ميتا وScale AI: شراكة مليارية!

صفقة ميتا و Scale AI: اختبار جديد لشراكات الذكاء الاصطناعي واستراتيجيات تجنب الاحتكار

تُمثّل استثمار شركة ميتا، المالكة لفيسبوك، البالغ 14.8 مليار دولار في شركة "Scale AI" والتعاقد مع الرئيس التنفيذي للشركة الناشئة المتخصصة في تصنيف بيانات الذكاء الاصطناعي، اختبارًا حقيقيًا لفاعلية استراتيجيات تجنب التدقيق التنظيمي، خاصة في ظل المناخ السياسي والاقتصادي الحالي. فهل ستنجح ميتا في تجاوز القيود التنظيمية المتعلقة بعمليات الاستحواذ، أم ستواجه عواقب قانونية؟

استثمار ميتا الاستراتيجي: حصة أقلية وتأثير كبير

أعلنت ميتا يوم الخميس عن ثاني أكبر استثمار لها على الإطلاق، مُمنحةً إياها حصة غير تصويتية بنسبة 49% في شركة "Scale AI". تُعتبر هذه الشركة لاعبًا رئيسيًا في مجال تصنيف البيانات الضروري لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وتضم بين عملائها عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت و OpenAI، مطورة روبوت الدردشة الشهير "ChatGPT". ولكن، لماذا اختارت ميتا هذه الاستراتيجية بدلًا من الاستحواذ الكامل؟

الاستحواذ على المواهب مقابل الاستحواذ على الأصول

تُعرف هذه الصفقة بأنها "استحواذ على المواهب" (Talent Acquisition)، حيث يركز الاستثمار بشكل رئيسي على الحصول على الكفاءات البشرية العالية داخل الشركة المستهدفة، وليس بالضرورة على أصولها أو منتجاتها. هذه الاستراتيجية تُمكّن ميتا من الوصول إلى خبرات "Scale AI" في مجال تصنيف البيانات، وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، دون الحاجة لمراجعة مكثفة من جهات مكافحة الاحتكار.

مناورة ذكية لتجنب التدقيق؟

بفضل هيكلة الصفقة بهذه الطريقة، تتجنب ميتا المراجعة المكثفة من جهات مكافحة الاحتكار الأمريكية، التي تتطلبها عادةً عمليات الاستحواذ الكاملة أو التي تُمنح فيها حصة مسيطرة. ومع ذلك، لا تُغلق إمكانية التحقيق في الصفقة من قبل هذه الجهات، إذا رأت أنها صُممت خصيصًا لتجنب تلك المتطلبات أو لإلحاق الضرر بالمنافسة.

ردود الفعل: قلق المنافسين وبيان Scale AI

أحدث هذا الاستثمار موجة من ردود الفعل المتباينة. فقد قررت جوجل، التابعة لشركة ألفابت، قطع علاقاتها مع "Scale AI" بسبب حصة ميتا في الشركة، ويُدرس عملاء آخرون اتخاذ خطوات مماثلة. في المقابل، أكد متحدث باسم "Scale AI" استمرار قوة أعمال الشركة، والتزامها بحماية بيانات عملائها، مؤكدًا أن الشركة تعمل مع شركات كبرى وحكومات.

دور الرئيس التنفيذي وقيود الوصول للمعلومات

سينضم ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي لشركة "Scale AI"، إلى ميتا كجزء من الصفقة، وسيبقى في مجلس إدارة "Scale AI". ولكن، سيتم فرض قيود مناسبة على وصوله إلى المعلومات الحساسة لتجنب تسريب بيانات العملاء أو المعلومات التجارية الحساسة للمنافسين.

التدقيق التنظيمي: موقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة

يُثير هذا الاستثمار أسئلة حول موقف الإدارات الأمريكية المختلفة تجاه صفقات الاستحواذ على المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي. يُشير بعض الخبراء إلى أن البيئة التنظيمية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب كانت أكثر مرونة مقارنةً بإدارة الرئيس جو بايدن الحالية، حيث أبدت إدارة ترامب شكوكًا تجاه منصات التكنولوجيا الكبرى، لكنها لم تُظهر رغبة قوية في تنظيم تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل صارم.

تحقيقات لجنة التجارة الفيدرالية: جمود أم تفعيل؟

فتحت لجنة التجارة الفيدرالية تحقيقات في صفقات مماثلة لشركات مثل أمازون ومايكروسوفت، لكن هذه التحقيقات لم تُفضِ إلى نتائج حاسمة حتى الآن. فقد أُغلقت صفقة أمازون دون إجراءات إضافية، ولا تزال تحقيقات مايكروسوفت جارية. يُشير هذا إلى وجود بعض الغموض حول السياسة التنظيمية في هذا المجال.

التحليل القانوني والآراء المتباينة

يُعتبر استحواذ ميتا على حصة أقلية غير تصويتية خطوة ذكية من الناحية القانونية، حسب رأي بعض الخبراء القانونيين. فهذا يُقلل من فرص التدقيق المكثف من قبل جهات مكافحة الاحتكار. مع ذلك، لا يُستبعد إمكانية مراجعة الاتفاقية من قبل لجنة التجارة الفيدرالية.

انتقادات السياسية والقلق من الاحتكار

ولكن، لا تخلو الصفقة من الانتقادات. فقد عبّرت السناتور الديمقراطية إليزابيث وارن عن قلقها من إمكانية انتهاك هذه الصفقة للقوانين الفيدرالية بسبب تقييدها للمنافسة أو تسهيلها لهيمنة ميتا بشكل غير مشروع. ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستُثير هذه الصفقة أسئلة جديدة حول ممارسات ميتا الاحتكارية؟ وما هو مصير هذه الصفقة في وجه التدقيق القانوني؟ يبقى المستقبل حافلًا بالتطورات المتوقعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى