قد يكون اعتماد CORPORATE AI مستوطنًا ، وفقًا لبيانات المنحدر

تباطؤ تبني الذكاء الاصطناعي في الشركات: هل نشهد تحولاً في مسار التكنولوجيا؟
شهدت السنوات الأخيرة طفرة هائلة في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) في مختلف القطاعات والشركات حول العالم. وقد دفعت هذه التكنولوجيا الجديدة الشركات إلى المراهنة على قدرتها على تحسين الإنتاجية، وتبسيط العمليات، وتعزيز تجربة العملاء. ولكن، تشير البيانات الأخيرة إلى أن وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي قد بدأت في التباطؤ، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه التكنولوجيا وتأثيرها على الشركات.
مؤشرات التباطؤ: بيانات "Ramp" تكشف عن تحول في الاتجاه
وفقًا لبيانات حديثة من شركة "Ramp"، وهي شركة متخصصة في التكنولوجيا المالية (Fintech)، والتي تعتمد على بيانات المعاملات لتقييم معدلات تبني الذكاء الاصطناعي في الشركات الأمريكية، فقد لوحظ تباطؤ في هذا التبني. يعتمد "مؤشر الذكاء الاصطناعي" (AI Index) الخاص بشركة "Ramp" على تحليل بيانات بطاقات الائتمان ومدفوعات الفواتير لتحديد مدى انتشار منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي في الشركات.
تشير بيانات "Ramp" إلى أن معدل تبني الذكاء الاصطناعي في الشركات الأمريكية قد استقر عند 41% في شهر مايو، وذلك بعد ما يقرب من 10 أشهر متتالية من النمو المطرد. هذه البيانات تعطي إشارة واضحة إلى أن الزخم الذي شهدته تقنيات الذكاء الاصطناعي في السابق قد بدأ في التراجع.
معدلات التبني حسب حجم الشركة: اختلافات ملحوظة
عند تحليل معدلات تبني الذكاء الاصطناعي بناءً على حجم الشركات، تظهر اختلافات ملحوظة:
- الشركات الكبيرة: بحلول شهر مايو، كانت 49% من الشركات الكبيرة قد قامت بتطبيق الذكاء الاصطناعي في شكل أو آخر.
- الشركات المتوسطة: بلغت نسبة الشركات المتوسطة التي تبنت الذكاء الاصطناعي 44%.
- الشركات الصغيرة: كانت نسبة الشركات الصغيرة التي استخدمت الذكاء الاصطناعي 37%.
تشير هذه الأرقام إلى أن الشركات الكبيرة هي الأكثر تبنيًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ربما بسبب توفر الموارد والقدرة على الاستثمار في هذه التقنيات. ومع ذلك، حتى بين هذه الشركات، يظهر التباطؤ في معدلات التبني.
قيود "مؤشر الذكاء الاصطناعي": نظرة نقدية على البيانات
من المهم الإشارة إلى أن "مؤشر الذكاء الاصطناعي" الخاص بشركة "Ramp" ليس مقياسًا مثاليًا. يعتمد المؤشر على عينة من بيانات الإنفاق للشركات، والتي تشمل حوالي 30,000 شركة. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد المؤشر على تحديد منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي بناءً على اسم التاجر وتفاصيل البنود، مما قد يؤدي إلى تفويت بعض عمليات الإنفاق التي يتم تجميعها في مراكز تكلفة أخرى.
هل نرى حدودًا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي اليوم؟
على الرغم من القيود المذكورة، فإن بيانات "Ramp" تعطينا لمحة عن التوجهات العامة في السوق. والأهم من ذلك، أنها تتوافق مع ما يراه الخبراء والشركات بشكل متزايد: هناك حدود لما يمكن أن تحققه تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية.
أمثلة واقعية: عندما يواجه الذكاء الاصطناعي صعوبات
شهدت بعض الشركات، التي راهنت على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، انتكاسات في الآونة الأخيرة. مثال على ذلك شركة "Klarna"، وهي شركة سويدية متخصصة في خدمات الدفع الآجل. أعلنت "Klarna" في وقت سابق عن خطط لاستبدال مئات من موظفي الدعم الفني بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، اضطرت الشركة إلى إعادة توظيف بعض العمال بعد أن أدت التخفيضات إلى "انخفاض جودة" خدمة العملاء.
