غوغل: الذكاء الاصطناعي يُعيق توجيه الزيارات

تأثير الذكاء الاصطناعي على هيمنة جوجل: هل ينتهي عصر البحث التقليدي؟

تُشكل محركات البحث، وعلى رأسها جوجل، ركيزة أساسية في الاقتصاد الرقمي، فهي بوابات الوصول إلى المعلومات والخدمات على الإنترنت، ومصدر رئيسي لجذب الزيارات إلى المواقع الإلكترونية. لكن مع صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي، وظهور روبوتات الدردشة المتطورة، بدأت هذه الهيمنة تتزعزع، مما يثير تساؤلات حول مستقبل البحث التقليدي، وتأثيره على إيرادات عملاقة التكنولوجيا.

تراجع إحالات جوجل: أرقام مثيرة للقلق

تشير تقارير شركات تحليل البيانات، مثل Semrush و Similarweb، إلى تراجع ملحوظ في عدد الإحالات التي يوجهها محرك بحث جوجل إلى المواقع الإلكترونية. فقد أشارت Semrush إلى أن ما يقارب 20% من زوار المواقع الكبرى يبدأون رحلتهم عبر نتائج بحث جوجل، وهو رقم هام للغاية، خاصةً بالنسبة لمواقع تعتمد بشكل كبير على محرك البحث في جذب الزيارات، مثل ويكيبيديا (63% من الزيارات عالميًا) و Tripadvisor (58%). أما Similarweb، فقد ذهب أبعد من ذلك، مؤكداً أن محركات البحث القائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT و Perplexity وحتى Gemini من جوجل نفسها، تستحوذ على ما يقارب 10% من الإحالات التي كانت تُوجه سابقاً عبر محركات البحث التقليدية. وهذا التراجع ليس مقصوراً على منصات محددة، بل يشمل كل من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.

سهولة الوصول ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي

ساهمت التطورات التكنولوجية في تعزيز سهولة استخدام روبوتات الدردشة، بل ودمجها بشكل مباشر مع أنظمة التشغيل. فقد سهلت آبل على مستخدمي هواتف iPhone إنشاء روابط مباشرة إلى ChatGPT عبر زر الإجراءات، بينما قامت جوجل باستبدال مساعد جوجل بـ Gemini على نظام أندرويد. هذا التكامل المباشر يجعل الوصول إلى المعلومات عبر روبوتات الدردشة أسرع وأكثر سهولة من البحث التقليدي، مما يشجع المستخدمين على الاعتماد عليها بشكل متزايد.

استجابة جوجل: الذكاء الاصطناعي يُواجه الذكاء الاصطناعي

لم تقف جوجل مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي. سعت الشركة إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في محرك بحثها، من خلال ميزة "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي" (AI Snapshot). هذه الميزة تقدم ملخصًا مُولّدًا بواسطة الذكاء الاصطناعي للإجابة على استفسارات المستخدمين، بدلاً من عرض روابط لمواقع إلكترونية ذات صلة. على الرغم من كونها محاولة لتحديث تجربة المستخدم، إلا أن هذه الميزة ساهمت، بشكلٍ غير مباشر، في تقليل عدد الزيارات إلى المواقع الإلكترونية.

ميزة "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي": تأثير سلبي على زيارات المواقع

أظهرت بيانات Similarweb أن نسبة الضغط على موقع إلكتروني بعد استخدام ميزة "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي" بلغت 23% فقط، مقارنةً بنسبة 36% في عمليات البحث التقليدية. هذا الفرق يُشير إلى أن تقديم إجابات مُلخصة من قبل الذكاء الاصطناعي يقلل من دافع المستخدمين لزيارة المواقع الإلكترونية للحصول على معلومات أكثر تفصيلاً. وقد أكدت شركة الأبحاث Ahrefs هذه النتائج، مشيرةً إلى تضاعف استخدام ميزة "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي" في فترة قصيرة، مما يؤكد على تأثيرها المتزايد على سلوك المستخدمين.

مستقبل البحث: تهديد إيرادات جوجل؟

إذا استمر هذا الاتجاه، فسيتغير شكل محرك بحث جوجل بشكل جذري خلال السنوات القادمة. وتدرك جوجل هذا التهديد، فهي تعمل جاهدةً على تعزيز علامتها التجارية Gemini في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن هذا التغيير لا يخلو من المخاطر، إذ يُهدد تراجع إحالات البحث التقليدي الإيرادات الضخمة التي يحققها محرك بحث جوجل، والتي بلغت 90 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025، حسب التقرير المالي الأخير لشركة ألفابت.

التحديات المستقبلية: التوازن بين الابتكار والحفاظ على الإيرادات

تواجه جوجل تحدياً كبيراً يتمثل في إيجاد التوازن بين الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي والحفاظ على إيراداتها من محرك البحث. فمن الضروري أن تُطور جوجل استراتيجيات جديدة تضمن استمرار جذب المستخدمين إلى محرك بحثها، مع الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي دون المساس بمواقع الويب التي تعتمد عليه بشكل كبير. هذا يتطلب إعادة النظر في خوارزميات البحث، وتطوير نماذج جديدة لعرض النتائج، والتعاون مع مطوري المواقع الإلكترونية لبناء تجربة مستخدم متكاملة وثرية. فمستقبل البحث يتوقف على قدرة جوجل على التكيف مع التغيرات السريعة في مجال التكنولوجيا، وإيجاد طرق جديدة لخدمة مستخدميها ومُنشئي المحتوى على السواء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى