كاميرا ذكية تتهم بريئة!

خطأ كارثي: نظام التعرف على الوجوه يُتهم امرأة بالسرقة ظلماً
تُظهر واقعة جديدة في المملكة المتحدة مدى خطورة الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي دون رقابة كافية، خاصةً في مجال الأمن. ففي حادثة أثارت جدلاً واسعاً، اتهمت سيدة بريطانية ظلماً بسرقة مناديل حمام من متجرين تابعين لسلسلة "هوم بارغينز" بسبب خطأ فادح في نظام التعرف على الوجوه. هذه القصة تُبرز المخاطر المحتملة لتقنية يُفترض أنها تُعزز الأمن، ولكنها في الواقع قد تُسبب ضرراً كبيراً للأفراد.
اتهام خاطئ يقلب حياة امرأة رأساً على عقب
دانييل هوران، مديرة متجر مستحضرات تجميل، عانت من تجربة مريرة بعد تعرضها للطرد من فرعين مختلفين لسلسلة متاجر "هوم بارغينز" في منطقة مانشستر الكبرى خلال شهري مايو ويونيو. في البداية، لم تُعطَ أيّ تفسيرات، مما زاد من حيرتها وقلقها. ولكن سرعان ما اكتشفت الحقيقة المذهلة: تم إدراج صورتها في قائمة مراقبة لنظام التعرف على الوجوه الخاص بمنع السرقات، و اتهمت بسرقة سلع بقيمة 10 جنيهات إسترلينية فقط!
تفاصيل الحادثة: من الاعتقال الخاطئ إلى البحث عن الحقيقة
في زيارتها الأولى لمتجر "هوم بارغينز" في شارع ريجنت بمدينة سالفورد في 24 مايو، طلب منها المدير مغادرة المتجر، ظنّت في البداية أنه أمرٌ مُضحك. بعدها، نُصحت بالتواصل مع شركة "فيس ووتش" (Facewatch)، وهي شركة الأمن التجاري التي تُزوّد "هوم بارغينز" بتقنية التعرف على الوجوه. ولكن محاولاتها للاتصال بالشركة لم تُثمر عن أي نتائج.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تكررت التجربة المزعجة مع هوران في 4 يونيو، عندما زارت فرعاً آخر في فالوفيلد برفقة والدتها المسنة. فبمجرد دخولها، أُحاطت بمجموعة من الموظفين الذين طلبوا منها مغادرة المتجر دون أي تفسير منطقي.
بعد مراسلات متكررة مع كل من "فيس ووتش" و"هوم بارغينز"، اكتشفت هوران أخيراً أن الاتهام المُوجه لها يتعلق بسرقة مناديل حمام في 8 مايو، أي قبل أسابيع من اعتقالها الخاطئ. صورة هوران تم توزيعها على المتاجر المحلية، مما منعها من دخولها دون أي تفسير مسبق.
التحقق من الحقائق: إثبات البراءة وإصلاح الخطأ
للتأكد من عدم سرقتها لأي شيء، راجعت هوران حسابها المصرفي، لتثبت أنها دفعت ثمن جميع مشترياتها. بعدها، اعترفت "فيس ووتش" أخيراً بخطأ النظام، مؤكدةً أن مراجعة الحادثة كشفت أنها لم تسرق شيئاً. وفي رسالة إلكترونية اطلعت عليها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أوضحت "فيس ووتش" أنها تعتمد على المعلومات التي تقدمها المتاجر، وأن فروع "هوم بارغينز" المعنية قد تم تعليق استخدامها لنظام "Facewatch" مؤقتاً.
أخطاء النظام وتداعياته: دعوات لإصلاح وتشديد الرقابة
هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من مشكلة أكبر. فقد تلقت جماعة "Big Brother Watch" المدافعة عن الحريات المدنية اتصالات من أكثر من 35 شخصاً اشتكوا من إدراجهم خطأً في قوائم المراقبة الخاصة بنظام التعرف على الوجوه. وهذا يدل على وجود ثغرات كبيرة في دقة هذه التقنية، وعدم كفاية إجراءات التحقق والتدقيق قبل اتخاذ إجراءات ضد الأفراد.
المخاطر الأخلاقية والقانونية: ضرورة وضع ضوابط صارمة
تُثير هذه الحادثة تساؤلات جدية حول استخدام تقنية التعرف على الوجوه في المتاجر، وتُبرز أهمية وضع ضوابط صارمة لمنع حدوث أخطاء مشابهة في المستقبل. فإدراج الأفراد في قوائم المراقبة بناءً على معلومات خاطئة يُعتبر انتهاكاً للخصوصية، وقد يُعرض الشركة للمساءلة القانونية. كما أن الاعتماد الكلي على هذه التقنية دون تدقيق بشري يُشكّل خطراً كبيراً على حقوق الأفراد وسلامتهم.
الدعوات للحظر: هل هو الحل الأمثل؟
دعت "Big Brother Watch" الحكومة البريطانية إلى فرض حظر كامل على استخدام تقنية التعرف على الوجوه من قبل متاجر التجزئة. في حين أن هذا الحل قد يبدو جذرياً، إلا أنه يُبرز مدى القلق من إمكانية إساءة استخدام هذه التقنية، والتي تتطلب تطويراً كبيراً في دقتها وموثوقيتها قبل أن تُصبح أداة فعالة للمراقبة الأمنية.
ختاماً، تُعتبر حادثة دانييل هوران جرس إنذار يُحذر من مخاطر الاعتماد الأعمى على تقنيات الذكاء الاصطناعي دون وضع ضوابط صارمة لضمان دقتها وحماية حقوق الأفراد. فالتكنولوجيا ليست حلاً سحرياً لجميع المشاكل، بل يجب استخدامها بمسؤولية وتحقيق التوازن بين أمن المجتمع وحماية الحريات الفردية.