ويندوز يسمح بحذف تطبيقاته.. لكن ليس للجميع

ويندوز 11: حرية الاختيار أم ضغط قانوني؟ إمكانية حذف تطبيقات مايكروسوفت في الاتحاد الأوروبي
تُحدث التغييرات في أنظمة التشغيل جدلاً واسعاً، خاصةً عندما تتعلق بفرض تطبيقات معينة على المستخدمين. شهد نظام التشغيل ويندوز 11، رغم تصميمه الجديد وميزاته المدعومة بالذكاء الاصطناعي، نقاشاً حاداً حول بعض التطبيقات المثبتة مسبقاً، مثل متصفح مايكروسوفت إيدج، ومحرك بحث بينج، ومتجر مايكروسوفت ستور. لكنّ الوضع تغير مؤخراً في دول الاتحاد الأوروبي، حيث أصبح بإمكان المستخدمين حذف هذه التطبيقات، فما هي قصة هذه التغييرات؟ وما هو أثرها على المستخدمين داخل وخارج الاتحاد الأوروبي؟
قانون الأسواق الرقمية: المحرك وراء التغيير
لم تأتِ إمكانية حذف هذه التطبيقات من مبادرة طوعية من مايكروسوفت، بل هي نتيجة مباشرة لقانون الأسواق الرقمية (DMA) الذي بدأ تطبيقه في الاتحاد الأوروبي العام الماضي. يُلزم هذا القانون شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك مايكروسوفت، بمنح المستخدمين حرية أكبر في اختيار تطبيقاتهم وخدماتهم، وذلك يشمل الحق في إزالة التطبيقات الافتراضية المثبتة مسبقاً على الأجهزة.
دروس من تجربة آبل
لم تكن مايكروسوفت الشركة الأولى التي تُجبر على تغيير سياساتها بسبب هذا القانون. فقد سبقتها آبل، التي اضطرت إلى اعتماد منفذ USB-C في هواتف آيفون وأجهزتها الأخرى. يُظهر هذا القانون مدى تأثيره على كبرى شركات التكنولوجيا، وإصرار الاتحاد الأوروبي على حماية حقوق المستخدمين وزيادة المنافسة في سوق التكنولوجيا. يُعَدّ هذا القانون سابقة قانونية هامة قد تُؤثّر على سياسات شركات التكنولوجيا العالمية في المستقبل.
التطبيق العملي: من يستطيع حذف التطبيقات؟
يُمكن لمستخدمي ويندوز 11 داخل دول الاتحاد الأوروبي فقط الاستفادة من إمكانية حذف تطبيقات مايكروسوفت المذكورة أعلاه. أما المستخدمون في مناطق أخرى من العالم، مثل الهند أو الشرق الأوسط، فلا يزالون مُلزمين باستخدام هذه التطبيقات، على الأقل حتى تُغيّر مايكروسوفت سياساتها عالمياً. هذا الأمر يُثير تساؤلات حول المساواة في الوصول إلى هذه الميزة، وإمكانية تطبيق هذا القانون على نطاق أوسع في المستقبل.
التأثير على التطبيقات المثبتة
تؤكد مايكروسوفت أن حذف متجر مايكروسوفت ستور لن يؤثر على التطبيقات التي تم تحميلها من خلاله مسبقاً. ستظل هذه التطبيقات تتلقى التحديثات بشكل طبيعي، ويمكن إعادة تثبيت المتجر في أي وقت يرغب المستخدم بذلك. لكن يبقى السؤال حول مدى سهولة هذه العملية، وإمكانية مواجهة المستخدمين لمشاكل تقنية أثناء محاولتهم إعادة تثبيت المتجر.
الفوائد العملية لحذف التطبيقات
تتمثل الفائدة الأبرز من حذف بينج وإيدج في التخلص من الإشعارات والتنبيهات المتكررة التي تدفع المستخدمين إلى استخدام هاتين الخدمتين. هذه الإشعارات قد تكون مزعجة لبعض المستخدمين، خاصةً أولئك الذين يفضلون استخدام خدمات أخرى للبحث وتصفح الإنترنت. يُمثّل هذا القرار خطوة نحو منح المستخدمين المزيد من التحكم في تجربتهم مع نظام التشغيل.
مقارنة مع سياسات آبل
تُشبه خطوة مايكروسوفت هذه خطوات آبل، التي بدأت بدورها في السماح للمستخدمين بتغيير التطبيقات الافتراضية، مثل المتصفح وتطبيق الموسيقى، دون فرض استخدام سفاري أو آبل ميوزيك بشكل حصري. يُظهر هذا التغيير في سياسات كبرى شركات التكنولوجيا اتجاهاً نحو منح المستخدمين المزيد من الحرية والاختيار في استخدام أجهزتهم.
كيفية حذف تطبيقات مايكروسوفت
تُوفر مايكروسوفت طريقتين بسيطتين لحذف تطبيقاتها:
الطريقة الأولى: النقر بزر الفأرة الأيمن على التطبيق، ثم اختيار "استكشاف المزيد" ومن ثم "إلغاء التثبيت".
الطريقة الثانية: التوجه إلى الإعدادات من قائمة "ابدأ"، ثم اختيار "التطبيقات"، ثم "التطبيقات المثبتة"، ثم البحث عن التطبيق المطلوب (مثل إيدج أو بينج)، النقر على النقاط الثلاث، ثم اختيار "إلغاء التثبيت".
تُعتبر هاتان الطريقتان بسيطتين وسهلة الفهم، مما يُسهّل على المستخدمين حذف التطبيقات المطلوبة دون مواجهة أي تعقيدات تقنية.
الخاتمة: مستقبل حرية المستخدم
يُمثّل قرار مايكروسوفت السماح بحذف بعض تطبيقاتها في الاتحاد الأوروبي خطوة هامة نحو منح المستخدمين المزيد من الحرية والتحكم في تجربتهم مع نظام التشغيل. رغم أن هذا القرار جاء استجابةً لقانون الأسواق الرقمية، إلا أنه يُعكس اتجاهاً عالمياً نحو تعزيز حقوق المستخدمين وحماية خصوصيتهم. يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى اتساع هذا النطاق، وإمكانية تطبيقه على نطاق عالمي في المستقبل، مما يُعزز من المنافسة ويُحسّن من تجربة المستخدم بشكل عام. يُتوقع أن تُؤثر هذه التغييرات بشكل كبير على سوق التكنولوجيا، ودفع الشركات نحو مزيد من الشفافية والتركيز على تلبية احتياجات المستخدمين.