مهندس برمجيات سجين: قصة نجاح مذهلة في عالم التقنية و 11 عاماً من السجن

من السجن إلى عالم البرمجيات: قصة بريستون ثورب الملهمة
في بريستون ثورب عالم التكنولوجيا المتسارع، حيث تتنافس
البداية الصعبة: من الشارع إلى السجن
لم تكن بداية حياة بريستون ثورب سهلة. فقد طُرد من منزله في سن المراهقة، مما دفعه إلى سلوك طريق المخدرات. انتهى به الأمر في السجن في سن العشرين، بعد أن تورط في جرائم ذات صلة بالمخدرات. هذه التجربة القاسية تركت أثراً عميقاً في نفسه، وجعلته يشعر باليأس وفقدان الأمل في المستقبل.
"كنت غبياً تماماً"، هذا ما قاله ثورب عن تلك الفترة من حياته. "كنت قد استسلمت لحياتي، وشطبتها تماماً، وتقبلت أن هذه هي حياتي، ولم يكن لدي أي أمل".
نقطة التحول: السجن كفرصة للتغيير
رغم كل الصعاب، لم يستسلم ثورب لليأس. انتقاله إلى سجن في ولاية مين، بالتزامن مع تفشي جائحة كوفيد-19، كان بمثابة نقطة تحول في حياته. فقد منحه هذا الوضع الجديد فرصة للتفكير في مستقبله، وإعادة تقييم قيمه وأهدافه.
"عندما أتيت إلى مين، كان الأمر مختلفاً تماماً"، يتذكر ثورب. "حدث كوفيد-19 بعد وصولي مباشرة، وأعطاني فرصة – لم يكن هناك أحد حولي شعرت أنني بحاجة إلى التصرف أو إثبات نفسي أمامه. كنت أنا فقط. شعرت بالفعل أن الأمر ربما لم ينتهِ بعد؛ ربما يمكنني في النهاية أن أحظى بحياة طبيعية. كانت لدي هذه الرؤية: ‘سأصنع شيئاً من نفسي.’"
التعليم عن بعد: فتح آفاق جديدة – دليل بريستون ثورب
في سجن ماونتن فيو، استغل ثورب الفرصة المتاحة للتعليم عن بعد. حصل على شهادته الجامعية من جامعة مين في أوغوستا. في الوقت نفسه، قررت كلية كولبي توظيف أحد طلابها المسجونين كأستاذ مساعد. كان هذا الاقتراح غير تقليدي، لكن مفوض إدارة الإصلاحيات في ولاية مين، راندال ليبرتي، رأى أنه يستحق المخاطرة.
"بعد التفكير، سمحت بحدوث ذلك، وعلى مر السنين، كان ناجحاً جداً"، يقول المفوض ليبرتي. "يمكن لطلابه زيارته في السجن، ويمكنه أن يأخذهم في جولة. إنه يوفر تنوعاً حقيقياً في الآراء والأفكار والخلفيات. إنه يخلق بيئة غنية للتعلم."
اكتشاف شغفه بالبرمجة في بريستون ثورب
خلال فترة سجنه، اكتشف ثورب شغفه بالبرمجة. بدأ في تعلم لغات البرمجة وتطوير مهاراته في هذا المجال. بفضل مثابرته وتعلمه الذاتي، تمكن من بناء سجل حافل بالإنجازات في عالم البرمجيات.
التعاون مع شركة Turso: فرصة عمل غير تقليدية
أثبت ثورب نفسه كمبرمج موهوب من خلال مساهماته في مشروع مفتوح المصدر تقوده شركة Turso المتخصصة في قواعد البيانات. أثار عمله إعجاب الرئيس التنفيذي للشركة، غلاوبر كوستا، الذي عرضه عليه وظيفة.
"تحققت من ملفه الشخصي على GitHub، وذكر حقيقة أنه مسجون"، قال كوستا لـ TechCrunch. "إنها قصة لم أرها من قبل".
هذا القرار لم يكن سهلاً، لكن كوستا آمن بقدرات ثورب، ورأى فيه إمكانات كبيرة. أدرك كوستا أن ثورب ليس مجرد مبرمج عادي، بل هو شخص لديه قصة ملهمة تستحق الدعم والتشجيع.
برنامج العمل عن بعد في السجون: نموذج ناجح
يشارك ثورب في برنامج تجريبي في نظام سجون ولاية مين يسمح للسجناء بالعمل عن بعد من داخل السجن. هذه الفرص غير التقليدية أثبتت أنها ذات تأثير كبير في إعادة تأهيلهم.
يعمل حالياً حوالي 30 سجيناً، بمن فيهم ثورب، في وحدة المعيشة المكتسبة، وهي منشأة سجن أقل تقييداً للسجناء الذين أظهروا سجلاً طويلاً من السلوك الجيد. يتبرع جميع السجناء الذين لديهم وظائف عن بعد بنسبة 10٪ من رواتبهم للدولة، بالإضافة إلى أي مدفوعات أخرى قد تكون مطلوبة للتعويض أو الرسوم القانونية أو إعالة الطفل.
دور ولاية مين الرائد
تعتبر ولاية مين رائدة في هذا المجال، حيث وضعت البنية التحتية اللازمة للتعليم عن بعد خلال جائحة كوفيد-19. بعد أن أصبحت هذه البنية التحتية قائمة، توسعت فجأة فرص العمل عن بعد للسجناء.
