رقابة خوارزمية خفية: هل يهدد ذكاء غوغل الاصطناعي مستقبل الإنترنت المستقل؟

اتهامات خطيرة لشركة جوجل: رقابة غير معلنة على المحتوى المستقل

تُثير اتهامات خطيرة ضد شركة جوجل، تُشير إلى فرض رقابة غير معلنة على الإنترنت عبر خوارزمياتها وتحديثاتها الأخيرة، مخاوف بالغة حول مستقبل المحتوى الرقمي المستقل. يُزعم أن هذه الرقابة، بذريعة "تسهيل الوصول إلى المعلومة"، تُقوّض جهود آلاف الناشرين المستقلين، رغم الوعود التي يحملها الذكاء الاصطناعي بعصر جديد من المعرفة السريعة والمتاحة للجميع. فهل تُحقق جوجل، باستخدام تقنياتها المتقدمة، احتكارًا للمعلومة تحت ستار التطور التكنولوجي؟

تقرير صادم: انخفاض حاد في حركة المرور للمواقع المستقلة

أطلق نيت هاك، مؤسس منصة "Travel Lemming" للسفر، جرس الإنذار في تقريرٍ مُفصّل، يُتهم فيه جوجل باستخدام ذكاءها الاصطناعي بطريقة مُمنهجة للتقليل من حركة المرور إلى المواقع المستقلة. يُشير التقرير إلى أن ميزة "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي" الجديدة، التي تُدمج الإجابات مباشرةً في نتائج البحث دون الحاجة للنقر على الروابط، تُسبّب ضررًا بالغًا لهذه المواقع. وقد أظهرت بيانات مُوثقة، نشرتها منصة "androidheadlines"، انخفاضًا هائلاً في حركة المرور يصل إلى 95% في بعض الحالات، مما أدى إلى انهيار مصادر دخل أساسية لهذه المنصات.

استراتيجية ممنهجة: إزالة "محتوى كتبه البشر" وتفضيل الإجابات الفورية

يُدّعي هاك أن هذا الانخفاض ليس صدفة، بل نتيجة خطة ممنهجة بدأت بإزالة عبارة "محتوى كتبه البشر" من إرشادات جوجل للمُنشئين، قبل إطلاق ميزة الذكاء الاصطناعي التي تُقدم إجابات مُباشرة للمستخدمين. هذه الإجابات، التي تستقي محتواها من المواقع المختلفة دون توجيه المستخدم إلى المصدر الأصلي، تُعتبر، بحسب هاك، أحد أهم أسباب تراجع حركة المرور للمواقع المستقلة. وتُمثّل هذه العملية، في جوهرها، استنزافًا لمجهودات مُبدعي المحتوى الأصليين لصالح جوجل.

معايير مزدوجة: تفضيل الناشرين الكبار على حساب المستقلين

يُسلّط التقرير الضوء على معايير مزدوجة في تعامل جوجل مع الناشرين. فبينما يتم إخطار الناشرين الكبار مسبقًا بأي "انتهاكات محتملة"، يُعاني الناشرون المستقلون من "حظر ظلي" دون أي تفسير أو إمكانية للاستئناف. هذا التمييز يُثير تساؤلات حول الشفافية والإنصاف في خوارزميات جوجل، ويكشف عن عدم تكافؤ الفرص بين الناشرين الكبار والصغار.

ارتباط مثير للريبة مع منصة Reddit: صفقة ترخيص البيانات

يُثير التقرير أيضًا علامات استفهام حول العلاقة بين جوجل ومنصة Reddit، التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الظهور تزامنًا مع توقيع صفقة ترخيص بيانات مع جوجل بقيمة 60 مليون دولار. يُطرح سؤالًا حول ما إذا كانت هذه الصفقة قد ساهمت في تحسين ترتيب Reddit في نتائج البحث على حساب المواقع المستقلة. فهل تُمثل هذه الصفقة جزءًا من استراتيجية جوجل للتحكم في تدفق المعلومات على الإنترنت؟

اعتذار نادر من جوجل: لكن هل يكفي ذلك؟

في أكتوبر 2024، دعت جوجل عددًا من الناشرين المتضررين إلى مقرها وقدّمت اعتذارًا نادرًا، مُقرّةً بأن الضرر لم يكن ناتجًا عن خطأ من الناشرين. لكنها أكّدت، في الوقت نفسه، أن "البحث قد تغيّر بشكل دائم" مع دخول الذكاء الاصطناعي. يُعتبر هذا التصريح، بحسب هاك، إقرارًا ضمنيًا باستراتيجية مُمنهجة للتحكم في نتائج البحث، مما يُثير القلق بشأن مستقبل الإنترنت المفتوح.

التكلفة الخفية للذكاء الاصطناعي: تهديد لتنوع الآراء وحرية المعلومات

رغم أن الإجابات الفورية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي تبدو مريحة، إلا أن هناك "تكلفة خفية" لهذا النموذج. فمع تراجع أعداد صُنّاع المحتوى المستقلين، تُصبح مصادر الذكاء الاصطناعي نفسها مهددة بالنضوب. هذا التوجه، بحسب هاك، لا يُمثّل مجرد أزمة اقتصادية للمواقع المستقلة، بل خطرًا حقيقيًا على تنوع الآراء، والتفكير النقدي، وحرية المعلومات على الإنترنت. فهل سيؤدي هذا إلى احتكار للمعلومة تسيطر عليه خوارزميات شركة واحدة؟ سؤالٌ يُثير قلقًا بالغًا حول مستقبل الإنترنت الحر.

الخلاصة: دعوة إلى إعادة النظر في سياسات جوجل

يُمثّل تقرير هاك دعوةً مُلحّةً لإعادة النظر في سياسات جوجل بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في نتائج البحث. فإن لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه المشكلة، فإن مستقبل الإنترنت المستقل، ومعها حرية المعلومات وتنوع الآراء، سيكون مهددًا بالاختفاء. يتطلب الأمر تدخلًا تنظيميًا ومزيدًا من الشفافية من قِبل جوجل لضمان إنصاف جميع المُنشئين وحماية تنوع المحتوى على الإنترنت.