يقول بيو إن المؤثرين ذوي الميول اليسارية يحتضنون بلوزكي دون التخلي عن X

توافد المؤثرين ذوي التوجهات اليسارية على منصة بلوسكاي: تحليل جديد من مركز بيو للأبحاث

مقدمة:

شهد عالم التواصل الاجتماعي مؤخراً تحولاً ملحوظاً مع ظهور منصات جديدة تسعى لتقديم بدائل لعمالقة المجال. ومن أبرز هذه المنصات منصة "بلوسكاي" (Bluesky) التي جذبت انتباه الكثيرين، لا سيما المؤثرين ذوي التوجهات السياسية اليسارية. وقد ألقى مركز بيو للأبحاث الضوء على هذه الظاهرة في تحليل جديد، كاشفاً عن أرقام مثيرة للاهتمام حول استخدام هذه الفئة من المؤثرين للمنصة، وعلاقتهم بمنصة إكس (X) سابقاً تويتر. سنستعرض في هذا المقال تفاصيل هذا التحليل، ونضيف إليه بعض السياقات والتحليلات الإضافية ذات الصلة بالقارئ العربي.

أسباب الإقبال على بلوسكاي:

يُعزى هذا التوافد المتزايد للمؤثرين اليساريين على بلوسكاي إلى عدة عوامل، أبرزها:

الخيبة من سياسات إكس: بعد استحواذ إيلون ماسك على منصة إكس (تويتر سابقاً)، واعتناق سياسات يُنظر إليها على أنها تخدم التوجهات المحافظة، شعر العديد من المستخدمين، وخاصةً من ذوي التوجهات الليبرالية والديمقراطية، بالاستياء من التغييرات التي طرأت على المنصة. شمل ذلك تخفيف القيود على خطاب الكراهية، وتغيير خوارزميات العرض، وإجراءات التحقق من الحسابات التي أثارت جدلاً واسعاً. هذا الأمر دفع الكثيرين للبحث عن منصات بديلة أكثر انفتاحاً وتسامحاً.

البحث عن بيئة أكثر أماناً: يشعر العديد من المؤثرين، وخاصةً أولئك الذين يناقشون قضايا حساسة، بقلق متزايد بشأن سلامتهم وسلامة جمهورهم على منصات التواصل الاجتماعي. وقد ساهمت سياسات إكس الجديدة في تفاقم هذا القلق، مما دفعهم للبحث عن منصات توفر بيئة أكثر أماناً وأقل عرضة للتلاعب والتحرش. بلوسكاي، بفضل تصميمها الموزع، تُعدّ أكثر مقاومة للرقابة المركزية، مما يجعلها أكثر جاذبية لهؤلاء المؤثرين.

التوجه نحو اللامركزية: تُعرف بلوسكاي بنموذجها اللامركزي، وهو ما يجعلها مختلفة تماماً عن منصات التواصل الاجتماعي التقليدية. هذا النموذج يضمن حرية أكبر للمستخدمين، ويقلل من سيطرة جهة واحدة على المحتوى والبيانات. وهذا الأمر يُعتبر جاذباً كبيراً للمؤثرين الذين يسعون للحفاظ على استقلاليتهم وتجنب الرقابة المركزية.

تحليل مركز بيو للأبحاث:

أجرى مركز بيو للأبحاث تحليلاً لبيانات 500 مؤثر على منصات التواصل الاجتماعي، يمتلك كل منهم أكثر من 100,000 متابع على الأقل، وينشر بانتظام حول الأحداث الجارية. وقد كشف التحليل عن النقاط التالية:

انتشار واسع بين اليساريين: أظهر التحليل أن 43% من هؤلاء المؤثرين لديهم حساب على بلوسكاي خلال شهري فبراير ومارس. ومن المثير للاهتمام أن أكثر من نصف هذه الحسابات (51%) تم إنشاؤها بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024. كما لوحظ تفاوت كبير بين المؤثرين ذوي التوجهات اليسارية واليمينية، حيث انضمّ 69% من المؤثرين اليساريين (الذين أعلنوا صراحةً تأييدهم لجو بايدن أو كامالا هاريس) إلى بلوسكاي، مقارنةً بـ 15% فقط من المؤثرين المحافظين.

عدم التخلي عن إكس: لم يؤدّ انتقال المؤثرين إلى بلوسكاي إلى التخلي عن منصة إكس. فقد ظلّ 82% من المؤثرين الذين تم تتبعهم من قبل بيو يحتفظون بحساباتهم على إكس، وهو انخفاض طفيف فقط مقارنةً بـ 85% في صيف عام 2025. وبعبارة أخرى، فإن معظم المؤثرين (87%) لم يتخلوا عن إكس بالرغم من انضمامهم إلى بلوسكاي.

زيادة النشاط على بلوسكاي: رغم أن معظم المؤثرين ما زالوا ينشرون بانتظام أكبر على إكس، إلا أن النشاط على بلوسكاي في ازدياد. فقد ارتفع عدد المؤثرين الذين ينشرون فعلياً على بلوسكاي من 54% في الأسبوع الأول من يناير إلى 66% في آخر أسبوع كامل من مارس.

الآثار المترتبة على هذا التحول:

يُمكن أن يكون لهذا التحول آثار مهمة على المشهد الإعلامي الرقمي، منها:

تشتت الجمهور: قد يؤدي انتشار المؤثرين على منصات متعددة إلى تشتت جمهورهم، مما يجعل من الصعب عليهم الوصول إلى جميع متابعيهم.

تغيير ديناميكيات التفاعل: قد تتغير ديناميكيات التفاعل بين المؤثرين وجمهورهم، بسبب اختلاف طبيعة كل منصة وجمهورها.

فرص جديدة للإبداع: قد تُتيح المنصات الجديدة مثل بلوسكاي فرصاً جديدة للمؤثرين للتجريب وإطلاق مبادرات إبداعية جديدة.

تحديات تقنية: يواجه المؤثرون تحديات تقنية متعلقة بإدارة حساباتهم على منصات متعددة، والتأكد من اتساق رسائلهم على جميع هذه المنصات.

دور بلوسكاي في المشهد العربي:

من المهم التساؤل عن دور بلوسكاي في المشهد العربي. فمع تزايد عدد مستخدمي التواصل الاجتماعي في العالم العربي، قد تُصبح هذه المنصة خياراً مُفضلاً للكثيرين، خاصةً مع التوجه نحو اللامركزية والحرية في التعبير. لكن يجب التعرف على التحديات التي قد تواجه انتشار بلوسكاي في المنطقة، مثل اللغة والثقافة والبنية التحتية للتكنولوجيا.

الخاتمة:

يُمثل توافد المؤثرين ذوي التوجهات اليسارية على بلوسكاي ظاهرة جديرة بالدراسة والتحليل. فهو يُشير إلى تغيرات جوهرية في ديناميكيات التواصل الاجتماعي، وتفضيل المستخدمين لبيئات أكثر انفتاحاً وتسامحاً. وسيكون من المُهم متابعة تطور هذه الظاهرة وتأثيرها على المشهد الإعلامي الرّقمي في العالم العربي والعالم بأسره. كما يُعتبر فهم الدوافع وراء هذا التحول أمراً حاسماً لفهم مستقبل التواصل الاجتماعي. فهل ستُصبح بلوسكاي بديلاً جذاباً لمنصات التواصل الاجتماعي الكبيرة، أم ستبقى ظاهرة مُحدودة؟ يبقى السؤال مطروحاً للإجابة عليه مع مرور الوقت. يُتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة تطوّرات مُثيرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى