من مشكلة بيانات ليفت إلى ثورة معالجة البيانات: كيف ولدت Eventual محرك الذكاء الاصطناعي المتعدد الوسائط؟

من مشكلة في معالجة البيانات إلى حل ثوري: كيف حولت "Eventual" تحديات الذكاء الاصطناعي إلى فرصة ذهبية

في عالم التكنولوجيا المتسارع، حيث تتشابك الخوارزميات والبيانات لتشكيل مستقبلنا، تظهر قصص نجاح تلهم وتدفع إلى الابتكار. واحدة من هذه القصص هي قصة شركة "Eventual"، التي انطلقت من رحم مشكلة تقنية واجهت مهندسيها في مجال السيارات ذاتية القيادة، لتتحول إلى حل رائد في مجال معالجة البيانات المتعددة الوسائط، وتقدم اليوم أدوات ضرورية لشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة والعملاقة على حد سواء.

جذور المشكلة: تحديات معالجة البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي

عندما كان سامي سيدهو وجاي تشيا يعملان كمهندسي برمجيات في برنامج السيارات ذاتية القيادة التابع لشركة "Lyft"، واجها تحدياً كبيراً في البنية التحتية للبيانات. السيارات ذاتية القيادة، بطبيعتها، تنتج كميات هائلة من البيانات غير المنظمة. هذه البيانات تتنوع بين المسح ثلاثي الأبعاد، الصور، النصوص، والصوت. لم تكن هناك أداة قادرة على التعامل مع كل هذه الأنواع المختلفة من البيانات في وقت واحد وبكفاءة عالية.

هذا النقص أجبر المهندسين على تجميع أدوات مفتوحة المصدر، وهي عملية معقدة ومستهلكة للوقت، بالإضافة إلى أنها عرضة للمشاكل التقنية. كما أشار سيدهو، الرئيس التنفيذي لشركة "Eventual"، في مقابلة صحفية، "كان لدينا هؤلاء العباقرة من حملة الدكتوراه والمهندسين المهرة في جميع أنحاء الصناعة، يعملون على السيارات ذاتية القيادة، لكنهم يقضون 80% من وقتهم في بناء البنية التحتية بدلاً من بناء تطبيقاتهم الأساسية". هذه المشكلة كانت في صميم البنية التحتية للبيانات.

الحل الداخلي: ميلاد "Daft" في "Lyft"

لمواجهة هذه التحديات، قام سيدهو وتشيا ببناء أداة داخلية لمعالجة البيانات المتعددة الوسائط لشركة "Lyft". هذه الأداة، التي أصبحت الأساس لـ "Daft"، كانت مصممة للتعامل مع أنواع مختلفة من البيانات، من النصوص إلى الصوت والفيديو، بكفاءة وسرعة. كانت هذه التجربة بمثابة نقطة تحول، حيث أدرك سيدهو الإمكانات الهائلة لهذا الحل.

من الحل الداخلي إلى شركة ناشئة: ولادة "Eventual"

عندما بدأ سيدهو في البحث عن فرص عمل جديدة، وجد أن المحاورين يسألونه باستمرار عن إمكانية بناء نفس الحلول لمعالجة البيانات لشركاتهم. هذه الطلبات المتكررة أشعلت شرارة فكرة "Eventual". أدرك سيدهو أن هناك حاجة ماسة في السوق لحل شامل لمعالجة البيانات المتعددة الوسائط.

في أوائل عام 2022، قبل ظهور "ChatGPT" وقبل أن يدرك الكثيرون حجم الفجوة في البنية التحتية للبيانات، أسس سيدهو وتشيا شركة "Eventual". كان الهدف هو بناء محرك معالجة بيانات مفتوح المصدر، مصمم خصيصًا للتعامل مع البيانات غير المنظمة بكفاءة.

"Daft": محرك معالجة البيانات الذي يغير قواعد اللعبة

قامت "Eventual" بتطوير "Daft"، وهو محرك معالجة بيانات مفتوح المصدر يعتمد على لغة البرمجة "Python". تم تصميم "Daft" للعمل بسرعة عبر أنواع مختلفة من البيانات، بما في ذلك النصوص والصوت والفيديو والصور. يهدف هذا المحرك إلى أن يكون بنفس القدر من التأثير الذي أحدثه "SQL" في معالجة البيانات الجدولية في الماضي.

