كاوست تبتكر حلاً سرياً: بطاريات مائية تدوم 10 أضعاف

ثورة في عالم البطاريات: "كاوست" تبتكر حلاً جذرياً لإطالة عمر البطاريات المائية
بطاريات مائية كاوست: إنجاز علمي يفتح آفاقاً جديدة للطاقة النظيفة
تحديات البطاريات المائية: فهم المشكلة الأساسية
تُعد البطاريات المائية بديلاً واعداً لبطاريات الليثيوم التقليدية، خاصة في مجال تخزين الطاقة المتجددة. تتميز هذه البطاريات بأمانها العالي وانخفاض تكلفتها وتأثيرها البيئي المنخفض. ومع ذلك، كانت هناك تحديات كبيرة تواجهها، أبرزها قصر عمرها الافتراضي مقارنة ببطاريات الليثيوم. يرجع هذا القصور إلى عدة عوامل، أهمها التفاعلات الكيميائية غير المرغوبة التي تحدث داخل البطارية وتؤدي إلى تدهور مكوناتها.
دور "المصعد" في تدهور البطاريات المائية
يُعتبر "المصعد" (Anode) – وهو القطب السالب في البطارية – أحد أهم مكونات البطارية وأكثرها عرضة للتدهور. تحدث على سطح المصعد التفاعلات الكيميائية التي تولد الطاقة وتخزنها. ومع ذلك، فإن هذه التفاعلات ليست دائماً مثالية، فقد تحدث تفاعلات جانبية غير مرغوبة تؤدي إلى تآكل المصعد وتقليل قدرته على تخزين الطاقة. هذه التفاعلات الجانبية تستهلك الطاقة وتؤدي إلى تقليل كفاءة البطارية وتقصير عمرها.
المياه الحرة: المحفز الرئيسي للتدهور – دليل بطاريات مائية كاوست
أظهرت الأبحاث التي أجرتها "كاوست" أن المياه الحرة داخل البطارية تلعب دوراً محورياً في هذه التفاعلات الجانبية. المياه الحرة، وهي جزيئات الماء غير المرتبطة بقوة بجزيئات أخرى، تتفاعل بسهولة مع مكونات المصعد، مما يؤدي إلى تفاعلات غير مرغوبة تستهلك الطاقة وتتلف المصعد. هذه العملية تؤدي إلى تدهور أداء البطارية وانخفاض عمرها الافتراضي.
الحل المبتكر: كبريتات الزنك و"تثبيت" جزيئات الماء في بطاريات
توصل باحثو "كاوست" إلى حل مبتكر يعتمد على استخدام أملاح منخفضة التكلفة، مثل كبريتات الزنك، للحد من تأثير المياه الحرة على أداء البطارية. تعمل كبريتات الزنك على "تثبيت" جزيئات الماء، أي أنها تقلل من حركة جزيئات الماء الحرة وتحد من قدرتها على التفاعل مع مكونات المصعد. هذا التثبيت يقلل من التفاعلات الكيميائية الضارة ويحافظ على سلامة المصعد، مما يؤدي إلى إطالة عمر البطارية وزيادة كفاءتها.
آلية عمل كبريتات الزنك: "لاصق" لجزيئات الماء
يشرح البروفيسور حسام الشريف، أستاذ ورئيس مركز كاوست للتميز في الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST) وقائد الفريق البحثي، أن أيونات الكبريتات الموجودة في كبريتات الزنك تعمل بمثابة "لاصق" لجزيئات الماء. هذه الأيونات تجذب جزيئات الماء وتُثبت الروابط بينها، مما يقلل من حركة جزيئات الماء الحرة ويحد من قدرتها على التفاعل مع مكونات المصعد. هذا التغيير في ديناميكية المياه داخل البطارية هو المفتاح لإطالة عمرها وتحسين أدائها.
نتائج مذهلة: مضاعفة عمر البطاريات بأكثر من عشرة أضعاف
أظهرت التجارب التي أجرتها "كاوست" نتائج مذهلة، حيث أدت إضافة كبريتات الزنك إلى مضاعفة عمر البطاريات المائية بأكثر من عشرة أضعاف. هذا التحسين الكبير في الأداء يمثل قفزة نوعية في مجال تخزين الطاقة ويفتح الباب أمام تطوير بطاريات مائية أكثر كفاءة واستدامة.
