مقارنة عمر البطارية بين أشهر الساعات الذكية

يظل عمر البطارية أحد أهم العوامل التي يضعها المستخدمون في اعتبارهم عند اختيار ساعة ذكية جديدة. فالساعة التي تحتاج إلى شحن يومي قد تكون عبئًا على البعض، بينما يفضل آخرون التضحية ببعض الميزات مقابل الحصول على استقلالية أكبر في الطاقة. تتفاوت الساعات الذكية بشكل كبير في هذا الجانب، حيث تقدم بعضها أيامًا طويلة من الاستخدام بشحنة واحدة، بينما لا تتجاوز أخرى يومًا واحدًا أو اثنين في أحسن الأحوال. هذا التباين يعود إلى مجموعة من العوامل المعقدة، أبرزها نوع نظام التشغيل، حجم البطارية، كفاءة المعالج، ونوع الشاشة، بالإضافة إلى الميزات التي تعمل باستمرار مثل تتبع النشاط البدني ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والشاشة دائمة التشغيل.
عمر البطارية في ساعات Apple Watch
تعد ساعات Apple Watch من بين الأكثر شعبية على مستوى العالم، لكنها ليست الرائدة عندما يتعلق الأمر بعمر البطارية. بشكل عام، تعد Apple Watch مصممة لتدوم "يومًا كاملًا" وهو ما تترجمه آبل بحوالي 18 ساعة من الاستخدام المعتدل. يشمل هذا الاستخدام عادةً تصفح الإشعارات، استخدام بعض التطبيقات، إجراء مكالمات قصيرة، وتتبع تمرين واحد لمدة 60 دقيقة. هذا يعني أن المستخدم يحتاج إلى شحن الساعة كل ليلة.
تختلف الطرازات قليلاً في الأداء الفعلي. فمثلًا، تقدم طرازات SE الأقل تكلفة أداءً مشابهًا للطرازات الرئيسية (Series) في عمر البطارية. بينما جاءت Apple Watch Ultra، المصممة للمغامرات، ببطارية أكبر بكثير، تعد بالوصول إلى 36 ساعة من الاستخدام العادي، وحتى 60 ساعة في وضع توفير الطاقة. هذا التحسن الكبير في Ultra يضعها في فئة مختلفة عن بقية ساعات آبل، ويجعلها خيارًا أفضل لمن يبحث عن استقلالية أكبر دون التخلي عن نظام watchOS الغني بالميزات.
يؤثر الاستخدام الفعلي بشكل كبير على عمر بطارية Apple Watch. استخدام الشاشة دائمة التشغيل (Always-On Display) يستهلك طاقة إضافية، وكذلك استخدام تتبع GPS لفترات طويلة أثناء التمارين، أو استخدام الاتصال الخلوي في طرازات Cellular دون وجود الآيفون بالقرب. هذه الميزات، رغم فائدتها، تقلل بشكل ملحوظ من المدة التي يمكن أن تعمل فيها الساعة قبل الحاجة للشحن.
أداء بطارية ساعات Samsung Galaxy Watch
تعتبر ساعات Samsung Galaxy Watch المنافس الرئيسي لـ Apple Watch في عالم أندرويد، وتعمل حاليًا بنظام Wear OS بالشراكة مع جوجل. تاريخيًا، كان عمر بطارية ساعات سامسونج الذكية يتراوح بين يوم إلى يومين حسب الطراز والاستخدام. الجيل الأحدث، مثل Galaxy Watch 6، يقدم أداءً مشابهًا، حيث تتوقع سامسونج حوالي 40 ساعة من الاستخدام العادي بدون الشاشة دائمة التشغيل، وحوالي 30 ساعة مع تفعيلها.
يعتمد عمر البطارية في ساعات سامسونج بشكل كبير على حجم الساعة (الطراز الأكبر غالبًا ما يحتوي على بطارية أكبر) وتفعيل الميزات المختلفة. تفعيل الشاشة دائمة التشغيل، واستخدام تتبع GPS المكثف، وتشغيل الموسيقى، واستخدام التطبيقات التي تتطلب اتصالاً بالإنترنت، كلها عوامل تستنزف البطارية بسرعة. على الرغم من التحسينات في كفاءة المعالجات ونظام التشغيل، لا تزال ساعات Galaxy Watch تقع في فئة الساعات التي تحتاج إلى شحن متكرر، وإن كانت أفضل قليلاً من Apple Watch في بعض السيناريوهات.
