يقول الرئيس التنفيذي لشركة Klarna إن الشركة ستستخدم البشر لتقديم خدمة عملاء VIP

بالتأكيد، بصفتي صحفيًا عربيًا متخصصًا في التكنولوجيا، سأقوم بإعادة صياغة المحتوى الأصلي وتوسيعه لإنشاء مقال شامل ومبتكر باللغة العربية، مع التركيز على الجوانب التي تهم القارئ العربي وتوفير سياق إضافي.
عنوان المقال: كلارنا تعيد تعريف خدمة العملاء: الذكاء الاصطناعي يحرر البشر لتقديم تجربة النخبة
مقدمة: مفارقة الذكاء الاصطناعي واللمسة البشرية
في عالم تزداد فيه هيمنة خوارزميات الذكاء الاصطناعي على جوانب حياتنا اليومية، من المساعدين الافتراضيين إلى أنظمة التوصية الذكية، يبرز سؤال جوهري حول مستقبل الوظائف البشرية، لا سيما في قطاع خدمة العملاء. فبينما تتسابق الشركات لتبني حلول الذكاء الاصطناعي لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة، يأتي تصريح سيباستيان سيمياتكوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة "كلارنا" (Klarna) الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية، ليقدم منظوراً مغايراً ومثيراً للاهتمام. ففي مؤتمر SXSW بلندن، أكد سيمياتكوفسكي أن شركته، التي اشتهرت بتبنيها المكثف للذكاء الاصطناعي لدرجة استغنائها عن ما يعادل 700 موظف بشري، تتجه الآن نحو توظيف العنصر البشري لتقديم خدمة عملاء "كبار الشخصيات" (VIP). هذا التحول لا يمثل تراجعاً عن تبني الذكاء الاصطناعي، بل إعادة تعريف ذكية لدوره، حيث يمكن أن يتعايش كفاءة الآلة مع قيمة التواصل البشري في آن واحد.
كلارنا: تحول في استراتيجية خدمة العملاء
لطالما كانت كلارنا، المعروفة بنموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقًا" (Buy Now, Pay Later – BNPL)، في طليعة الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتها. وقد أدت هذه الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة، حيث انخفض عدد موظفي الشركة من 5500 موظف قبل عامين إلى حوالي 3000 موظف حالياً. هذا التخفيض الكبير في القوى العاملة، لا سيما في أقسام دعم العملاء، ساهم في تقليل تكاليف الرواتب وزيادة الإيرادات لكل موظف، مما يعكس الكفاءة التشغيلية التي يمكن أن يحققها الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، يصر سيمياتكوفسكي على أن هذا لا يعني غياب الفرص للعنصر البشري داخل كلارنا. بل على العكس تماماً، يرى أن تقديم خدمة العملاء البشرية سيظل دائماً "شيئاً مميزاً للغاية" أو "خدمة كبار الشخصيات". يشبه ذلك بالملابس المصنوعة يدوياً التي تُباع بسعر أعلى من تلك المصنوعة آلياً، لما تحمله من قيمة إضافية وحرفية فريدة. هذا التشبيه البسيط يحمل في طياته رؤية عميقة لمستقبل التفاعل بين الإنسان والآلة في عالم الأعمال.
اللمسة البشرية: رفاهية أم ضرورة في عصر الذكاء الاصطناعي؟
إن مفهوم "خدمة كبار الشخصيات" البشرية ليس مجرد ترف، بل هو استثمار في بناء علاقات أعمق مع العملاء وتعزيز ولائهم. في حين أن الذكاء الاصطناعي يتفوق في التعامل مع الاستفسارات المتكررة والمهام الروتينية، مثل تحديث معلومات الحساب أو معالجة المدفوعات البسيطة، فإن هناك جوانب لا يمكن للآلة أن تحاكيها بفعالية. هذه الجوانب تشمل:
التعاطف والتفهم العاطفي: القدرة على فهم مشاعر العميل، وتقديم الدعم في المواقف الصعبة أو المعقدة التي تتطلب لمسة إنسانية حقيقية، مثل التعامل مع شكاوى حساسة أو مشاكل مالية شخصية. في الثقافة العربية، يُقدر التواصل المباشر والتعاطف بشكل كبير، حيث يفضل العديد من العملاء التحدث إلى شخص حقيقي يمكنه فهم سياقهم الثقافي والاجتماعي.
حل المشكلات المعقدة وغير النمطية: عندما تتجاوز المشكلة نطاق الإجابات المبرمجة، يحتاج العميل إلى شخص يمكنه التفكير خارج الصندوق، وتحليل الموقف من زوايا متعددة، وتقديم حلول إبداعية. هذا يتطلب فطنة بشرية لا يزال الذكاء الاصطناعي بعيداً عن إتقانها.
