المحتملة للفشل: قيود الخوارزميات والتحديات التقنية في زلزال تركيا
أشار باحثو غوغل في دورية ساينس إلى "قيود في خوارزميات الاكتشاف" كأحد الأسباب الرئيسية للفشل. تعتمد هذه الخوارزميات على تحليل البيانات من أجهزة استشعار التسارع في الهواتف الذكية، ولكنها قد تواجه صعوبة في تحديد شدة الزلازل بدقة في ظل الظروف المعقدة التي تصاحب الزلازل الكبيرة.
تشمل التحديات التقنية الأخرى:
- الضوضاء والتشويش: قد تتأثر أجهزة الاستشعار بالضوضاء والتشويش من مصادر مختلفة، مما يؤثر على دقة البيانات.
- التباين في جودة الأجهزة: تختلف جودة أجهزة الاستشعار في الهواتف الذكية المختلفة، مما قد يؤثر على دقة البيانات التي يتم جمعها.
- تعقيد تحليل البيانات: يتطلب تحليل بيانات الزلازل خوارزميات معقدة قادرة على التمييز بين الاهتزازات الطبيعية والاهتزازات الناجمة عن الزلازل، وتحديد شدة الزلزال وموقعه بدقة.
- سرعة الانتشار: يجب أن يكون النظام قادرًا على تحليل البيانات وإرسال التحذيرات في غضون ثوانٍ معدودة، قبل وصول الموجات الزلزالية إلى المناطق المعرضة للخطر.
بعد الزلزال: تحسينات في الخوارزميات والتعلم من الأخطاء
بعد الزلزال، قام باحثو غوغل بتعديل الخوارزميات المستخدمة في نظام الإنذار المبكر. قاموا بإعادة محاكاة الزلزال الأول باستخدام الخوارزميات المعدلة، وأظهرت النتائج تحسنًا كبيرًا في دقة التقديرات. هذه المرة، أصدر النظام 10 ملايين تحذير من تنبيه "اتخذ إجراءً" للأشخاص الأكثر عرضة للخطر، و67 مليون من تنبيه الاهتزازات الخفيفة لمن يعيشون بعيدًا عن مركز الزلزال.
أكدت غوغل أنها تواصل تحسين النظام بناءً على الدروس المستفادة من كل زلزال. ومع ذلك، فإن هذه التحسينات لا تضمن أن النظام سيكون مثاليًا في المستقبل. يظل ضبط الخوارزميات للأحداث ذات الشدة الكبيرة تحديًا مستمرًا.
المخاطر والتحديات: هل يمكن الاعتماد على هذه الأنظمة؟
يثير فشل نظام غوغل في تركيا تساؤلات مهمة حول مدى الاعتماد على هذه الأنظمة في حماية الأرواح. في حين أن هذه الأنظمة يمكن أن تكون مفيدة في توفير تحذيرات مبكرة، إلا أنها ليست بديلًا عن الأنظمة الوطنية للتحذير المبكر من الزلازل.
تعتمد الأنظمة الوطنية على شبكات واسعة من أجهزة الاستشعار الزلزالية المتخصصة، والتي توفر بيانات أكثر دقة وموثوقية. ومع ذلك، فإن هذه الأنظمة قد تكون مكلفة ومعقدة، وقد لا تكون متاحة في جميع أنحاء العالم.
تكمن المخاطر الرئيسية في الاعتماد المفرط على تقنيات مثل نظام غوغل، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى أنظمة وطنية قوية. قد يعتمد الناس على هذه الأنظمة بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى شعور زائف بالأمان. إذا فشل النظام في توفير تحذيرات دقيقة، فقد يعرض الناس للخطر.
دور الحكومات والمنظمات: الحاجة إلى التعاون والتحسين المستمر
يجب على الحكومات والمنظمات المعنية بالسلامة من الزلازل أن تلعب دورًا نشطًا في تحسين هذه الأنظمة وتعزيز فعاليتها. تشمل الإجراءات التي يمكن اتخاذها:
التعاون مع شركات التكنولوجيا: يجب على الحكومات التعاون مع شركات التكنولوجيا مثل غوغل لتبادل البيانات والمعلومات، والمساعدة في تطوير وتحسين الخوارزميات. الاستثمار في البنية التحتية: يجب على الحكومات الاستثمار في بناء شبكات واسعة من أجهزة الاستشعار الزلزالية المتخصصة، لضمان توفير بيانات دقيقة وموثوقة. التوعية والتثقيف: يجب على الحكومات والمنظمات توعية الجمهور بأهمية أنظمة الإنذار المبكر من الزلازل، وكيفية استخدامها بشكل فعال. يجب أن يتم تثقيف الناس حول القيود المحتملة لهذه الأنظمة، وعدم الاعتماد عليها بشكل كامل. التدريب على الاستجابة للطوارئ: يجب تدريب الناس على كيفية الاستجابة للزلازل، بما في ذلك كيفية البحث عن مأوى آمن، وكيفية الإخلاء في حالة الطوارئ.
التحسين المستمر: يجب على الحكومات والمنظمات أن تواصل تحسين أنظمة الإنذار المبكر من الزلازل، بناءً على الدروس المستفادة من الزلازل السابقة..
الخلاصة: نحو نظام إنذار مبكر أكثر فعالية وموثوقية
يعتبر فشل نظام غوغل في تركيا بمثابة تذكير صارخ بأهمية أنظمة الإنذار المبكر من الزلازل، ولكنه في الوقت نفسه يسلط الضوء على التحديات التي تواجه تطوير هذه الأنظمة. لتحسين فعاليتها، يجب على الحكومات والمنظمات والشركات التكنولوجية أن تعمل معًا لتحسين الخوارزميات، وتطوير البنية التحتية، وتوعية الجمهور.
يجب أن ندرك أن هذه الأنظمة ليست مثالية، وأنها قد تواجه صعوبات في توفير تحذيرات دقيقة في جميع الحالات. ومع ذلك، فإن التحسينات المستمرة والتعاون بين جميع الأطراف المعنية يمكن أن يؤدي إلى نظام إنذار مبكر أكثر فعالية وموثوقية، مما يساعد على حماية الأرواح وتقليل الخسائر الناجمة عن الزلازل. يجب أن يكون الهدف النهائي هو توفير أقصى قدر من الحماية الممكنة للمواطنين، من خلال الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة، والوعي العام، والتدريب على الاستجابة للطوارئ.