تراجع المشاريع التجريبية: دليل إضافي على التباطؤ
تشير بيانات أخرى إلى أن الشركات بدأت في إعادة تقييم استثماراتها في الذكاء الاصطناعي. وفقًا لشركة "S&P Global"، ارتفعت حصة الشركات التي تتخلى عن معظم مشاريعها التجريبية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) إلى 42%، مقارنة بـ 17% في العام السابق. هذا التحول يعكس تزايد الإدراك بأن بعض المشاريع التجريبية لم تحقق النتائج المرجوة أو أنها غير قابلة للتطبيق على نطاق واسع.
لماذا يتباطأ تبني الذكاء الاصطناعي؟ عوامل متعددة
هناك عدة عوامل قد تفسر تباطؤ تبني الذكاء الاصطناعي في الشركات:
- المبالغة في التوقعات: في البداية، كانت هناك توقعات مبالغ فيها حول قدرات الذكاء الاصطناعي. عندما لم تتمكن التكنولوجيا من تحقيق هذه التوقعات، بدأ التبني في التباطؤ.
- التحديات التقنية: لا تزال تقنيات الذكاء الاصطناعي تواجه تحديات تقنية، مثل صعوبة فهم اللغة الطبيعية بشكل كامل، والتحيز في البيانات، والحاجة إلى كميات كبيرة من البيانات للتدريب.
- التكاليف المرتفعة: يمكن أن تكون تكاليف تطوير وتنفيذ وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي مرتفعة، مما يجعلها غير مجدية لبعض الشركات.
- نقص المواهب: هناك نقص في المواهب المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يجعل من الصعب على الشركات العثور على الموظفين المؤهلين لتنفيذ هذه التقنيات.
- المخاوف الأخلاقية: تثير تقنيات الذكاء الاصطناعي مخاوف أخلاقية، مثل الخصوصية والتحيز والمساءلة، مما يدفع بعض الشركات إلى التردد في تبنيها.
- صعوبة التكامل: قد يكون من الصعب دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي مع الأنظمة والعمليات الحالية للشركات.
ماذا يعني هذا التباطؤ لمستقبل الذكاء الاصطناعي؟
لا يعني تباطؤ تبني الذكاء الاصطناعي أن هذه التكنولوجيا ستختفي. على العكس من ذلك، من المرجح أن نشهد تحولًا في كيفية تبني الشركات للذكاء الاصطناعي. قد يشمل هذا التحول:
- التركيز على التطبيقات العملية: ستتحول الشركات إلى التركيز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تحقق قيمة ملموسة على المدى القصير والطويل.
- الاستثمار في البنية التحتية: ستستثمر الشركات في البنية التحتية اللازمة لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة.
- التعاون والشراكات: ستزداد أهمية التعاون والشراكات بين الشركات والجامعات وشركات التكنولوجيا لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي.
- التركيز على التدريب والتأهيل: ستستثمر الشركات في تدريب وتأهيل موظفيها على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
- الاهتمام بالأخلاقيات والمساءلة: ستولي الشركات اهتمامًا أكبر بالأخلاقيات والمساءلة في تصميم وتنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة: الذكاء الاصطناعي في مرحلة جديدة من النضج
يبدو أننا نشهد تحولًا في مسار تبني الذكاء الاصطناعي في الشركات. بعد فترة من النمو السريع، يبدو أن التبني قد بدأ في التباطؤ. هذا التباطؤ لا يعني نهاية الذكاء الاصطناعي، بل يشير إلى مرحلة جديدة من النضج. ستتحول الشركات إلى التركيز على التطبيقات العملية، والاستثمار في البنية التحتية، والتعاون والشراكات، والتدريب والتأهيل، والأخلاقيات والمساءلة. على الرغم من التحديات، يظل الذكاء الاصطناعي قوة تحويلية، ومن المتوقع أن يستمر في التأثير على الشركات والمجتمع في السنوات القادمة. على القادة والمسؤولين في الشركات العربية أن يواكبوا هذه التغيرات، وأن يضعوا استراتيجيات ذكية لتبني الذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع احتياجاتهم وأهدافهم، مع الأخذ في الاعتبار التحديات والفرص التي تفرضها هذه التكنولوجيا.