"كانت مين حقاً رائدة في هذا المجال"، تقول هايلي شوف، المديرة التنفيذية المشاركة لـ Unlocked Labs، وهي منظمة توظف مهندسين مسجونين وسابقين لإنشاء برامج تعليمية للاستخدام في السجون.
التأثير الإيجابي للبرنامج
يساهم برنامج العمل عن بعد في السجون في تحسين حياة السجناء، من خلال توفير فرص عمل ذات رواتب جيدة، وتنمية المهارات، وتعزيز الثقة بالنفس، وتقليل معدلات العودة إلى الإجرام. كما أنه يساعد على سد النقص في العمالة في قطاع التكنولوجيا، ويساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافاً.
التحديات التي تواجه السجناء العاملين عن بعد
على الرغم من الفوائد العديدة لبرنامج العمل عن بعد، إلا أنه يواجه بعض التحديات. من بين هذه التحديات:
- قيود الوصول إلى التكنولوجيا: قد يواجه السجناء صعوبة في الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر والإنترنت، مما يعيق قدرتهم على العمل بفعالية.
- القيود الأمنية: يجب على السجناء الالتزام بإجراءات أمنية صارمة، مما قد يؤثر على قدرتهم على التواصل مع زملائهم والعمل بشكل تعاوني.
- الوصمة الاجتماعية: قد يواجه السجناء العاملون عن بعد وصمة اجتماعية، مما قد يؤثر على علاقاتهم مع الآخرين وفرصهم في الحصول على وظائف بعد الإفراج عنهم.
- التوازن بين العمل والحياة: قد يجد السجناء صعوبة في تحقيق التوازن بين العمل والحياة، خاصة في بيئة السجن.
الدروس المستفادة من قصة بريستون ثورب
قصة بريستون ثورب تقدم لنا دروساً قيمة:
- الأمل والإصرار: حتى في أحلك الظروف، يمكن للأمل والإصرار أن يفتحا لنا أبواباً جديدة.
- الفرص الثانية: يجب أن نؤمن بالفرص الثانية، ونمنح الأشخاص الذين ارتكبوا أخطاء فرصة لتغيير حياتهم.
- التعليم والتدريب: التعليم والتدريب هما أدوات قوية للتمكين والتغيير.
- المجتمع الداعم: يمكن للمجتمع الداعم أن يلعب دوراً حاسماً في مساعدة الأشخاص على إعادة بناء حياتهم.
- المرونة والتكيف: القدرة على التكيف مع التغيير والمرونة في مواجهة التحديات هما مفتاح النجاح.
مستقبل بريستون ثورب
بالنظر إلى مسيرته المهنية الحافلة بالإنجازات، يبدو مستقبل بريستون ثورب مشرقاً. إنه يعمل حالياً كمهندس برمجيات في شركة ناشئة، ويساهم في تطوير منتجات وخدمات مبتكرة. يسعى ثورب أيضاً إلى مساعدة الآخرين، من خلال مشاركة قصته الملهمة، وتقديم الدعم والإرشاد للسجناء السابقين.
الأثر الأوسع لقصة ثورب
قصة بريستون ثورب ليست مجرد قصة فردية، بل هي رمز للأمل والإلهام. إنها تظهر لنا أن السجن ليس نهاية المطاف، وأن هناك دائماً فرصة للتغيير والنمو. كما أنها تسلط الضوء على أهمية إعادة تأهيل السجناء، وتوفير الفرص لهم للمساهمة في المجتمع.
دور التكنولوجيا في إعادة التأهيل
تلعب التكنولوجيا دوراً متزايد الأهمية في إعادة تأهيل السجناء. من خلال توفير الوصول إلى التعليم والتدريب والعمل عن بعد، يمكن للتكنولوجيا أن تساعد السجناء على تطوير المهارات اللازمة للنجاح في الحياة بعد الإفراج عنهم.
التحديات المستقبلية
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات كبيرة في مجال إعادة تأهيل السجناء. من بين هذه التحديات:
- الوصمة الاجتماعية: لا يزال السجناء السابقون يواجهون وصمة اجتماعية، مما يجعل من الصعب عليهم الحصول على وظائف والسكن والاندماج في المجتمع.
- نقص الموارد: هناك نقص في الموارد المتاحة لبرامج إعادة التأهيل، مما يحد من قدرتها على تلبية احتياجات السجناء.
- نظام العدالة الجنائية: يجب إصلاح نظام العدالة الجنائية لجعله أكثر عدالة وإنصافاً، وتقليل معدلات العودة إلى الإجرام.
الخلاصة
قصة بريستون ثورب هي شهادة على قوة الإرادة الإنسانية وقدرة الإنسان على التغلب على الصعاب. إنها تذكرنا بأهمية الفرص الثانية، وأهمية دعم الأشخاص الذين ارتكبوا أخطاء في حياتهم. من خلال توفير الفرص للتعليم والتدريب والعمل، يمكننا مساعدة السجناء على إعادة بناء حياتهم، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافاً. قصة ثورب تلهمنا جميعاً، وتدعونا إلى التفكير في كيفية مساعدة الآخرين على تحقيق إمكاناتهم الكاملة، بغض النظر عن خلفيتهم أو ظروفهم. إنها قصة تستحق أن تُروى، وأن تُدرس، وأن تكون مصدر إلهام للأجيال القادمة.