مراجعة عميقة لمواصفات هاتف Samsung Galaxy S10 وشاشته المثقوبة الجديدة

عندما كشفت سامسونج عن هاتفها Galaxy S10، لم يكن مجرد تحديث تقليدي لسلسلة هواتفها الرائدة، بل كان يمثل قفزة تصميمية وتقنية ملحوظة في ذلك الوقت. جاء الجهاز محملاً بالعديد من الميزات الجديدة التي هدفت إلى إعادة تعريف تجربة استخدام الهاتف الذكي، أبرزها الشاشة الجديدة كلياً والتصميم الأكثر انسيابية. لقد سعت سامسونج من خلال هذا الإصدار إلى تقديم جهاز يجمع بين الأداء القوي، الكاميرا المتطورة، والابتكار في تصميم الشاشة.
التصميم وجودة البناء
اعتمد هاتف Galaxy S10 لغة تصميم متطورة مقارنة بأسلافه، حيث جاء بإطار نحيف مصنوع من الألومنيوم المحيط بجسم زجاجي بالكامل (Gorilla Glass 6 في الأمام و Gorilla Glass 5 في الخلف). هذا المزيج منح الجهاز شعوراً بالفخامة والمتانة في اليد. كانت الأبعاد متوازنة بشكل جيد، مما سهل حمله واستخدامه بيد واحدة على الرغم من حجم الشاشة الكبير نسبياً. التوفر بألوان متعددة وجذابة أضاف بعداً جمالياً إضافياً.
تميز التصميم أيضاً بالحواف المنحنية للشاشة التي أصبحت سمة مميزة لهواتف سامسونج الرائدة. هذا الانحناء لم يكن مجرد ميزة بصرية، بل ساهم في إعطاء انطباع بأن الشاشة تمتد من حافة إلى حافة. كما حافظت سامسونج على منفذ سماعات الرأس قياس 3.5 ملم، وهي خطوة لاقت استحسان الكثيرين في وقت كانت فيه الشركات الأخرى تتجه لإزالته. مقاومة الماء والغبار بمعيار IP68 كانت حاضرة أيضاً، مما يوفر طبقة إضافية من الحماية للجهاز.
الشاشة: ابتكار Infinity-O وتقنية Dynamic AMOLED
تُعد الشاشة النقطة المحورية والأكثر ابتكاراً في هاتف Galaxy S10، حيث قدمت سامسونج مفهوم شاشة Infinity-O. بدلاً من النوتش التقليدي أو آلية الكاميرا المنبثقة، اختارت سامسونج عمل ثقب صغير في الزاوية العلوية اليمنى من الشاشة لإيواء الكاميرا الأمامية ومستشعراتها. هذا الحل سمح بتقليل الحواف بشكل كبير وتحقيق نسبة استحواذ شاشة على الواجهة الأمامية تقارب 93.1%، مما يوفر تجربة مشاهدة غامرة وغير منقطعة إلى حد كبير.
الشاشة نفسها كانت تحفة تقنية في ذلك الوقت، من نوع Dynamic AMOLED بحجم 6.1 بوصة ودقة +QHD (3040×1440 بكسل). كانت هذه الشاشة هي الأولى من نوعها التي تدعم معيار HDR10+، مما يعني قدرة فائقة على عرض الألوان بتدرجات غنية وتباين مذهل بين المناطق الفاتحة والداكنة. كانت الألوان نابضة بالحياة، الأسود عميقاً تماماً، والسطوع عالياً جداً، مما يجعلها مثالية للاستخدام تحت ضوء الشمس المباشر ومشاهدة محتوى الوسائط المتعددة.
تفاصيل الشاشة المثقوبة (Infinity-O)
فكرة الشاشة المثقوبة جاءت كحل وسط بين الرغبة في الحصول على شاشة كاملة وبين ضرورة وجود كاميرا أمامية. الثقب في Galaxy S10 كان صغيراً نسبياً وغير مزعج لمعظم المستخدمين بعد فترة قصيرة من التعود عليه. تم تصميم واجهة المستخدم One UI لاستغلال هذا الثقب بذكاء، حيث يتم وضع أيقونات الحالة والإشعارات بجواره بشكل طبيعي. في التطبيقات والألعاب، عادةً ما يتم تجاهل المنطقة المحيطة بالثقب أو دمجها بشكل لا يؤثر على المحتوى الرئيسي.
جودة عرض الشاشة لم تتأثر بوجود الثقب؛ فالبكسلات المحيطة به تعمل بشكل طبيعي. التحدي الأكبر كان في كيفية تفاعل بعض التطبيقات التي لم يتم تحديثها لدعم هذا النوع من الشاشات، لكن معظم التطبيقات الشهيرة سرعان ما تكيفت. بشكل عام، قدمت شاشة Infinity-O تجربة مشاهدة ممتازة، وكانت خطوة جريئة نحو تحقيق تصميم الشاشة الكاملة الذي أصبح هدفاً للعديد من الشركات المصنعة للهواتف الذكية.