انفجار الذكاء الاصطناعي: تسارع الطلب على حلول "Eventual"

مع ظهور "ChatGPT" والانتشار السريع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على أنواع مختلفة من البيانات، شهدت "Eventual" زيادة كبيرة في الطلب على منتجاتها. كما أوضح سيدهو، "شهدنا انفجاراً في عدد الأشخاص الذين يبنون تطبيقات الذكاء الاصطناعي باستخدام أنواع مختلفة من الوسائط. بدأ الجميع في استخدام الصور والمستندات والفيديوهات في تطبيقاتهم. ونتيجة لذلك، زاد الاستخدام بشكل كبير".

تطبيقات "Eventual": من السيارات ذاتية القيادة إلى الروبوتات والرعاية الصحية

على الرغم من أن الفكرة الأصلية لـ "Daft" نشأت في مجال السيارات ذاتية القيادة، إلا أن هناك العديد من الصناعات الأخرى التي تعالج بيانات متعددة الوسائط. تشمل هذه الصناعات الروبوتات، وتكنولوجيا البيع بالتجزئة، والرعاية الصحية. وهذا يدل على أن الحل الذي تقدمه "Eventual" لديه إمكانات واسعة للتطبيق في مختلف المجالات.

جذب الاستثمارات: الثقة في رؤية "Eventual"

في فترة زمنية قصيرة، نجحت "Eventual" في جذب استثمارات كبيرة. حصلت الشركة على جولات تمويل متعددة خلال ثمانية أشهر فقط. كانت الجولة الأولى عبارة عن جولة أولية بقيمة 7.5 مليون دولار بقيادة شركة "CRV". ثم حصلت الشركة مؤخرًا على جولة تمويل من السلسلة "A" بقيمة 20 مليون دولار بقيادة شركة "Felicis"، بمشاركة من "M12" التابعة لشركة "Microsoft" و "Citi".

هذه الاستثمارات ستساعد "Eventual" على تعزيز عروضها مفتوحة المصدر، بالإضافة إلى تطوير منتج تجاري يسمح للعملاء ببناء تطبيقات ذكاء اصطناعي تعتمد على البيانات التي تتم معالجتها.

رؤية المستثمرين: "Eventual" في طليعة الثورة

أشارت أستاسيا مايرز، الشريك العام في شركة "Felicis"، إلى أنها اكتشفت "Eventual" من خلال عملية مسح للسوق، والتي تضمنت البحث عن بنية تحتية للبيانات قادرة على دعم العدد المتزايد من نماذج الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط. وأضافت أن "Eventual" تميزت بكونها رائدة في هذا المجال، والذي من المحتمل أن يصبح أكثر ازدحامًا، وذلك بناءً على حقيقة أن المؤسسين تعاملوا مع مشكلة معالجة البيانات هذه بشكل مباشر.

أكدت مايرز أيضًا أن "Eventual" تعمل على حل مشكلة متنامية. وفقًا لشركة الاستشارات الإدارية "MarketsandMarkets"، من المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 35% بين عامي 2023 و 2028.

البيانات غير المنظمة: التحدي الأكبر في عصر الذكاء الاصطناعي

أوضحت مايرز أن "البيانات المولدة سنويًا زادت 1000 ضعف على مدار العشرين عامًا الماضية، و 90% من بيانات العالم تم إنشاؤها في العامين الماضيين، ووفقًا لـ "IDC"، فإن الغالبية العظمى من البيانات غير منظمة". وأضافت أن "Daft" يتناسب مع هذا الاتجاه الكلي للذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يتم بناؤه حول النصوص والصور والفيديو والصوت. "أنت بحاجة إلى محرك معالجة بيانات أصلي متعدد الوسائط".

مستقبل "Eventual": بناء أدوات الذكاء الاصطناعي للجميع

مع استمرار نمو سوق الذكاء الاصطناعي وتزايد الحاجة إلى معالجة البيانات المتعددة الوسائط، تضع "Eventual" نفسها كلاعب رئيسي في هذا المجال. من خلال توفير أدوات قوية ومرنة، تهدف الشركة إلى تمكين الشركات من جميع الأحجام من بناء تطبيقات ذكاء اصطناعي متطورة.

قصة "Eventual" هي شهادة على قوة الابتكار والقدرة على تحويل التحديات إلى فرص. من خلال تحديد مشكلة في البنية التحتية للبيانات، قام المؤسسون ببناء حل يغير قواعد اللعبة، مما يفتح الباب أمام مستقبل أكثر ذكاءً وتطورًا. مع استمرار تطور التكنولوجيا، من المؤكد أن "Eventual" ستلعب دورًا حاسمًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

🔗 مصادر إضافية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى