حرب رواتب الذكاء الاصطناعي في الصين

حرب الرواتب: نقص المواهب في قطاع الروبوتات البشرية بالصين
رواتب خيالية تجذب الكفاءات النادرة
يشهد قطاع الروبوتات البشرية في الصين طفرةً غير مسبوقة، مدفوعةً بالطلب المتزايد على التصنيع الذكي ورعاية المسنين، بالإضافة إلى السياسات الحكومية الداعمة. ولكن، يواجه هذا القطاع تحديًا رئيسيًا: نقص حاد في الكفاءات الهندسية وخبراء الذكاء الاصطناعي. وقد أدى هذا النقص إلى حربٍ شرسة على المواهب، حيث تقدم الشركات رواتبَ تفوق بكثير متوسط الرواتب في المدن الصينية، مما يبرز حجم المشكلة التي تواجه حتى كبار رواد هذا المجال.
أرقام مذهلة تعكس ضراوة المنافسة
وفقًا لتقرير جديد صادر عن منصة التوظيف الإلكترونية "زاوبين"، يبلغ متوسط الراتب الشهري لمهندسي خوارزميات الروبوتات البشرية ٣١٥١٢ يوانًا (أي ما يعادل ٤٣٨٦ دولارًا أمريكيًا). أما بالنسبة للوظائف التي تتطلب خبرة تزيد عن خمس سنوات، فيرتفع هذا الرقم إلى ٣٨٤٨٩ يوانًا. تُمثل هذه الأرقام قفزةً هائلة، حيث تُعادل تقريبًا أربعة أضعاف متوسط الراتب الشهري في المناطق الحضرية الصينية، والذي يبلغ ١٠٠٥٨ يوانًا وفقًا لبيانات الربع الثالث من عام ٢٠٢٤. ولا يقتصر الأمر على مهندسي الخوارزميات، بل يشمل أيضًا مهندسي التصميم الميكانيكي، الذين يحصلون على متوسط راتب شهري يبلغ ٢٢٢٦٤ يوانًا.
فرصة نادرة وسط سوق عمل متباطئ
يُعتبر ارتفاع الرواتب في قطاع الروبوتات البشرية استثناءً ملحوظًا في ظلّ بيئة سوق عمل صينية تواجه تحدياتٍ اقتصادية. فقد أدى تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض أرباح الشركات إلى تسريحات وظيفية واسعة النطاق وخفض الرواتب في العديد من القطاعات. ويُلاحظ هذا بوضوح في ارتفاع معدل بطالة الشباب، على الرغم من انخفاضه الطفيف إلى ١٥.٨٪ في أبريل ٢٠٢٥، مقارنةً بـ ١٦.٥٪ في مارس. مع دخول أعداد قياسية من الخريجين سوق العمل كل صيف، تزداد الضغوط على سوق العمل بشكلٍ واضح.
نمو هائل في الطلب على الكفاءات
على الرغم من التحديات الاقتصادية العامة، يشهد قطاع الروبوتات البشرية نموًا هائلاً. فقد ارتفعت فرص العمل في هذا القطاع بنسبة ٤٠٩٪ على أساس سنوي خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام ٢٠٢٥، بينما قفزت طلبات التوظيف بنسبة ٣٩٦٪. أما قطاع الروبوتات بشكل عام، فقد شهد زيادةً طفيفةً نسبياً في فرص العمل (٦٪) وعدد المتقدمين (٣٢٪) خلال نفس الفترة. يُعزى هذا النمو الهائل إلى التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والطلب المتزايد على حلول التصنيع الذكي، واحتياجات رعاية كبار السن.
التعقيد التكنولوجي: عامل رئيسي في ارتفاع الرواتب
تتطلب الروبوتات البشرية، بخلاف الروبوتات التقليدية، خوارزميات وهياكل ميكانيكية أكثر تعقيدًا، مما يحتاج إلى كفاءات متخصصة عالية. يتطلب بناء روبوت بشري القدرة على دمج مختلف التقنيات المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، ورؤية الكمبيوتر، والروبوتات، والميكانيكا الدقيقة، والإلكترونيات. وهذا يفسر ارتفاع الرواتب التي تقدمها الشركات لجذب أفضل الخبراء في هذه المجالات المتخصصة.
عام ٢٠٢٥: عام مفصلي في صناعة الروبوتات البشرية
تُعتبر الصين عام ٢٠٢٥ عامًا محوريًا في صناعة الروبوتات البشرية، مدعومةً بسياسات حكومية داعمة على المستوى الوطني والإقليمي. من المتوقع أن يصل حجم سوق الروبوتات البشرية إلى ٥.٣ مليار يوان هذا العام، أي أكثر من ضعف الحجم المتوقع لعام ٢٠٢٤. وبحلول عام ٢٠٢٩، قد يصل حجم السوق إلى ٧٥ مليار يوان، مما يمثل ٣٢.٧٪ من السوق العالمي، ويجعل الصين أكبر لاعب في هذا المجال. أما توقعات عام ٢٠٣٥ فتتحدث عن سوق محلية تصل قيمتها إلى ٣٠٠ مليار يوان.
حتى الشركات الرائدة تعاني من نقص المواهب
حتى الشركات الرائدة في مجال الروبوتات البشرية في الصين، مثل شركة Unitree، تعاني من نقص حاد في الكفاءات. وقد صرح مؤسس الشركة، وانغ شينغ شينغ، بصراحة عن حاجته للمواهب في جميع المجالات، من الإدارة والمشتريات إلى البحث والتطوير والمبيعات والتسويق. وتُظهر هذه التصريحات حجم التحدي الذي يواجه هذا القطاع الواعد. كما أكد تشاو تونغ يانغ، مؤسس شركة Zhongqing Robots، على حاجة السوق الملحة للمهندسين المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي خلال منتدى الذكاء الاصطناعي المتجسد في بكين.
نمو هائل في عدد الشركات العاملة في القطاع
يُظهر نمو عدد الشركات العاملة في صناعة الروبوتات الذكية في الصين حجم الطفرة التي يشهدها هذا القطاع. فقد ارتفع عدد هذه الشركات من ٢٠٢٠ إلى نهاية ٢٠٢٤ بنسبة ٢٠٧٪، ليصل إلى ٤٥١٧٠٠ شركة، وفقًا لبيانات إدارة الدولة لتنظيم السوق. يُبرز هذا النمو الهائل حجم الفرص المتاحة، لكن في الوقت نفسه، يؤكد على الحاجة الملحة لتوفير الكفاءات اللازمة لتلبية هذا الطلب المتزايد. ويُشير هذا إلى أن حرب الرواتب في هذا القطاع ستستمر لفترة طويلة قادمة.