الأداء والعتاد الداخلي
تحت الغطاء، كان هاتف Galaxy S10 مزوداً بأحدث المكونات المتاحة في وقت إطلاقه. جاء بمعالجين مختلفين حسب المنطقة: إما معالج Exynos 9820 المصنع بواسطة سامسونج نفسها، أو معالج Snapdragon 855 من كوالكوم. كلا المعالجين كانا يقدمان أداءً قوياً وسريعاً للغاية، قادرين على التعامل مع كافة المهام اليومية بسهولة فائقة، بدءاً من تصفح الويب وتشغيل التطبيقات المتعددة وصولاً إلى تشغيل أحدث الألعاب ثلاثية الأبعاد بكفاءة عالية وإعدادات رسومية مرتفعة.
اقترن المعالج بذاكرة وصول عشوائي (RAM) بسعة 8 جيجابايت في معظم الطرازات، مما يضمن سلاسة التنقل بين التطبيقات والاحتفاظ بالعديد منها مفتوحاً في الخلفية دون تباطؤ. فيما يتعلق بالتخزين الداخلي، توفر الهاتف بخيارات متعددة تبدأ من 128 جيجابايت وتصل إلى 512 جيجابايت، مع دعم توسيع الذاكرة عبر بطاقة microSD حتى 512 جيجابايت إضافية. هذه المرونة في التخزين كانت نقطة قوة كبيرة، حيث سمحت للمستخدمين بالاحتفاظ بكميات ضخمة من الصور ومقاطع الفيديو والتطبيقات.
نظام الكاميرا: تعدد الاستخدامات والذكاء الاصطناعي
تميز Galaxy S10 بنظام كاميرا خلفية ثلاثية العدسات، وهي تركيبة أصبحت شائعة لاحقاً في الهواتف الرائدة. تألفت الكاميرا من
عدسة رئيسية واسعة بدقة 12 ميجابكسل مع فتحة عدسة متغيرة (f/1.5 و f/2.4) وتقنية Dual Pixel AF وتثبيت بصري (OIS).
عدسة مقربة (Telephoto) بدقة 12 ميجابكسل مع فتحة عدسة f/2.4 وتثبيت بصري (OIS) وزوم بصري 2x.
عدسة واسعة جداً (Ultrawide) بدقة 16 ميجابكسل مع فتحة عدسة f/2.2 ومجال رؤية 123 درجة.
هذه التركيبة منحت المستخدمين مرونة كبيرة في التصوير، حيث يمكن التقاط صور للمناظر الطبيعية الواسعة، أو صور مقربة للأشياء البعيدة، أو صور بورتريه مع عزل الخلفية باستخدام العدسة المقربة. أداء الكاميرا كان ممتازاً في ظروف الإضاءة المختلفة، وقدمت سامسونج تحسينات على معالجة الصور لإنتاج لقطات حيوية وغنية بالتفاصيل.
ميزات التصوير الذكية
دعمت الكاميرا العديد من الميزات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل محسن المشهد (Scene Optimizer) الذي يتعرف على نوع المشهد (طعام، طبيعة، حيوانات، إلخ) ويقوم بضبط الإعدادات تلقائياً للحصول على أفضل نتيجة. كما توفرت ميزة اقتراحات اللقطة (Shot Suggestions) التي ترشد المستخدم لوضع الهاتف في الزاوية المثلى لالتقاط صورة متوازنة. تسجيل الفيديو كان ممكناً بدقة تصل إلى 4K بمعدل 60 إطاراً في الثانية، مع دعم HDR10+ لتسجيل الفيديو أيضاً.
الكاميرا الأمامية، الموجودة داخل الثقب في الشاشة، كانت بدقة 10 ميجابكسل مع فتحة عدسة f/1.9 وتقنية Dual Pixel AF. قدمت هذه الكاميرا صور سيلفي عالية الجودة مع تفاصيل جيدة وألوان دقيقة. كما دعمت تسجيل الفيديو بدقة 4K، وهي ميزة لم تكن شائعة في الكاميرات الأمامية آنذاك.
البطارية والشحن
جاء هاتف Galaxy S10 ببطارية بسعة 3400 مللي أمبير ساعة. على الرغم من أن هذه السعة قد تبدو متوسطة مقارنة ببعض الهواتف الأخرى في نفس الفئة، إلا أن كفاءة معالجات Exynos 9820 و Snapdragon 855، بالإضافة إلى تحسينات البرمجيات في One UI، ساهمت في توفير عمر بطارية جيد يدوم ليوم كامل من الاستخدام المعتدل إلى المكثف.
