ميتا تطوّر الذكاء الاصطناعي بقفزات هائلة

ميتا تُحدث ثورة في الذكاء الاصطناعي: روبوتات أكثر ذكاءً وتحرير فيديو متطور
تُواصل شركة ميتا، الرائدة في مجال التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية، خطواتها الثابتة نحو مستقبلٍ رقميّ متطور، مُعلنةً مؤخراً عن إنجازين بارزين في مجال الذكاء الاصطناعي يُعيدان تشكيل تصوّرنا لكيفية تفاعلنا مع التكنولوجيا. فهذه التطورات، التي تُعتبر نقلة نوعية في عالم الروبوتات وتحرير الفيديو، ستُحدث بلا شكّ تأثيراً عميقاً على مليارات مستخدمي منصات ميتا، من فيسبوك وإنستغرام وواتساب إلى ثريدز.
V-JEPA 2: ذكاء اصطناعي يتعلم "التفكير" قبل التصرف
يُمثل إعلان ميتا عن نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد V-JEPA 2 حدثاً بالغ الأهمية في مجال الروبوتات. فلا يتعلق الأمر فقط بتطوير قدرات الروبوتات على الحركة والتنفيذ، بل يتجاوز ذلك بكثير إلى منحها القدرة على "التفكير" قبل التصرف، تماماً كما يفعل البشر. يمكن تشبيه V-JEPA 2 بـ"الدماغ" الذي يُمكّن الروبوتات ووكلاء الذكاء الاصطناعي من فهم العالم المادي، والتفاعل معه بذكاء ومرونة.
فهم العالم من خلال "النموذج العالمي":
يُعتمد في V-JEPA 2 على مفهوم "النموذج العالمي" (World Model)، وهو إطار عمل يُمكّن الذكاء الاصطناعي من القيام بثلاث وظائف أساسية:
الفهم (Understanding): القدرة على استيعاب البيئة المحيطة وتفاصيلها المختلفة، من حركة الأشياء إلى تفاعل الأفراد.
التنبؤ (Prediction): الاستشراف لما قد يحدث في المستقبل بناءً على فهمه للبيئة وتفاعلاتها.
التخطيط (Planning): وضع خطط عمل فعّالة لتحقيق أهداف محددة، مع مراعاة التوقعات المستقبلية.
يُدرّب V-JEPA 2 على كم هائل من لقطات الفيديو، مما يُتيح له تعلم كيفية حركة الأشياء، وتفاعلات الأفراد معها، وكيفية سير الأحداث في العالم الحقيقي. وهذا ما يُميزه عن النماذج السابقة، حيث يُظهر قدرة أكبر على فهم البيئات غير المألوفة، والتعامل مع المواقف الجديدة بمرونة وفعالية. فلا يتعلق الأمر فقط بتنفيذ الأوامر، بل بتكييف السلوك مع الظروف المتغيرة.
اختبارات ناجحة وتطبيقات عملية:
أجرت ميتا اختبارات معمليّة لـ V-JEPA 2، حيث أظهرت الروبوتات التي تستخدم هذا النموذج قدرات مُذهلة، كالإمساك بالأشياء، وتحريكها، ومدّ اليد بدقة. قد تبدو هذه القدرات بديهية للبشر، إلا أنها تُمثل قفزة نوعية في عالم الروبوتات، وتفتح آفاقاً جديدة لتطبيقاتها في مختلف المجالات، من الصناعة والطب إلى خدمة العملاء والترفيه. يُعتبر V-JEPA 2 خطوة هامة نحو روبوتات أكثر ذكاءً وقدرة على التفاعل مع بيئتها بشكل طبيعي وفعال.
ميتا تُطلق أداة تحرير فيديو بالذكاء الاصطناعي: إبداعك بلا حدود
إلى جانب التطورات المذهلة في مجال الروبوتات، أعلنت ميتا أيضاً عن أداة تحرير فيديو جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، متوفرة عبر تطبيق Meta AI وتطبيق Edits الجديد. تُتيح هذه الأداة للمستخدمين إعادة مزج مقاطع الفيديو القصيرة بسهولة ومرونة، باستخدام مجموعة واسعة من الخيارات المُعدّة مسبقاً.
تحرير الفيديو بلمسة سحرية:
تُقدم أداة تحرير الفيديو من ميتا تجربة فريدة من نوعها، حيث تُمكّن المستخدمين من تغيير مظهرهم، وخلفياتهم، وأجواء مقاطع الفيديو الخاصة بهم، بل وحتى أسلوب المقطع بأكمله. فمن خلال مجموعة من المطالبات المُعدّة مسبقاً، يمكن تحويل الفيديو العادي إلى تحفة فنية، من مشهد من قصص مصورة قديمة إلى فيديو أنيق وعصري.
التحكم الكامل في عملية التحرير:
و كخطوة مستقبلية طموحة، تُخطط ميتا لإضافة ميزة استخدام المطالبات النصية الخاصة، مما يُتيح للمستخدمين التحكم الكامل في عملية التحرير، وتصميم مقاطع الفيديو بالطريقة التي يرغبون بها تماماً. هذه الميزة، المستوحاة من نماذج Movie Gen من ميتا، ستُعزز من إمكانيات الأداة بشكل كبير، وتُفتح آفاقاً جديدة للإبداع الرقمي.
سهولة الاستخدام والوصول الواسع:
تتميز أداة تحرير الفيديو بسهولة استخدامها، حيث يمكن تحميل الفيديو ببساطة، واستعراض أكثر من 50 مطالبة تحرير، واختيار ما يناسب الرغبة. و مع ذلك، يُلاحظ أنّ هذه الخدمة مُتاحة حالياً في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى، مع إمكانية تحرير ما يصل إلى 10 ثوانٍ من الفيديو مجاناً لفترة محدودة. كما يُمكن مشاركة الفيديوهات المُحرّرة مباشرةً على فيسبوك أو إنستغرام، أو نشرها على موجز Discover.
مستقبل الذكاء الاصطناعي مع ميتا: آفاق واسعة وإمكانيات لا حدود لها
تُمثل إعلانات ميتا الأخيرة نقلة نوعية في عالم الذكاء الاصطناعي، مُبرهنةً على التطور السريع في هذا المجال، وعلى التزام ميتا بالابتكار والتطوير المستمر. فقدرات V-JEPA 2 في فهم العالم والتفاعل معه، بالإضافة إلى أداة تحرير الفيديو المُبتكرة، تُشير إلى مستقبلٍ رقميّ أكثر ذكاءً وتفاعلاً. وتُفتح هذه التطورات آفاقاً واسعة للتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي، وتُثير تساؤلات حول حدود الإمكانيات في هذا المجال المُذهل. فمن المتوقع أن تُحدث هذه التكنولوجيا تغييرات جذرية في حياتنا اليومية، وتُعيد تشكيل طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا ومع بعضنا البعض. ويُبقى السؤال المطروح: ما هي الخطوة التالية في رحلة ميتا نحو مستقبلٍ رقميّ مُبتكر؟