مسح جوي يكشف ٤٣٠٠ كوالا قرب نيوكاسل

اكتشاف أكثر من 4300 كوالا في غابات نيوكاسل: ثورة في رصد الحياة البرية باستخدام الطائرات المسيرة

مقدمة: نقلة نوعية في حماية الكوالا

شهد عالم حماية الحياة البرية في أستراليا تطوراً ملحوظاً بفضل تقنيات متقدمة ساهمت في الكشف عن أعداد هائلة من الكوالا في غابات ضواحي مدينة نيوكاسل. فقد أعلن باحثون من جامعة نيوكاسل عن اكتشاف أكثر من 4300 كوالا في مساحة شاسعة تبلغ 67,300 هكتار، مستخدمين في ذلك تقنية المسح الجوي بالطائرات المسيرة المجهزة بكاميرات حرارية. يُعد هذا الاكتشاف نقلة نوعية في مجال رصد الكوالا، مُغيّراً الطريقة التقليدية التي كانت تعتمد على الجهد البشري المباشر، مُفتتحةً آفاقاً جديدة في حماية هذا النوع المهدد بالانقراض.

التقنية الحديثة في خدمة الحفاظ على البيئة

الطائرات المسيرة وكاميرات التصوير الحراري: سرعة ودقة غير مسبوقة

لعبت الطائرات المسيرة دوراً محورياً في نجاح هذا المشروع الضخم. فبفضل قدرتها على الوصول إلى المناطق النائية والوعرة، تمكن الباحثون من تغطية مساحة واسعة من الغابات في وقت وجيز. كما ساهمت كاميرات التصوير الحراري في تحديد مواقع الكوالا بدقة عالية، حيث تظهر هذه الكاميرات الكوالا على شكل بقع صفراء ساخنة تُميزها بوضوح عن بيئتها المحيطة، خاصةً في الليل. هذا الأمر قلل بشكل كبير من الوقت والجهد اللازمين للبحث التقليدي، والذي كان يستغرق ساعات طويلة مقارنة بالدقائق التي استغرقتها عملية الرصد باستخدام الطائرات المسيرة.

الاستعانة بالمعرفة المحلية: شراكة بين العلم والمجتمع

لم يقتصر نجاح هذا المشروع على التقنية المتقدمة فحسب، بل شمل أيضاً الاستفادة من المعرفة المحلية. فقد ساهم الباحث والمواطن دارين ماكيني، الذي تربى في المنطقة، بمعرفته الواسعة بتضاريسها وبيئتها، مُساهماً في تحديد مواقع محتملة لوجود الكوالا. تُبرز هذه الشراكة بين العلم والمعرفة المحلية أهمية دمج الخبرة التقليدية مع التقنيات الحديثة في جهود حماية الحياة البرية.

نتائج الدراسة: أرقام مفاجئة وأماكن غير متوقعة

أعداد هائلة في مناطق غير متوقعة: ثراء بيئي غير مُكتشف

كشف المسح عن وجود أكثر من 4300 كوالا، وهو رقم يفوق التوقعات بكثير. الأكثر إثارة للدهشة هو اكتشاف تجمعات كبيرة من الكوالا في مناطق كانت تُعتبر سابقاً شبه خالية منها، مثل حديقة سوجرلوف للحماية الطبيعية، حيث تم رصد أكثر من 290 كوالا. يُشير هذا الاكتشاف إلى ثراء بيئي غير مُكتشف، وإلى أهمية استخدام التقنيات الحديثة في الكشف عن التنوع البيولوجي.

نموذج إحصائي متطور: تقديرات دقيقة في المناطق غير المُسجلة

لم يقتصر البحث على المناطق التي تم مسحها جويًا فقط، بل استخدم الباحثون نموذجًا إحصائيًا متطوراً يعتمد على معطيات متعددة، مثل ميل الأرض، وكثافة الأشجار، ورطوبة التربة، لتقدير عدد الكوالا في المناطق التي يصعب الوصول إليها، كالأراضي الخاصة أو المناطق غير المتاحة للمسح الجوي. هذا النموذج يفتح آفاقاً جديدة في تقدير أعداد الكوالا بدقة عالية، حتى في المناطق النائية.

أهمية الدراسة وآفاق المستقبل

دور الدراسة في حماية الكوالا: خطوة حاسمة نحو تحقيق الأهداف

تُعد نتائج هذه الدراسة ذات أهمية بالغة بالنسبة لمنظمات حماية الحياة البرية، خاصة الصندوق العالمي للطبيعة في أستراليا (WWF-Australia)، الذي شارك في تمويل المشروع. فهذه البيانات تُمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق هدف الصندوق المتمثل في مضاعفة عدد الكوالا بحلول عام 2050. يُمكن الاستفادة من هذه البيانات في تطوير استراتيجيات حماية أكثر فعالية، والتي تأخذ في الاعتبار توزيع الكوالا وتفضيلاتها البيئية.

التقنيات الحديثة: مستقبل حماية الحياة البرية

أثبت هذا المشروع نجاح الاستعانة بالتقنيات الحديثة، كالطائرات المسيرة والتصوير الحراري، في رصد وتتبع الكائنات البرية. يُمكن تطبيق هذه التقنيات في حماية أنواع أخرى مهددة بالانقراض، مُساهمةً في تحسين جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي. كما أن التعاون بين العلماء والخبراء المحليين يُعد أساسياً في هذا المجال، مُعززاً الفعالية والاستدامة.

خاتمة: أمل جديد في حماية الكوالا

يُمثل اكتشاف أكثر من 4300 كوالا في غابات نيوكاسل علامة أمل كبيرة في جهود حماية هذا النوع المهدد بالانقراض. فقد أظهر هذا المشروع بجلاء أهمية الاستعانة بالطائرات المسيرة والتصوير الحراري في رصد الكائنات البرية، مُفتتحةً آفاقاً جديدة في مجال حماية البيئة. كما أكد على أهمية الشراكة بين العلم والمجتمع في مواجهة التحديات البيئية. يبقى التحدي الأكبر هو استدامة هذه الجهود، وتطوير استراتيجيات حماية فعالة لتأمين مستقبل الكوالا في أستراليا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى