هجمات إلكترونية تستهدف مواقع إسرائيلية

هجمات سيبرانية مكثفة تستهدف البنية التحتية الإسرائيلية: حرب الظل تشتعل
17 يونيو 2025 – آخر تحديث: 12:49 بتوقيت مكة المكرمة
لم تعد الحرب بين إيران وإسرائيل حربًا تقليدية محصورةً في ساحات القتال التقليدية. فقد امتدت إلى ساحة جديدة، أكثر غموضًا وخطورة، ألا وهي ساحة الحرب السيبرانية. في الأيام الأخيرة، شهدت إسرائيل سلسلة من الهجمات السيبرانية المُنسقة والمتزامنة، والتي استهدفت بنيتها التحتية الحيوية، مما أثار مخاوف كبيرة حول أمنها القومي. تُشير التقارير إلى تورط مجموعات قرصنة إلكترونية متقدمة، ذات خبرة واسعة في شنّ هجمات مُعقدة.
مجموعة "حنظلة": ضربة موجعة للبنية التحتية الإسرائيلية
تُعتبر مجموعة "حنظلة" من أبرز الجماعات التي شاركت في هذه الهجمات، حيث بدأت عملياتها في 14 يونيو، تزامنًا مع اندلاع الحرب. وقد استهدفت مجموعة "حنظلة" بشكلٍ رئيسي قطاعات حيوية في إسرائيل، مستفيدة من الفوضى المصاحبة للحرب. ووفقًا لموقع "رانسوم لوك" المتخصص في تتبع هجمات القرصنة الإلكترونية، ومجموعات تلغرام التابعة للمجموعة، فقد نجحت "حنظلة" في اختراق عدد من الشركات الإسرائيلية الكبرى.
استهداف قطاع الطاقة: ضربة موجعة لشركات "دلكول" و"ديليك"
أحد أبرز أهداف مجموعة "حنظلة" كانت شركتا "دلكول" و"ديليك" العملاقتان في مجال الطاقة والوقود في إسرائيل. وقد نجحت المجموعة في اختراق أنظمة الشركتين، مُسرقةً أكثر من 2 تيرابايت من البيانات الحساسة، والتي شملت معلومات سرية تتعلق بعمليات الإنتاج والتوزيع، إضافة إلى معلومات حساسة تتعلق بالبنية التحتية. لم يكتفِ الفريق بسرقة البيانات، بل هدد أيضًا بإيقاف عمل محطات الوقود التابعة للشركتين، وحتى تعطيل إمدادات الوقود للطائرات الحربية، مما يُشكل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي الإسرائيلي.
استهداف قطاع الطيران المُسير: اختراق شركة "أيرودريمز"
لم يقتصر هجوم مجموعة "حنظلة" على قطاع الطاقة، بل امتد إلى قطاع الطيران المُسير، حيث نجحت المجموعة في اختراق شركة "أيرودريمز" الأمريكية، وهي شركة رائدة في مجال تطوير أنظمة المسيرات. وقد تمكنت "حنظلة" من سرقة 400 غيغابايت من البيانات الداخلية، مما يُشير إلى قدرتها على الوصول إلى معلومات حساسة حول تقنيات المسيرات وأنظمتها، وهو ما يُمكن أن يُستخدم في تطوير أسلحة سيبرانية أو في شنّ هجمات مستقبلية.
استهداف المقاولات العسكرية: اختراق "واي جي نيو إيدان المحدودة"
كما استهدفت "حنظلة" شركة "واي جي نيو إيدان المحدودة" للمقاولات العامة، وهي شركة تُعتبر من أذرع وزارة الدفاع الإسرائيلية. يُشير هذا الاختراق إلى قدرة المجموعة على الوصول إلى معلومات سرية للغاية تتعلق بالمشاريع العسكرية الإسرائيلية، مما يُمثل تهديدًا خطيرًا لأمن إسرائيل.
ضربة قاصمة للبنية التحتية للإنترنت: اختراق شركات "099 إسرائيل" و"برايمو"
ولكن الاختراق الأبرز والأكثر خطورة الذي قامت به مجموعة "حنظلة" كان استهداف شركتي الإنترنت "099 إسرائيل" و"برايمو"، اللتين تُشكلان جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للإنترنت في إسرائيل. وقد تمكنت المجموعة من إرسال أكثر من 150 ألف بريد إلكتروني رسمي باستخدام خوادم الشركتين، مما يُشير إلى قدرتها على التلاعب بالبنية التحتية للاتصالات، وإمكانية استخدامها في عمليات إلكترونية واسعة النطاق.
مجموعة "الحشاشين": استهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية
إلى جانب مجموعة "حنظلة"، برزت مجموعة قرصنة أخرى تُعرف باسم "الحشاشين"، والتي قامت باختراق أحد خوادم البنية التحتية التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد قامت المجموعة بنشر عنوان "آي بي" الخاص بالخادم عبر قنواتها على تلغرام، مما يُشير إلى مستوى عالٍ من الخبرة في مجال القرصنة الإلكترونية، وقدرتها على الوصول إلى معلومات حساسة ذات أهمية عالمية.
تاريخ طويل من الهجمات: خبرات متقدمة وقدرة على التخطيط
تُشير التقارير إلى أن كلا المجموعتين، "حنظلة" و"الحشاشين"، لهما تاريخ طويل في شنّ الهجمات السيبرانية على مواقع إسرائيلية وأمريكية. فقد سبق لمجموعة "الحشاشين" اختراق أنظمة التحكم الصناعي في عدة شركات صناعية أمريكية، بينما هاجمت "حنظلة" موقع الشرطة الإسرائيلية في فبراير الماضي. يُشير هذا التاريخ إلى خبرة عالية في مجال القرصنة الإلكترونية، وقدرة على التخطيط وتنفيذ عمليات مُعقدة.
التحديات والآثار: مستقبل الحرب السيبرانية
تُمثل هذه الهجمات السيبرانية تحولًا خطيرًا في طبيعة الحرب، حيث تُصبح ساحة المعركة هي الفضاء الإلكتروني. وتُبرز هذه الهجمات حجم التحديات التي تواجهها الدول في حماية بنيتها التحتية الحيوية من الهجمات السيبرانية المُتطورة. كما تُثير هذه الهجمات أسئلة حول فعالية الإجراءات الأمنية الحالية، واحتياج الدول إلى تطوير استراتيجيات دفاعية أكثر فعالية لمواجهة هذا النوع من التهديدات. وتُشير هذه الحوادث إلى تزايد اعتماد الجهات الفاعلة غير الحكومية على الهجمات السيبرانية كأداةٍ رئيسية في صراعاتها، مما يُعقّد المشهد الأمني العالمي بشكلٍ كبير. إنّ فهم طبيعة هذه الهجمات، وتطوير استراتيجيات دفاعية متقدمة، أصبح ضرورة ملحة لتجنب عواقب وخيمة على الأمن القومي للدول. كما يُبرز هذا الحدث أهمية التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة السيبرانية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمواجهة التهديدات المُتزايدة.