دعم الهاتف الشحن السريع السلكي بقدرة 15 واط، وهو ما كان يعتبر معيارياً في ذلك الوقت. كما دعم الشحن اللاسلكي السريع بقدرة 15 واط أيضاً. الميزة الأكثر إثارة للاهتمام في هذا الجانب كانت Wireless PowerShare، وهي القدرة على استخدام الجزء الخلفي من الهاتف كشاحن لاسلكي لشحن الأجهزة الأخرى المتوافقة مع معيار Qi، مثل سماعات Galaxy Buds أو حتى هاتف آخر، بمجرد وضعه على ظهر S10. هذه الميزة كانت مفيدة في حالات الطوارئ أو لشحن الملحقات الصغيرة أثناء التنقل.
البرمجيات وتجربة المستخدم
عمل هاتف Galaxy S10 بنظام التشغيل Android 9 Pie عند إطلاقه، مغطى بواجهة سامسونج الجديدة كلياً في ذلك الوقت: One UI. مثلت One UI تحولاً كبيراً عن واجهات سامسونج السابقة (Samsung Experience و TouchWiz)، حيث ركزت على تبسيط الواجهة وتحسين إمكانية استخدام الهاتف بيد واحدة، خاصة على الشاشات الكبيرة. تم تجميع عناصر التحكم الرئيسية في النصف السفلي من الشاشة لتسهيل الوصول إليها بالإبهام.
قدمت One UI تجربة استخدام سلسة ونظيفة نسبياً، مع أيقونات مستديرة وتصميم بصري مريح. تضمنت الواجهة العديد من الميزات المفيدة مثل الوضع الليلي الكامل على مستوى النظام، وتحسينات على وضع تقسيم الشاشة، وتكامل أفضل مع مساعد سامسونج الصوتي Bixby. كما تلقى الهاتف تحديثات منتظمة لنظام التشغيل والواجهة، مما أضاف ميزات جديدة وحسّن الأداء بمرور الوقت.
ميزات الأمان والخصوصية
في جانب الأمان، قدم Galaxy S10 تقنية جديدة ومبتكرة في ذلك الوقت: مستشعر بصمة الإصبع بالموجات فوق الصوتية المدمج تحت الشاشة. على عكس المستشعرات البصرية التي تتطلب إضاءة الإصبع، يستخدم المستشعر بالموجات فوق الصوتية موجات صوتية لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد لتضاريس بصمة الإصبع، مما يجعله أكثر أماناً وأقل تأثراً بالرطوبة أو الأوساخ الخفيفة على الإصبع.
كان أداء هذا المستشعر جيداً بشكل عام، لكنه لم يكن بنفس سرعة أو دقة المستشعرات التقليدية أو المستشعرات البصرية الأحدث في البداية، وتطلب بعض التعود على موقعه المحدد. بالإضافة إلى ذلك، دعم الهاتف ميزة التعرف على الوجه كخيار أمان إضافي، على الرغم من أنه كان يعتمد على الكاميرا الأمامية ثنائية الأبعاد وبالتالي لم يكن بنفس مستوى الأمان الذي توفره أنظمة التعرف على الوجه ثلاثية الأبعاد الأكثر تطوراً.
الاتصال والميزات الإضافية
كان Galaxy S10 رائداً في دعم بعض تقنيات الاتصال الحديثة. كان من أوائل الهواتف التي تدعم معيار Wi-Fi 6 (802.11ax)، مما يوفر سرعات اتصال لاسلكي أعلى وأداء أفضل في البيئات المزدحمة بالشبكات. كما دعم Bluetooth 5.0 لاتصال مستقر وفعال بالطاقة مع الملحقات اللاسلكية.
بالإضافة إلى ذلك، احتفظ الهاتف بميزات تقليدية مهمة مثل منفذ USB Type-C للشحن ونقل البيانات، ودعم NFC للمدفوعات اللاتلامسية (Samsung Pay و Google Pay). وجود منفذ سماعات الرأس قياس 3.5 ملم كان نقطة بيع قوية للكثيرين الذين يفضلون استخدام سماعاتهم السلكية المفضلة.
الخلاصة
عند النظر إلى هاتف Samsung Galaxy S10، يتضح أنه كان جهازاً طموحاً ومليئاً بالابتكارات في وقته. قدم شاشة Dynamic AMOLED مذهلة بتقنية Infinity-O التي قللت الحواف بشكل كبير، ونظام كاميرا خلفية ثلاثية متعدد الاستخدامات، وأداء قوياً بفضل معالجاته الرائدة، بالإضافة إلى ميزات إضافية مثل الشحن اللاسلكي العكسي ومستشعر البصمة تحت الشاشة. على الرغم من أن مستشعر البصمة تحت الشاشة كان يحتاج إلى بعض التحسينات الأولية وعمر البطارية كان جيداً ولكنه ليس الأفضل في فئته، إلا أن Galaxy S10 نجح في تقديم تجربة هاتف رائد متكاملة ومميزة. لقد وضع معايير جديدة في تصميم الشاشة وأداء الكاميرا، وظل خياراً قوياً في سوق الهواتف الذكية لفترة طويلة بعد إطلاقه، مما يؤكد مكانته كواحد من أبرز هواتف سامسونج في جيله.