قدمت سامسونج في الماضي طرازات مثل Galaxy Watch 4 Classic التي كانت بطاريتها كافية ليوم أو يوم ونصف. مع الانتقال إلى Wear OS، ركزت سامسونج على تقديم تجربة استخدام سلسة وغنية بالميزات، مما أثر بشكل طبيعي على استهلاك الطاقة. يظل التحدي الأكبر لهذه الساعات هو الموازنة بين تقديم تجربة "ساعة ذكية كاملة" وبين توفير عمر بطارية يرضي المستخدمين الذين لا يرغبون في الشحن اليومي.
عمر البطارية في ساعات Wear OS الأخرى
نظام التشغيل Wear OS من جوجل يستخدم من قبل العديد من الشركات المصنعة للساعات الذكية، مثل Fossil، Mobvoi (TicWatch)، وحتى جوجل نفسها مع Pixel Watch. تاريخيًا، كانت ساعات Wear OS تعاني من عمر بطارية قصير، وغالبًا ما كانت بالكاد تكمل يومًا واحدًا من الاستخدام. هذا كان أحد الانتقادات الرئيسية للنظام قبل الشراكة مع سامسونج وتحديثه.
مع الجيل الجديد من Wear OS والمعالجات الأحدث مثل Snapdragon Wear 4100+ و Wear OS 3/4، شهدت بعض الساعات تحسنًا ملحوظًا. على سبيل المثال، تقدم ساعات TicWatch Pro 5 من Mobvoi عمر بطارية استثنائيًا نسبيًا لساعة Wear OS، يصل إلى عدة أيام، بفضل شاشتها المزدوجة الفريدة التي تسمح بعرض المعلومات الأساسية على شاشة LCD منخفضة الطاقة فوق شاشة AMOLED الرئيسية. هذا الحل المبتكر يساعد في تقليل استهلاك الطاقة بشكل كبير.
أما Pixel Watch من جوجل، فقد قدمت تجربة Wear OS سلسة ومدمجة مع خدمات جوجل وفيتبت، لكن عمر بطاريتها كان محدودًا في الجيل الأول، حيث كانت بالكاد تكمل يومًا واحدًا. الجيل الثاني من Pixel Watch حسن الأداء قليلاً بفضل معالج أكثر كفاءة، لكنها لا تزال تقع في فئة الساعات التي تحتاج إلى شحن يومي. بشكل عام، تظل ساعات Wear OS التقليدية، باستثناء بعض النماذج المبتكرة، تتطلب شحنًا يوميًا أو كل يوم ونصف في أحسن الأحوال.
ساعات Fitbit وعمر البطارية الطويل نسبيًا
تتميز ساعات وأجهزة تتبع اللياقة البدنية من Fitbit، المملوكة الآن لجوجل، بعمر بطارية أطول بكثير مقارنة بالساعات الذكية الكاملة مثل Apple Watch و Galaxy Watch. تركز Fitbit بشكل أساسي على تتبع الصحة واللياقة البدنية، وتعمل على نظام تشغيل أبسط وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بـ watchOS أو Wear OS.
تقدم ساعات Fitbit الذكية مثل Versa و Sense عمر بطارية يتراوح عادةً بين 4 إلى 6 أيام بشحنة واحدة، حسب الاستخدام وتفعيل الميزات مثل الشاشة دائمة التشغيل وتتبع GPS المكثف. حتى مع الاستخدام النشط وتتبع التمارين اليومية، غالبًا ما تصمد هذه الساعات لعدة أيام، مما يجعلها خيارًا جذابًا لمن يفضلون شحنًا أقل تكرارًا.
أجهزة تتبع اللياقة البدنية الأبسط من Fitbit، مثل Charge أو Inspire، يمكن أن تدوم لسبعة أيام أو أكثر، نظرًا لشاشاتها الأصغر والأقل استهلاكًا للطاقة وميزاتها المحدودة مقارنة بالساعات الذكية. هذا التوازن بين الميزات وعمر البطارية هو ما يميز منتجات Fitbit ويجعلها خيارًا شائعًا بين المستخدمين الذين يركزون على الصحة واللياقة البدنية ولا يحتاجون إلى مجموعة كاملة من التطبيقات الموجودة في الساعات الذكية الأكثر تعقيدًا.
