هواوي تتأخر.. صدمة في سباق الرقائق

هواوي وسباق الرقائق: فجوة تقنية تتسع رغم الإنجازات المعلنة
تتصدّر شركة هواوي الصينية عناوين الأخبار باستمرار، سواءً بإنجازاتها التقنية المزعومة أو بتحدياتها في مواجهة العقوبات الأمريكية. لكن خلف واجهة الإنجازات المُبهرة، تكشف تقارير حديثة عن واقع مُختلف تماماً فيما يتعلق بقدرة هواوي على اللحاق بمنافسيها الغربيين في مجال تصميم وتصنيع الرقائق المتقدمة. فبينما تُروج الشركة لإنجازاتٍ مُذهلة، تُشير الوقائع إلى فجوة تقنية متزايدة، تُثير تساؤلات حول استراتيجيتها المستقبلية.
مُعالِج Kirin X90: حقيقة مُختلفة عن المُعلن
شهد الشهر الماضي تصاعداً في التكهنات حول قدرات هواوي في مجال تصنيع الرقائق، وذلك بعد ظهور تقارير تُشير إلى أنّ حاسوب MateBook Fold يعمل بمعالج Kirin X90 مُصنّع بتقنية 5 نانومتر. لكنّ المعلومات المُحدّثة تُفنّد هذه المزاعم، مُؤكدةً أنّ المعالج يُصنّع فعلياً بتقنية 7 نانومتر من قِبل شركة SMIC الصينية، وهي نفس تقنية تصنيع معالج Kirin 9020 السابق. هذا يُشير إلى أنّ التقدّم المُعلن ليس بالقفزة النوعية التي تمّ الترويج لها، بل هو تقدّم محدود.
العقوبات الأمريكية وعائق تقنية EUV
تُعزى هذه الفجوة التقنية بشكلٍ رئيسي إلى العقوبات الأمريكية التي تحظر على هواوي وSMIC استخدام تقنية الطباعة الحجرية المتطورة EUV (Extreme Ultraviolet Lithography). تُعدّ تقنية EUV حاسمة في تصنيع الرقائق المتقدمة، حيث تسمح بنحت دوائر أصغر وأكثر كثافة على رقاقة السيليكون، مما يُؤدي إلى زيادة الأداء وكفاءة الطاقة. وبسبب هذا الحظر، اضطرت SMIC إلى الاعتماد على آلات طباعة DUV (Deep Ultraviolet Lithography) الأقدم، مع استخدام تقنيات مُعقّدة لتعويض نقص الدقة، مما يُزيد من التكلفة ويُقلّل من الكفاءة.
إقرار هواوي بالتأخر: الرياضيات والحوسبة العنقودية كحلول بديلة
في مقابلةٍ مع صحيفة "الشعب" الصينية، أقرّ الرئيس التنفيذي لشركة هواوي، رين تشنغ فاي، بوجود فجوة تقنية، مُشيراً إلى أنّ "رقاقتنا الفردية لا تزال متأخرة بجيل عن الولايات المتحدة". لكنّه أكّد على أنّ الشركة تُعوّض هذا التأخر من خلال التركيز على تطوير الخوارزميات، والحوسبة العنقودية (High-Performance Computing)، بالإضافة إلى تطوير البرمجيات. وهذا يُشير إلى استراتيجية تعتمد على تحسين أداء البرامج والأنظمة بدلاً من الاعتماد الكامل على تطوير رقائق متقدمة.
الفجوة تتسع: جيلان من التخلف!
لكنّ تصريح رين لا يُخفي حقيقة أنّ الفجوة التقنية بين هواوي ونظرائها الغربيين تتجاوز جيلًا واحدًا. مع اقتراب إطلاق هواتف آيفون 18 من أبل العام المقبل، والتي ستعتمد على معالجات 2 نانومتر، تصبح الفجوة أكثر وضوحًا، حيث تتجاوز جيلين تقريباً. هذا يُلقي بظلالٍ من الشك على قدرة هواوي على مُنافسة الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال في المُستقبل القريب.
طموح بديل تقنية EUV: أمل أم وهم؟
تُصرّ هواوي على سعيها لإيجاد بديل لتقنية EUV، لكنّ هذا الطموح يبدو حتى الآن أقرب إلى الأمل منه إلى الواقع. فلا توجد مؤشرات عملية على قدرة الشركة على سد هذه الفجوة خلال المُستقبل المُنظور. يُبرز هذا التحدّي صعوبة مُواجهة العقوبات الأمريكية والتكنولوجيا المُتقدمة التي تسيطر عليها الشركات الغربية. يُحتاج الأمر إلى استثمارات ضخمة وبحث وتطوير مكثّف لبلوغ مستوى التنافسية المطلوب.
الخلاصة: بين الترويج والواقع
تُظهر هذه التقارير أنّ الصورة ليست كما تُروّج لها هواوي. فبينما تُحقق الشركة نجاحات في بعض المجالات، إلا أنّها تواجه تحدياتٍ كبيرة في سباق الرقائق. تُبرز هذه القضية أهمية البحث والتطوير المستقل، بالإضافة إلى ضرورة التغلب على العقبات السياسية والاقتصادية التي تُعيق تقدم الشركات الصينية في مجال التكنولوجيا المتقدمة. يبقى السؤال: هل تستطيع هواوي سدّ هذه الفجوة التقنية، أم أنّها ستظلّ متأخرة عن المنافسة العالمية لسنواتٍ قادمة؟ يُتوقع أن تُجيب الأيام القادمة على هذا السؤال.