ميتا تُعزز مكانتها في عالم الواقع المعزز: نظارات ذكية، ساعات، وسماعات أذن متطورة

تُواصل شركة ميتا، عملاق التواصل الاجتماعي، سعيها الحثيث لترسيخ مكانتها كرائدة في مجال تقنيات الواقع المعزز والافتراضي، مُعلنةً عن خطط طموحة لتطوير جيل جديد من الأجهزة الذكية القابلة للارتداء. وتشمل هذه الخطط إطلاق نظارات ذكية تحمل علامة أوكلي الشهيرة، بالإضافة إلى ساعات ذكية وسماعات أذن مزودة بكاميرات مدمجة تعمل بالذكاء الاصطناعي. فما هي التفاصيل التقنية لهذه المنتجات الجديدة، وما هي التحديات التي تواجه ميتا في مسيرتها نحو تحقيق هذا الطموح؟

نظارات ذكية تحمل توقيع أوكلي: تجربة رياضية مُحسّنة

"Supernova 2": دمج التكنولوجيا مع الأداء الرياضي

تُخطط وحدة "ريالتي لابس" التابعة لميتا لإطلاق نظارات ذكية تحمل علامة أوكلي التجارية خلال العام الحالي، كجزء من مشروع "Supernova". هذا الإصدار، المُسمّى داخليًا "Supernova 2"، يستند إلى تصميم نظارات "Sphaera" من أوكلي، لكن مع إضافة تقنيات ذكية متقدمة. أبرز هذه المزايا هو نقل الكاميرا إلى مركز إطار النظارة، مما يُحسّن من جودة التصوير ويوفر تجربة استخدام أكثر سلاسة للرياضيين، خاصةً راكبي الدراجات. ستُتيح هذه النظارات التقاط الصور ومقاطع الفيديو، وتسجيل البيانات الحيوية، وحتى عرض الإشعارات الهامة على مجال رؤية المستخدم.

"Hypernova": خطوة نحو الواقع المعزز بتكلفة مرتفعة

لكن طموحات ميتا تتجاوز مجرد تطوير نظارات رياضية. فالشركة تعمل على إطلاق نموذج أكثر تطوراً يحمل الاسم الرمزي "Hypernova" في عام 2024، وهو مُصمم ليكون أقرب في تصميمه إلى نظارات "Ray-Ban" الحالية، لكن مع إضافة شاشة صغيرة مدمجة في الجزء السفلي من العدسة اليمنى. ستُعرض هذه الشاشة معلومات أساسية مثل الإشعارات، والصور الملتقطة، وحتى بعض التطبيقات البسيطة. يمثل "Hypernova" قفزة نوعية نحو تجربة الواقع المعزز، لكن سعره المتوقع، والذي يُقدّر بحوالي 1000 دولار أمريكي، يُمثل تحديًا أمام انتشاره الواسع.

سوار تحكم "Ceres": تحكم سلس وبديهي

لتسهيل عملية التفاعل مع "Hypernova"، تُجري ميتا اختبارات مكثفة لسوار معصم ذكي يُسمى "Ceres". هذا السوار سيُتيح للمستخدمين التحكم في وظائف النظارات بشكل أكثر سلاسة. وتدرس الشركة إمكانية تضمينه مع النظارات في العلبة نفسها، مع وجود أزرار تحكم باللمس على هيكل الإطار كخيار بديل في حال لم يُحقق "Ceres" المواصفات المطلوبة. يُذكر أن تصميم "Ceres" مُستوحى من سوار التحكم المستخدم في النموذج الأولي لنظارات الواقع المعزز "أوريون".

ميتا تتطلع لما هو أبعد من النظارات: ساعات وسماعات أذن ذكية

لا تقتصر طموحات ميتا على النظارات الذكية، بل تتعداها لتشمل تطوير أجهزة قابلة للارتداء أخرى. فالشركة تعمل على تطوير ساعة ذكية تنافس منتجات أبل وسامسونغ، مع التركيز على التكامل مع نظاراتها الذكية. ستُتيح هذه الساعة عرض الصور ومقاطع الفيديو المُلتقطة بواسطة النظارات، مُعززةً بذلك تجربة المستخدم. على الرغم من أن مشروع الساعة الذكية مرّ بمراحل من التغييرات والتأجيل، إلا أن ميتا تعود الآن لدراسة إمكانية إطلاقه في وقت مبكر من هذا العام.

"Camera Buds": سماعات أذن ذكية مزودة بكاميرات

تُضيف ميتا لمسة جديدة على عالم سماعات الأذن الذكية من خلال تطوير نموذج أولي يُسمى "Camera Buds". هذه السماعات ستكون مزودة بكاميرات مدمجة قادرة على رؤية العالم الخارجي، والتفاعل معه باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. سيُمكن المستخدمين من التعرف على الأشياء من خلال النظر إليها، وطلب تحليلها من السماعات. رغم أن هذا المشروع لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه يُمثل خطوة جريئة نحو دمج تقنيات الواقع المعزز في منتجات يومية شائعة الاستخدام. لكن تواجه ميتا تحديات تقنية، مثل صعوبة استخدام الجهاز من قبل أصحاب الشعر الطويل، وعدم رضا الشركة عن زاوية الكاميرا في الإصدارات التجريبية.

"أوريون" و"أرتميس": الخطوة الكبرى نحو واقع معزز متكامل

تُمثّل نظارات "أوريون" نموذجًا أوليًا متطورًا للواقع المعزز، يعتمد على وحدة خارجية صغيرة للمعالجة. وتُخطط ميتا لتوفير هذا النموذج للمطورين في عام 2026، ليبدأوا في بناء تطبيقات واختبارها. لن تُطرح "أوريون" للبيع مباشرةً، بل ستُركز ميتا على إطلاق نسخة مُحسّنة منها تُسمى "أرتميس" في أوائل عام 2027. تُعتبر "أرتميس" أخف وزنًا وأكثر تطوراً من "أوريون"، مُحاولةً من ميتا لتجاوز التحديات المتعلقة بالوزن التي تواجه العديد من أجهزة الرأس الأخرى، مثل نظارات "Vision Pro" من أبل.

التحديات المستقبلية: التكلفة والتصنيع

رغم التقدم المُحرز، لا تزال ميتا تواجه تحديات كبيرة، أبرزها التكلفة العالية للمنتجات، وتقنيات العرض المُتطورة، والتصنيع الضخم. فنجاح هذه المنتجات الجديدة يعتمد على قدرة ميتا على التغلب على هذه العقبات، وتقديم منتجات تنافسية تجمع بين الابتكار والقدرة على الوصول إلى شريحة واسعة من المستهلكين. فهل ستنجح ميتا في تحقيق طموحها، أم ستواجه مصيرًا مشابهًا لمحاولاتها السابقة في هذا المجال؟ يبقى السؤال مطروحًا، والأيام القادمة ستُجيب عنه.