بناء الثقة والولاء: التفاعل البشري يبني جسور الثقة. عندما يشعر العميل بأن هناك شخصاً حقيقياً يهتم بمشكلته ويبذل جهداً لحلها، فإن ذلك يعزز الولاء للعلامة التجارية بشكل لا يمكن للردود الآلية تحقيقه. في أسواق مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تلعب العلاقات الشخصية دوراً محورياً في الأعمال، يمكن أن تكون هذه اللمسة البشرية عاملاً حاسماً في الاحتفاظ بالعملاء المتميزين وجذبهم.
الاستشارات والتوجيه: في الخدمات المالية المعقدة التي تقدمها كلارنا، قد يحتاج العملاء إلى استشارات شخصية حول خيارات الدفع، أو إدارة الديون، أو التخطيط المالي. هذه المهام تتطلب خبرة بشرية وقدرة على التوجيه بما يتناسب مع الظروف الفردية لكل عميل.
يرى سيمياتكوفسكي أن "الأمرين يمكن أن يتحققا في نفس الوقت. يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي لإزالة الوظائف المملة والمهام اليدوية تلقائياً، ولكننا سنعد عملاءنا أيضاً بتوفير اتصال بشري". هذا التوازن بين الكفاءة الآلية والقيمة البشرية هو جوهر استراتيجية كلارنا الجديدة.
إعادة تعريف الأدوار الوظيفية: مهندس الأعمال الجديد
لا يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على خدمة العملاء فحسب، بل يمتد ليشمل إعادة تشكيل الأدوار الوظيفية داخل الشركات. يلاحظ سيمياتكوفسكي أن المناصب الهندسية في كلارنا لم تتقلص بنفس القدر الذي شهدته الأقسام الأخرى، لكنه يشير إلى أن هذا قد يتغير في المستقبل. ما يراه داخلياً هو "صعود جديد لرجال الأعمال الذين يبرمجون بأنفسهم".
هذه الملاحظة تحمل دلالات عميقة لمستقبل سوق العمل، خاصة في المنطقة العربية التي تسعى جاهدة لتطوير كوادرها الرقمية. التحدي الذي يواجهه العديد من المهندسين اليوم هو افتقارهم إلى "الفطنة التجارية" أو "الحس التجاري" (business savvy). فالمهندس الذي يمتلك فهماً عميقاً للأعمال، ويستطيع استخدام الذكاء الاصطناعي لترجمة هذا الفهم إلى حلول برمجية، سيصبح أكثر قيمة بكثير في المستقبل.
يُعد هذا الاتجاه بمثابة دعوة للمتخصصين في التكنولوجيا في المنطقة العربية إلى تطوير "المهارات الهجينة" (hybrid skills) التي تجمع بين الخبرة التقنية والفهم التجاري. فبدلاً من التركيز على البرمجة كهدف في حد ذاته، يجب أن ينظر المهندسون إلى كيفية استخدام التكنولوجيا لحل مشاكل الأعمال الحقيقية وتحقيق القيمة.
سيمياتكوفسكي نفسه يجسد هذا التحول، حيث يستخدم تشات جي بي تي (ChatGPT) لمساعدته على تعلم البرمجة وفهم المزيد عن جانب البيانات في كلارنا. يرى أن هذا قد ساعد كلارنا على أن تصبح شركة أفضل، حيث لم يكن يعتقد سابقاً أنه سيلحق بالركب في فهم ما يلزم للعب دور أكثر فاعلية في محادثات قواعد البيانات بالشركة. استخدامه لتشات جي بي تي "كمعلم خاص" يبرز قوة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تمكين الأفراد من اكتساب مهارات جديدة بسرعة وفعالية.
توحيد البيانات: حجر الزاوية للذكاء الاصطناعي الفعال
تطرق سيمياتكوفسكي أيضاً إلى قرار كلارنا بالتوقف عن استخدام أنظمة مثل سيلزفورس (Salesforce) و وورك داي (Workday). السبب الرئيسي وراء هذا القرار هو رغبة كلارنا في "توحيد بياناتها" (consolidate its data) بطريقة تسهل تغذيتها للذكاء الاصطناعي.
تخيل أن شركة مثل كلارنا، التي تتعامل مع ملايين المعاملات والعملاء، تحتاج إلى جمع معلومات حول أحد عملائها. في الماضي، كان عليها المرور عبر العديد من الأنظمة المتفرقة مثل جوجل سويت (Google Suite)، وسلاك (Slack)، وورك داي، وسيلزفورس، وغيرها. هذا التشتت في البيانات، أو ما يُعرف بـ"صوامع البيانات" (data silos)، يعيق قدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بكفاءة وتقديم رؤى شاملة.
