واتساب تُطلق الإعلانات أخيرًا

واتساب تُعلن عن عصر جديد: الإعلانات تصل إلى "الحالة" بعد انتظار طويل
مقدمة: ثورة إعلانية هادئة في عالم واتساب
بعد أكثر من خمسة عشر عاماً من السيادة كمنصة دردشة خاصة، تُعلن شركة ميتا عن خطوة جريئة ستُغيّر بشكلٍ ما من طبيعة تجربة مستخدمي واتساب: دخول الإعلانات إلى التطبيق. ولكن، بعيداً عن المخاوف التي قد تراود البعض، فإن هذا القرار ليس اقتحاماً عشوائياً، بل هو نتيجة لتطور طبيعي لمنصة تضم أكثر من ملياري مستخدم نشط شهرياً، ويسعى هذا التقرير إلى استعراض تفاصيل هذه الخطوة وتداعياتها على مستخدمي واتساب ومستقبل المنصة.
الإعلانات في قسم "الحالة": تجربة مُحسّنة أم انتهاك للخصوصية؟
سيشهد قسم "الحالة" في واتساب، المُشابه لخاصية "القصص" في إنستغرام، ظهور الإعلانات لأول مرة. ستظهر هذه الإعلانات بين تحديثات الحالة التي ينشرها الأصدقاء، بطريقة مُصممة لتكون غير مُزعجة قدر الإمكان. وقد أكدت واتساب بشكلٍ قاطع أن هذه الإعلانات لن تتسلل إلى مناطق أخرى من التطبيق، كالرسائل الخاصة أو المكالمات الجماعية أو المجموعات. وهذا يُعتبر نقاط قوة في استراتيجية واتساب، حيث يُحافظ على جوهر تجربة الدردشة الخاصة والآمنة.
استهداف دقيق دون المساس بالبيانات الشخصية:
تعتمد واتساب على آلية استهداف مُحسّنة تُركز على بيانات غير شخصية لضمان الخصوصية. فبدلاً من استخدام بيانات حساسة كأرقام الهواتف أو محتويات الرسائل، تُستخدَم بيانات مثل الموقع الجغرافي (البلد والمدينة)، اللغة، وتفضيلات المستخدم بناءً على تفاعلاته السابقة مع الإعلانات على منصات ميتا الأخرى. كما أن ربط حساب واتساب بمركز حسابات ميتا (Meta Account Center) سيساهم في تحسين استهداف الإعلانات بناءً على تفضيلات المستخدم المُحددة مسبقاً في هذا المركز. وتُمثل هذه الخطوة محاولة لتوازن بين تحقيق الإيرادات وحماية خصوصية المستخدمين.
قنوات واتساب: فرص جديدة للمبدعين والشركات
إلى جانب الإعلانات في قسم "الحالة"، أعلنت واتساب عن تطورات مُهمة في ميزة "القنوات" (Channels). هذه الميزة تسمح للمستخدمين بالاشتراك في قنوات مُحددة للحصول على تحديثات من جهات مُعينة. وتُتيح هذه الخطوة فرصاً جديدة للمبدعين والشركات لتوسيع نطاق وصولهم إلى الجمهور.
فرص الترويج والاشتراكات المدفوعة:
ستُتيح واتساب للشركات والمبدعين إمكانية ترقية قنواتهم من خلال إعلانات تظهر في قسم "الاكتشاف"، وهو ما يُعتبر فرصة مُهمة لزيادة الوعي بمحتوى القناة. كما ستُتيح المنصة إمكانية فرض رسوم اشتراك على المحتوى الحصري الذي تقدمه القنوات، وهو ما يُشكل مصدر دخل جديد للمبدعين والشركات. سيتم معالجة مدفوعات الاشتراكات من خلال بوابات الدفع المعتمدة في متاجر التطبيقات.
أرقام ضخمة وأهداف طموحة:
تُشير أرقام ميتا إلى أن أكثر من 1.5 مليار شخص يستخدمون خاصيتي "الحالة" و"القنوات" يومياً. وهذا يُبرز الحجم الضخم للسوق الإعلاني الذي تُستهدفه واتساب، مُشيراً إلى إمكانية تحقيق إيرادات مُهمة دون التأثير على التجربة الأساسية للدردشة. وتُمثل هذه الأرقام دافعاً قوياً لشركة ميتا لاستثمار في تطوير هذه الخاصية وتحسين تجربة المستخدم معها.
رأي الخبراء: تطوّر طبيعي أم مغامرة مُجازفة؟
علقّت أليس نيوتن ريكس، نائبة رئيس المنتجات في واتساب، على هذه الخطوة بقولها إن الإعلانات والترويج عبر القنوات يُمثلان تطوراً طبيعياً لمسار واتساب التجاري، خاصة بعد توسّع خدمات الأعمال على التطبيق وطلب الشركات أدوات أفضل للوصول إلى الجمهور. وهذا الرأي يُشير إلى أن هذه الخطوة ليست قراراً عشوائياً، بل هي جزء من استراتيجية متكاملة لتحقيق النمو المستدام لمنصة واتساب.
الاستراتيجية الشاملة: امتداد للتجربة التجارية
يُعتبر إطلاق الإعلانات في واتساب امتداداً طبيعياً للاستراتيجية التجارية التي تبنّتها الشركة منذ سنوات. فقد حققت واتساب إيرادات من خلال منصة واتساب للأعمال، وكذلك إعلانات "انقر للتواصل عبر واتساب" المرتبطة بمنصات ميتا الأخرى. وتُمثل هذه الميزة الجديدة خطوة إضافية في هذا الاتجاه، مُعززة باستخدام تقنيات استهداف متطورة تحافظ على خصوصية المستخدمين.
الخاتمة: مستقبل واتساب في ظلّ الإعلانات
سيتم طرح الإعلانات وميزات الاشتراك الجديدة عالمياً خلال الأشهر المقبلة. وتُمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في تاريخ واتساب، مُفتحة آفاقاً جديدة للتجربة التجارية على المنصة. ولكن يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح واتساب في التوفيق بين تحقيق الإيرادات وحماية تجربة المستخدم الخاصة والآمنة؟ فقط الوقت سيُحدد ذلك. ولكن من المُؤكد أن هذه الخطوة ستُحدث تغييراً مُلموساً في مُستقبل واتساب وعلاقته بمستخدميه.