ساعات Garmin: الرائدة في عمر البطارية
عند الحديث عن عمر البطارية في الساعات الذكية، تحتل ساعات Garmin مكانة متقدمة جدًا، خاصة في فئات الساعات الرياضية المتقدمة. تشتهر Garmin بتقديم ساعات مصممة للرياضيين والمغامرين، وتركز بشكل كبير على تتبع النشاط البدني الدقيق باستخدام GPS ومستشعرات متنوعة. تعمل ساعات Garmin على نظام تشغيل خاص بها يتسم بالكفاءة العالية في استهلاك الطاقة.
يمكن لساعات Garmin في فئات مثل Forerunner أو Fenix أن تدوم لأسابيع بشحنة واحدة في وضع الساعة الذكية العادي. حتى عند استخدام تتبع GPS المكثف للتدريبات الطويلة، توفر هذه الساعات ساعات طويلة جدًا من التتبع المستمر، وهو أمر حيوي للرياضيين الذين يشاركون في سباقات الماراثون أو الأنشطة الخارجية التي تستغرق وقتًا طويلاً. بعض الطرازات المتقدمة، مثل Fenix و Epix، تقدم أيضًا خيارات الشحن بالطاقة الشمسية لزيادة عمر البطارية أثناء التواجد في الهواء الطلق.
حتى ساعات Garmin الموجهة للاستخدام اليومي مثل Venu، التي تتميز بشاشات AMOLED ملونة وجذابة، تقدم عمر بطارية أفضل بكثير من معظم الساعات الذكية المنافسة، حيث يمكن أن تدوم لعدة أيام (حوالي 5-10 أيام حسب الطراز والاستخدام) حتى مع تفعيل الشاشة دائمة التشغيل. هذا الأداء المتميز في عمر البطارية يجعل ساعات Garmin خيارًا مفضلاً للكثيرين، على الرغم من أن نظامها البيئي للتطبيقات ليس غنيًا مثل watchOS أو Wear OS.
ساعات Huawei و Xiaomi وغيرها: عمر بطارية طويل بخصائص مختلفة
دخلت العديد من الشركات الصينية، مثل Huawei و Xiaomi، سوق الساعات الذكية بقوة، وتقدم طرازات تتميز غالبًا بعمر بطارية طويل جدًا مقارنة بالساعات الرائدة من آبل وسامسونج. تستخدم هذه الشركات غالبًا أنظمة تشغيل خاصة بها، تكون أبسط وأقل استهلاكًا للطاقة من الأنظمة المعقدة مثل watchOS و Wear OS.
يمكن لساعات مثل Huawei Watch GT series أن تدوم لأسبوعين أو أكثر بشحنة واحدة، حتى مع الاستخدام المعتدل. تقدم هذه الساعات مجموعة جيدة من ميزات تتبع الصحة واللياقة البدنية، وتلقي الإشعارات، وإجراء المكالمات في بعض الطرازات. ومع ذلك، فإن نظامها البيئي للتطبيقات محدود مقارنة بالساعات التي تعمل بأنظمة تشغيل مفتوحة مثل Wear OS.
بالمثل، تقدم ساعات Xiaomi و Redmi (مثل Mi Watch و Redmi Watch) عمر بطارية يمتد لأسبوع أو أسبوعين في العديد من الطرازات. هذه الساعات غالبًا ما تكون بأسعار معقولة وتوفر الميزات الأساسية للساعة الذكية وتتبع اللياقة البدنية بكفاءة عالية في استهلاك الطاقة. اختيار هذه الساعات يعني التضحية بتوفر تطبيقات الطرف الثالث والتكامل العميق مع أنظمة الهواتف الذكية، لكنه يوفر راحة عدم الحاجة للشحن المتكرر.
العوامل المؤثرة على عمر البطارية الفعلي
من المهم فهم أن الأرقام المعلنة لعمر البطارية من قبل الشركات المصنعة هي تقديرات تعتمد على "الاستخدام النموذجي" الذي غالبًا ما يكون مثاليًا. في العالم الواقعي، يتأثر عمر البطارية بشكل كبير بعدة عوامل
الشاشة دائمة التشغيل (Always-On Display)
تفعيل هذه الميزة يبقي جزءًا من الشاشة مضاءً باستمرار لعرض الوقت أو المعلومات الأساسية دون الحاجة لتحريك المعصم. هذا يستهلك طاقة إضافية بشكل ملحوظ مقارنة بإيقاف تشغيل الشاشة عندما لا تكون قيد الاستخدام.