إن توحيد البيانات يعني جمع كل المعلومات ذات الصلة في مكان واحد، أو على الأقل في نظام مترابط يسهل على نماذج الذكاء الاصطناعي الوصول إليها وتحليلها. هذا يضمن أن الذكاء الاصطناعي لديه "رؤية شاملة للعميل" (holistic customer view) أو للعمليات، مما يمكنه من تقديم استجابات أكثر دقة، وتوصيات أفضل، وحلول أكثر فعالية. وقد توقفت كلارنا عن استخدام حوالي 1200 خدمة برمجية صغيرة لتحقيق هذا الهدف، مما يؤكد على أهمية هذه الخطوة الاستراتيجية في رحلتها نحو الاعتماد الأكبر على الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي ومخاطر الاحتيال: تحديات الثقة الرقمية
لم يغفل سيمياتكوفسكي الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي، وهو دوره في تسريع وتيرة عمليات الاحتيال. فمع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح المحتالون قادرين على إنشاء عمليات احتيال أكثر تعقيداً وإقناعاً، مثل التزييف العميق (deepfakes) في الصوت والصورة، ورسائل التصيد الاحتيالي (phishing) شديدة التخصيص.
وأشار إلى أن هذا يؤثر بشكل خاص على "المجتمعات ذات الثقة العالية" (high-trust societies) مثل السويد، بلده الأم. وقد أفادت صحيفة فاينانشال تايمز مؤخراً عن ارتفاع في عمليات الاحتيال المالي التقني (fintech scams)، مشيرة، على سبيل المثال، إلى مدى تعرض سكان سنغافورة لها بسبب ثقتهم الطبيعية في مختلف المؤسسات. وأكد سيمياتكوفسكي أن "الذكاء الاصطناعي يسرع هذا الأمر بشكل واضح".
هذا التحدي يفرض على الشركات والحكومات في المنطقة العربية، التي تشهد نمواً متسارعاً في الخدمات المالية الرقمية، ضرورة تعزيز الوعي الأمني الرقمي وتطوير آليات دفاعية متقدمة لمكافحة الاحتيال المدعوم بالذكاء الاصطناعي. فبناء الثقة في البيئة الرقمية يتطلب جهوداً مستمرة لحماية المستهلكين من التهديدات المتزايدة.
آفاق كلارنا المستقبلية: الاكتتاب العام والبيئة الاقتصادية
بالنسبة لمستقبل كلارنا المالي، ألمح سيمياتكوفسكي إلى إمكانية المضي قدماً في طرح عام أولي وشيك (pending IPO)، لكنه لم يلتزم بموعد محدد. وعبر عن سعادته بـ"اضطراب أقل في السوق"، مما يشير إلى أن استقرار الأسواق العالمية قد يمهد الطريق لخطوات استراتيجية كبيرة للشركة.
تُعد كلارنا واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا المالية الخاصة في العالم، وأي طرح عام أولي لها سيكون حدثاً مهماً في القطاع، ويعكس ثقة المستثمرين في نموذج أعمالها وقدرتها على النمو في ظل المنافسة الشديدة والتغيرات التكنولوجية المتسارعة.
وفي لمسة شخصية، كشف سيمياتكوفسكي عن أمنيته لو كان يمتلك "عصا سحرية" بأن يعيد المملكة المتحدة جزءاً من الاتحاد الأوروبي مرة أخرى، مما أثار تصفيقاً حاراً من الحضور. هذا التعليق، على الرغم من كونه سياسياً، يسلط الضوء على مدى تأثير البيئة التنظيمية والجيوسياسية على قرارات الشركات العالمية الكبرى واستراتيجياتها.
خاتمة: مستقبل التكامل بين الإنسان والآلة
تصريحات سيباستيان سيمياتكوفسكي من كلارنا تقدم رؤية ثاقبة لمستقبل لا يرى الذكاء الاصطناعي والإنسان كخصمين، بل كشريكين متكاملين. فبينما تتولى الآلات المهام الروتينية لزيادة الكفاءة وخفض التكاليف، يتم تحرير البشر للتركيز على ما يجيدونه أفضل: التواصل البشري، والتعاطف، وحل المشكلات المعقدة، وتقديم القيمة المضافة التي لا يمكن للآلة محاكاتها.
إن هذا التوازن الذكي لا يضمن فقط تجربة عملاء مميزة، بل يعيد أيضاً تعريف أدوار الموظفين، مما يدفعهم نحو اكتساب مهارات جديدة تجمع بين الفطنة التجارية والخبرة التقنية. في النهاية، يبدو أن المستقبل الأكثر "ازدهاراً" هو ذلك الذي يتعاون فيه الذكاء الاصطناعي مع الذكاء البشري، لخلق قيمة أكبر للشركات والعملاء على حد سواء، مع ضرورة التصدي لتحديات الثقة والأمان التي يفرضها هذا التطور التكنولوجي المتسارع.