ميتا وسباق السيطرة على الذكاء الاصطناعي: من محاولة الاستحواذ على بيربليكسيتي إلى استثمار المليارات في Scale AI

تُظهر تحركات شركة ميتا الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي مدى ضراوة المنافسة في هذا القطاع، وكيف تسعى الشركات العملاقة لتأمين مكانتها في قلب الثورة التكنولوجية القادمة. فبين محاولة الاستحواذ على شركة ناشئة واعدة واستثمار ضخم في شركة أخرى، تكشف قصة ميتا عن استراتيجية متعددة الأوجه، ولكن هل ستُكلل بالنجاح؟

محاولة استحواذ سرية على بيربليكسيتي

مفاوضات فاشلة مع شركة بحث متقدمة

كشفت تقارير حديثة من وكالة بلومبيرغ، نقلاً عن مصادر مطلعة، عن محاولة سرية من قبل ميتا للاستحواذ على شركة بيربليكسيتي (Perplexity AI)، وهي شركة ناشئة بارزة في مجال البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي. تمتعت بيربليكسيتي مؤخراً بجولة تمويل ضخمة رفعت تقييمها إلى 14 مليار دولار، مما يُبرر اهتمام عملاق التكنولوجيا ميتا بها. وقد دارت مفاوضات بين الشركتين حول صفقة استحواذ محتملة، إلا أنها لم تُكلل بالنجاح، وقررتا في النهاية عدم متابعة المفاوضات. وتُعتبر هذه المحاولة دليلاً على رغبة مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لميتا، في تعزيز قدرات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك من خلال الاستحواذ على الشركات الرائدة في هذا المجال.

أكثر من مجرد استحواذ: محاولة لضم الكفاءات

لم تتوقف رغبة ميتا في التعاون مع بيربليكسيتي عند محاولة الاستحواذ فقط. فقد حاولت الشركة أيضاً تعيين أرافيند سرينيفاس، الرئيس التنفيذي لبيربليكسيتي، للانضمام إلى فريق "الذكاء الاصطناعي الفائق" الجديد الذي أطلقته ميتا مؤخراً. يُركز هذا الفريق على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، وهو ما يُظهر تركيز ميتا على جذب الكفاءات التي تتمتع بخبرة واسعة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويُسلط هذا الأمر الضوء على المنافسة الشديدة على المواهب في هذا المجال، حيث تسعى الشركات الكبرى لجذب أفضل الخبراء من خلال تقديم عروض مالية مغرية.

استثمار ضخم في Scale AI: استراتيجية بديلة؟

على الرغم من فشل محاولة الاستحواذ على بيربليكسيتي، لم تتوقف ميتا عن مساعيها في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد أعلنت الشركة عن استثمار ضخم بقيمة 14.3 مليار دولار في شركة Scale AI، مما منحها حصة 49% في الشركة الناشئة المتخصصة في تصنيف البيانات الضخمة. تُعتبر هذه الخطوة استراتيجية مهمة لميتا، حيث تُعزز قدراتها في معالجة البيانات، وهي مكون أساسي لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة. يُمكن اعتبار هذا الاستثمار استراتيجية بديلة للاستحواذ، حيث تُركز ميتا على ضمان وصولها إلى البيانات الضرورية لتطوير تقنياتها الخاصة.

Scale AI: شريك أساسي في تطوير الذكاء الاصطناعي

تُعد Scale AI شركة رائدة في مجال تصنيف البيانات، وهي عملية حيوية لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي. فهي تُساعد في تحسين دقة وتحسين أداء هذه الأنظمة من خلال توفير بيانات مُعالجة عالية الجودة. استثمار ميتا في Scale AI ليس مجرد صفقة مالية، بل هو شراكة استراتيجية تُمكّن ميتا من الوصول إلى موارد بيانات هائلة، مما يُعزز من قدرتها على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر فعالية.

ميتا في سباق الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص

تُظهر تحركات ميتا الأخيرة رغبتها القوية في اللحاق بركب الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد واجهت الشركة انتقادات بسبب بطء وتيرة تطويرها في هذا المجال، مما دفع زوكربيرغ إلى بذل جهود مكثفة لجذب أفضل المواهب من خلال تقديم عروض مالية مغرية. ولكن، لم تكن جميع المحاولات ناجحة، فقد رفض بعض موظفي OpenAI عروضاً مالية ضخمة من ميتا.

المنافسة الشديدة على الكفاءات: ميتا تواجه تحدياً كبيراً

تُشكل المنافسة الشديدة على الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي تحدياً كبيراً لميتا. فالشركات الكبرى الأخرى، مثل غوغل وأمازون، تُنافس بشدة على جذب أفضل الباحثين والمهندسين. وتُقدم هذه الشركات عروضاً مغرية تشمل الرواتب المرتفعة والحوافز الأخرى، مما يجعل من الصعب على ميتا جذب أفضل المواهب.

استراتيجية متعددة الأوجه: بين الاستحواذ والاستثمار

تُشير استراتيجية ميتا في مجال الذكاء الاصطناعي إلى نهج متعدد الأوجه، حيث تجمع بين محاولات الاستحواذ على الشركات الناشئة والاستثمار في الشركات المُتخصصة في مجالات مُكمّلة، مثل تصنيف البيانات. وسيُحدد نجاح هذه الاستراتيجية قدرة ميتا على التنافس في سوق الذكاء الاصطناعي المُتزايد التنافسية. فهل ستُنجح ميتا استراتيجيتها في اللحاق بالركب؟ يبقى السؤال مُعلّقاً.