قابلية التطبيق العالمية والأهمية الاقتصادية
تتميز هذه التقنية الجديدة بعدة مزايا تجعلها قابلة للتطبيق على نطاق واسع. أولاً، أملاح الكبريتات المستخدمة في هذا الحل منخفضة التكلفة ومتوفرة على نطاق واسع. ثانياً، هذه الأملاح مستقرة كيميائياً، مما يضمن سلامة البطاريات وطول عمرها. ثالثاً، تشير النتائج الأولية إلى أن التأثير الإيجابي لكبريتات الزنك يمتد ليشمل أنواعاً أخرى من المصاعد المعدنية، مما يفتح المجال أمام استخدام هذا الحل في مجموعة واسعة من البطاريات المائية.
دور البطاريات المائية في التحول نحو الطاقة المتجددة
تحظى البطاريات المائية باهتمام متزايد في جميع أنحاء العالم كحل مستدام لتخزين الطاقة على نطاق واسع. تتميز هذه البطاريات بأمانها العالي وانخفاض تكلفتها وتأثيرها البيئي المنخفض، مما يجعلها خياراً مثالياً لتكامل مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في شبكات الكهرباء. مع تزايد الطلب على الطاقة النظيفة، من المتوقع أن يشهد سوق البطاريات المائية نمواً كبيراً في السنوات القادمة، مما يجعل هذا الاكتشاف من "كاوست" ذا أهمية بالغة.
"كاوست" وريادة البحث العلمي في مجال الطاقة
تُعد "كاوست" منارة للبحث العلمي في المملكة العربية السعودية، وتلعب دوراً رائداً في تطوير التقنيات المبتكرة في مجال الطاقة المتجددة. يجسد هذا الاكتشاف الأخير التزام الجامعة بالبحث العلمي المتميز والمساهمة في حلول عالمية للتحديات البيئية والاقتصادية. يعكس هذا الإنجاز قدرة الجامعات السعودية على المنافسة العالمية في مجال البحث والتطوير، ويسلط الضوء على أهمية الاستثمار في البحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة.
مركز التميز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST): محرك الابتكار
لعب مركز التميز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST) في "كاوست" دوراً حاسماً في هذا الاكتشاف. يضم المركز فريقاً من الباحثين والخبراء المتخصصين في مجالات متعددة، بما في ذلك تصميم البطاريات والنمذجة الكهروكيميائية والأدوات التجريبية المتقدمة. سمحت هذه الخبرات المتكاملة للفريق بتحليل المشكلة بعمق وتطوير حلول مبتكرة.
التعاون البحثي: مفتاح النجاح
يؤكد البروفيسور حسام الشريف على أهمية التعاون البحثي في تحقيق هذا الإنجاز. فقد تضافرت جهود فريق من الباحثين من مختلف التخصصات، بما في ذلك الدكتور يونبي زو، الذي أجرى معظم التجارب، والبروفيسور عمر محمد، والبروفيسور عثمان بكر، والبروفيسور شيشيانغ زانج، والبروفيسور ماني ساراثي. هذا التعاون متعدد التخصصات سمح للفريق بالجمع بين الخبرات والمعرفة المختلفة، مما أدى إلى تحقيق نتائج مذهلة.
الأثر المستقبلي: تعزيز مكانة المملكة في مجال الطاقة المتجددة
يمثل هذا الاكتشاف من "كاوست" خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي في التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة. من خلال تطوير تقنيات تخزين الطاقة المستدامة، يمكن للمملكة أن تعزز أمنها الطاقي وتساهم في تحقيق أهدافها الطموحة في مجال الطاقة النظيفة. هذا الإنجاز يعزز أيضاً قدرة المملكة على جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة المتجددة، مما يساهم في تنويع اقتصادها وخلق فرص عمل جديدة.
الخلاصة: مستقبل مشرق للبطاريات المائية
يمثل هذا الاكتشاف من "كاوست" اختراقاً علمياً مهماً في مجال تخزين الطاقة، ويُمهّد الطريق نحو تطوير بطاريات مائية أطول عمرًا وأكثر استقرارًا وكفاءة. يعزز هذا الإنجاز موقع المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي في التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، ويؤكد قدرة الجامعات السعودية على المساهمة في حلول علمية ذات تأثير عالمي. بفضل هذا الابتكار، يمكننا أن نتطلع إلى مستقبل أكثر استدامة وأكثر اعتماداً على الطاقة النظيفة.