استخدام GPS
تتبع الأنشطة الخارجية مثل الجري أو ركوب الدراجات باستخدام GPS يستهلك كمية كبيرة من الطاقة. كلما زادت مدة استخدام GPS، قل عمر البطارية بشكل أسرع.
الإشعارات والتنبيهات
استقبال عدد كبير من الإشعارات التي تتسبب في اهتزاز الساعة وإضاءة الشاشة يؤدي إلى استنزاف البطارية بمرور الوقت.
استخدام التطبيقات والاتصال الخلوي
تشغيل التطبيقات على الساعة، خاصة تلك التي تتطلب اتصالاً بالإنترنت، أو استخدام الاتصال الخلوي لإجراء مكالمات أو استخدام البيانات دون وجود الهاتف، يستهلك طاقة إضافية كبيرة.
سطوع الشاشة وواجهات الساعة المتحركة
ضبط سطوع الشاشة على مستوى عالٍ أو استخدام واجهات ساعة معقدة أو متحركة يمكن أن يؤثر سلبًا على عمر البطارية.
تتبع الصحة والمستشعرات
المراقبة المستمرة لمعدل ضربات القلب، تتبع النوم، قياس مستوى الأكسجين في الدم (SpO2)، وغيرها من الميزات الصحية التي تعمل في الخلفية تستهلك جزءًا من طاقة البطارية.
اختيار الساعة المناسبة بناءً على احتياجات البطارية
عند اختيار ساعة ذكية، يجب على المستخدم تقييم أولوياته. إذا كان المستخدم يبحث عن ساعة ذكية كاملة مع مجموعة واسعة من التطبيقات والتكامل العميق مع الهاتف (خاصة الآيفون مع Apple Watch)، فعليه أن يكون مستعدًا للشحن اليومي أو كل يومين. في هذه الفئة، تقدم Apple Watch و Samsung Galaxy Watch و Pixel Watch أفضل التجارب، لكن على حساب عمر البطارية.
أما إذا كانت الأولوية هي تتبع اللياقة البدنية والصحة بدقة مع عمر بطارية طويل، فإن ساعات Garmin و Fitbit هي الخيارات الأفضل. تقدم Garmin عمر بطارية لا يضاهى في فئات معينة، بينما توفر Fitbit توازنًا جيدًا بين الميزات وعمر البطارية الذي يدوم لعدة أيام.
إذا كان المستخدم يبحث عن ساعة ذكية أساسية لتلقي الإشعارات وتتبع النشاط اليومي مع أطول عمر بطارية ممكن وبسعر مناسب، فإن ساعات Huawei و Xiaomi وغيرها التي تعمل بأنظمة تشغيل مبسطة قد تكون الخيار الأمثل.
الخلاصة
تظل عمر البطارية تحديًا كبيرًا في عالم الساعات الذكية، خاصة مع تزايد الميزات والقدرات. هناك مقايضة واضحة بين تعقيد نظام التشغيل، عدد الميزات، وجودة الشاشة، وبين المدة التي يمكن أن تعمل فيها الساعة بشحنة واحدة. في حين أن ساعات مثل Apple Watch و Galaxy Watch تقدم تجربة ساعة ذكية غنية ومترابطة، إلا أنها تتطلب التزامًا بالشحن اليومي. في المقابل، تقدم ساعات Garmin و Fitbit و Huawei عمر بطارية أطول بكثير، ولكن غالبًا ما يكون ذلك على حساب توفر التطبيقات أو التفاعل مع النظام البيئي للهاتف بنفس القدر. يتطور هذا المجال باستمرار، ومع تحسن كفاءة المعالجات والبطاريات، قد نرى في المستقبل ساعات ذكية تقدم أفضل ما في العالمين: ميزات متقدمة وعمر بطارية يدوم لفترة أطول. حتى ذلك الحين، يجب على المستخدم تحديد ما هو الأكثر أهمية بالنسبة له عند اتخاذ قرار الشراء.