إنفيديا تدخل سباق الطاقة النووية: استثمار ضخم في مشروع بيل غيتس تيرا باور

انفتاح "إنفيديا" على الطاقة النووية: استثمار في "تيرا باور" وتوجه جديد في عالم التقنية

شهد قطاع الطاقة النووية في الآونة الأخيرة حراكاً ملحوظاً، مع تزايد الاهتمام العالمي بمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة. وفي خطوة تعكس هذا التوجه، أعلنت شركة "تيرا باور" (TerraPower)، الشركة الناشئة في مجال الطاقة النووية والتي أسسها ويدعمها الملياردير بيل غيتس، عن جولة تمويل جديدة بقيمة 650 مليون دولار أمريكي. اللافت في هذه الجولة هو مشاركة "إنفيديا" (Nvidia) من خلال ذراعها الاستثماري "إنفينتشرز" (NVentures)، في أول استثمار لها على الإطلاق في قطاع الطاقة.

"تيرا باور": رائدة في مجال الطاقة النووية المتقدمة

تأسست "تيرا باور" بهدف تطوير مفاعلات نووية متقدمة وآمنة وفعالة. تركز الشركة على تصميم مفاعلات "ناتريوم" (Natrium)، وهي تقنية ثورية تستخدم الصوديوم السائل لتبريد المفاعل وتخزين الطاقة. يتميز تصميم "ناتريوم" بقدرته على توفير طاقة نظيفة وموثوقة، بالإضافة إلى إمكانية تخزين الطاقة الزائدة لاستخدامها عند الحاجة، مما يجعلها حلاً جذاباً لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في العصر الحديث.

لماذا تختار "إنفيديا" الطاقة النووية؟

يعتبر استثمار "إنفيديا" في "تيرا باور" بمثابة خطوة استراتيجية هامة، تعكس رؤية الشركة للمستقبل وتوجهها نحو الاستدامة. هناك عدة أسباب محتملة وراء هذا القرار:

  • الطلب المتزايد على الطاقة في مراكز البيانات: تتطلب مراكز البيانات، التي تعد العمود الفقري للبنية التحتية الرقمية، كميات هائلة من الطاقة لتشغيل الخوادم وتخزين البيانات. مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، يتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة بشكل كبير في المستقبل. يمكن للطاقة النووية، كمصدر موثوق للطاقة النظيفة، أن تلعب دوراً حاسماً في تلبية هذا الطلب المتزايد.
  • تقليل البصمة الكربونية: تهدف "إنفيديا" إلى تقليل تأثيرها البيئي ودعم التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. يمكن للطاقة النووية، التي لا تنتج انبعاثات كربونية أثناء التشغيل، أن تساعد الشركة على تحقيق أهدافها البيئية.
  • الاستثمار في التكنولوجيا المستقبلية: يمثل الاستثمار في "تيرا باور" فرصة لـ"إنفيديا" للمشاركة في تطوير تقنيات الطاقة النووية المتقدمة، التي قد تكون لها تطبيقات في مجالات أخرى، مثل الحوسبة عالية الأداء والذكاء الاصطناعي.
  • تنويع محفظة الاستثمارات: يتيح هذا الاستثمار لـ"إنفيديا" تنويع محفظة استثماراتها والدخول إلى قطاع جديد ذي إمكانات نمو كبيرة.

مفاعلات "ناتريوم": تصميم مبتكر لتخزين الطاقة

يتميز تصميم "ناتريوم" بعدة مزايا تجعله خياراً جذاباً لتوليد الطاقة النووية:

  • تبريد الصوديوم السائل: يستخدم المفاعل الصوديوم السائل لتبريد قلب المفاعل، بدلاً من الماء المستخدم في المفاعلات التقليدية. يتمتع الصوديوم السائل بقدرة عالية على امتصاص الحرارة، مما يسمح بتبريد فعال للمفاعل.
  • نظام تخزين الطاقة: يشتمل تصميم "ناتريوم" على نظام تخزين حراري يعتمد على الصوديوم السائل. عندما يكون الطلب على الطاقة منخفضاً، يتم استخدام الحرارة المتولدة في المفاعل لتسخين الصوديوم السائل وتخزينه في خزانات كبيرة. وعندما يرتفع الطلب على الطاقة، يتم استخدام الحرارة المخزنة في الصوديوم السائل لتوليد البخار الذي يدير التوربينات لتوليد الكهرباء.
  • المرونة في التشغيل: يتيح نظام تخزين الطاقة للمفاعل العمل بكفاءة حتى في ظل تغيرات الطلب على الطاقة. يمكن للمفاعل الاستمرار في العمل بمعدل ثابت، مع تخزين الطاقة الزائدة واستخدامها عند الحاجة.
  • القدرة على توفير الطاقة المستقرة: يمكن لنظام التخزين توفير ما يصل إلى 500 ميجاوات من الكهرباء لأكثر من خمس ساعات، مما يساعد على سد الفجوات في توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح.

الجدول الزمني والتحديات

بدأت "تيرا باور" في بناء أول محطة للطاقة في ولاية وايومنغ في يونيو 2024. ومع ذلك، لا تزال الشركة تنتظر الحصول على الموافقات اللازمة لتشغيل المفاعل. من المتوقع أن تحصل الشركة على التصاريح في وقت ما من العام المقبل، وذلك في ظل الدعم الحكومي للطاقة النووية في الولايات المتحدة.

من المتوقع أن ينتج المفاعل الأول من "ناتريوم" 345 ميجاوات من الكهرباء، وهو ما يمثل حلاً وسطاً بين المفاعلات التقليدية الكبيرة والمفاعلات الصغيرة المعيارية التي يتم تطويرها حالياً.

على الرغم من التفاؤل، تواجه "تيرا باور" بعض التحديات:

  • التكلفة: على الرغم من أن "تيرا باور" تعتقد أن مفاعل "ناتريوم" سيكون أرخص من المفاعلات الأمريكية الحديثة، إلا أنه لا يزال مكلفاً. تشير التقديرات إلى أن تكلفة المشروع قد تصل إلى 4 مليارات دولار، مع تحمل وزارة الطاقة الأمريكية نصف هذه التكلفة.
  • المدة الزمنية: تتوقع "تيرا باور" أن يستغرق بناء المفاعل ثلاث سنوات بعد صب الخرسانة الأولى. ومع ذلك، يتطلب المشروع إعداد الموقع والبناء، مما قد يؤثر على الجدول الزمني.
  • الموافقات التنظيمية: يجب على "تيرا باور" الحصول على موافقة الجهات التنظيمية قبل تشغيل المفاعل.

الخلاصة: مستقبل الطاقة النووية والتقنية

يمثل استثمار "إنفيديا" في "تيرا باور" علامة فارقة في العلاقة بين قطاع التكنولوجيا وقطاع الطاقة النووية. يعكس هذا الاستثمار التوجه المتزايد نحو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، ويدعم رؤية "إنفيديا" للمستقبل المستدام. مع استمرار تطوير تقنيات الطاقة النووية المتقدمة، من المتوقع أن تلعب هذه الصناعة دوراً متزايد الأهمية في تلبية احتياجات الطاقة العالمية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التعاون بين الشركات التقنية وشركات الطاقة النووية إلى تسريع الابتكار وتطوير تقنيات جديدة، مما يعود بالنفع على كل من القطاعين والمجتمع ككل.

إن دخول "إنفيديا" إلى هذا المجال يفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات والتعاون في المستقبل، مما يبشر بعصر جديد من الطاقة النووية والتقنية.

🔗 مصادر إضافية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى