روبلوكس.. تهديد رقمي ونفسي لأطفالنا

روبلوكس: عالم افتراضي جذاب يخفي مخاطر تقنية ونفسية تهدد أطفالنا

تُعتبر لعبة روبلوكس من أكثر ألعاب الفيديو شيوعًا بين الأطفال والمراهقين في العالم العربي، وقد شهدت انتشارًا واسعًا في السنوات الأخيرة، لاسيما بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 14 عامًا. سهولة الوصول إليها عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بالإضافة إلى تصميمها الجذاب وقدرتها على إشراك الأطفال في بناء عوالم افتراضية خاصة بهم، جعلتها محط أنظار الكثير من الصغار. لكن وراء واجهة هذه اللعبة الترفيهية البسيطة، تكمن مخاطر تقنية ونفسية خطيرة تستدعي اهتمامًا بالغًا من قبل الآباء والأمهات. سنستعرض في هذا المقال، بالتفصيل، هذه المخاطر وكيفية حماية أطفالنا منها.

جاذبية روبلوكس: لماذا ينجذب الأطفال إليها؟

تتميز روبلوكس بقدرتها على إثارة إحساس الإبداع والتحكم لدى الطفل. فبإمكان الطفل تصميم ألعاب خاصة به، وبناء عوالم افتراضية فريدة، واختيار شخصياته بشكل مستقل. هذا الشعور بالحرية والإنجاز السريع، بالإضافة إلى إمكانية التواصل مع أصدقاء جدد، هو ما يجعل اللعبة شديدة الجاذبية للصغار. تُعزز هذه الميزات الشعور بالاستقلالية والتمكين لدى الطفل، وهو ما يتوافق مع احتياجاته التنموية في هذه المرحلة العمرية. لكن هذا الجانب الإيجابي، قد يتحول إلى جانب سلبي إذا لم يتم مراقبة استخدام اللعبة بشكل صحيح.

الجانب المظلم: إدمان الألعاب والمخاطر النفسية

يُحذر خبراء علم النفس من خطر الإدمان على ألعاب الفيديو، بما في ذلك روبلوكس. فإن قضاء ساعات طويلة في اللعب قد يؤدي إلى الإهمال الدراسي، وتدهور العلاقات الاجتماعية، وزيادة في الشعور بالعصبية والتوتر. وقد صنفت منظمة الصحة العالمية "إدمان الألعاب" (Gaming Disorder) كاضطراب نفسي، مما يؤكد خطورة هذه الظاهرة. يجب على الآباء الانتباه إلى علامات الإدمان مثل تجنب الحوار، والانطواء الاجتماعي، والانزعاج عند محاولة الحد من وقت اللعب.

المخاطر التقنية: محتوى مفتوح وتهديدات أمنية

على الرغم من ادعاءات شركة روبلوكس بوجود نظام ذكي للحجب والتصفية، إلا أن محتوى اللعبة لا يخلو من المخاطر. فبسبب طبيعتها المفتوحة، يتواجد ضمن العالم الافتراضي لروبلوكس ألعاب تحتوي على ألفاظ بذيئة، ومفاهيم خاطئة، وإيحاءات غير لائقة، بل وحتى محتوى يتضمن التنمر والعنف اللفظي.

الاستغلال عبر الإنترنت والاحتيال

تُعد إمكانية التفاعل مع لاعبين آخرين من أبرز مكامن الخطر. فقد يتواصل الأطفال مع أشخاص بالغين يتظاهرون بأنهم أطفال، معرضين بذلك للاستغلال الجنسي أو الابتزاز. كما تُستخدم روبلوكس كمنصة لعمليات النصب والاحتيال، حيث يحاول بعض المحتالين خداع الأطفال للحصول على معلومات شخصية أو أموال. ويمثل الحصول على عملة اللعبة "روبوكس" بطرق غير شرعية مخاطرة أخرى، حيث قد يؤدي ذلك إلى اختراق الحسابات أو إصابة الأجهزة الالكترونية بالفيروسات.

الربح من روبلوكس: فرصة أم خطر؟

تتيح روبلوكس إمكانية الكسب المالي من خلال تصميم الألعاب وبيع العناصر الافتراضية مثل الأزياء والأدوات. ويمكن تحويل عملة اللعبة "روبوكس" إلى دولارات حقيقية من خلال برنامج DevEx. لكن يجب الحذر من الاحتيال في هذا المجال، فقد يُخدع بعض المستخدمين بمواقع وخدمات وهمية.

حماية أطفالنا من مخاطر روبلوكس: دليل عملي

يجب على الآباء اتخاذ إجراءات وقائية لحماية أطفالهم من مخاطر روبلوكس. وتشمل هذه الإجراءات:

استخدام أدوات الرقابة الأبوية

تقدم روبلوكس إعدادات رقابة أبوية (Parental Controls) تتيح للكبار تحديد المحتوى المناسب لعمر الطفل، ومنع التواصل مع اللاعبين الغرباء، ومتابعة وقت اللعب وسجل المحادثات. يجب تفعيل هذه الإعدادات بشكل فعال.

استخدام تطبيقات مراقبة ذكية

توجد تطبيقات مراقبة ذكية مثل Qustodio و Norton Family و Bark تساعد الآباء على متابعة أنشطة أطفالهم على روبلوكس دون أن يشعروا بذلك. تتيح هذه التطبيقات إرسال إشعارات تنبيه في حالة حدوث أي تصرفات مريبة.

الحوار والمشاركة

أخيرًا، يجب على الآباء التواصل مع أطفالهم بشكل فعال حول مخاطر استخدام الإنترنت وألعاب الفيديو. يجب تشجيع الأطفال على مشاركة مخاوفهم وتجاربهم، وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع المواقف الصعبة والخطرة في العالم الافتراضي. فالتعليم والتوعية هما أفضل طرق الحماية.

باختصار، تُعتبر روبلوكس منصة تحتوي على إمكانيات إبداعية جذابة، لكنها تُخفي مخاطر كبيرة تستدعي اهتمامًا بالغًا. يجب على الآباء الوعي بهذه المخاطر واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أطفالهم في العالم الافتراضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى