ثمن السؤال: كم يكلف الذكاء الاصطناعي؟

ما هي تكلفة الكربون الحقيقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي؟
تتزايد شعبية الذكاء الاصطناعي بشكلٍ هائل، مما يجعلنا نطرح تساؤلاً مهماً حول تأثيره البيئي. فبينما نستمتع بسهولة الوصول إلى المعلومات والخدمات التي يوفرها، هل فكرنا يوماً في البصمة الكربونية لهذه التكنولوجيا المتقدمة؟ يُثير هذا السؤال جدلاً واسعاً، خاصةً مع تزايد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة، من محركات البحث إلى روبوتات الدردشة وحتى خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي. في هذا المقال، سنستكشف التكلفة البيئية الخفية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، ونتناول الجهود المبذولة للحد من تأثيره السلبي على كوكب الأرض.
البصمة الكربونية لسؤال واحد: هل هي حقاً مهمة؟
أشارت تقارير، منها تقرير لصحيفة واشنطن بوست، إلى أن طرح سؤال نصي واحد على نموذج ذكاء اصطناعي كبير مثل ChatGPT ينتج عنه انبعاثات غازات الدفيئة، تُقاس بعدد جرامات من ثاني أكسيد الكربون. قد تبدو هذه الكمية ضئيلة للوهلة الأولى، لكن ما هو تأثير هذا الاستهلاك عندما يتضاعف ملايين المرات يومياً مع ملايين المستخدمين حول العالم؟ يُشبه الأمر قطرات الماء التي تُشكل في النهاية فيضانات هائلة.
مقارنة استهلاك الطاقة: جوجل مقابل ChatGPT
أظهر تحليل أجرته جولدمان ساكس عام 2024 أن بحث جوجل التقليدي يستهلك طاقة أقل بحوالي عشرة أضعاف من استعلام واحد على ChatGPT. ولكن، من المهم ملاحظة أن هذا الرقم قد يتغير مع زيادة اعتماد جوجل على تقنيات الذكاء الاصطناعي في نتائج البحث، مما قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
كيف يمكن تقليل البصمة الكربونية الخاصة بك؟
لحسن الحظ، توجد بعض الخيارات التي يمكن للمستخدمين اتخاذها لتقليل تأثيرهم البيئي عند استخدام الذكاء الاصطناعي. فمثلاً، يمكن للمستخدمين تجنب مطالبة جوجل بملخصات الذكاء الاصطناعي الافتراضية عن طريق الانتقال إلى علامة تبويب "بحث الويب" بدلاً من علامات التبويب الأخرى مثل "الصور" أو "الأخبار". كما أظهرت التجارب فعالية إضافة "-ai" إلى نهاية استعلام البحث في محركات البحث المختلفة، بما في ذلك DuckDuckGo، لمنع عرض ملخصات الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي: أكثر من مجرد روبوت دردشة
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من الجوانب من حياتنا الرقمية، فليس الأمر مقتصراً على روبوتات الدردشة فقط. فكل مرة نستخدم فيها منصات التواصل الاجتماعي، أو نستمع إلى الموسيقى عبر التطبيقات، أو نستخدم مرشحات البريد الإلكتروني، نكون نعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تستهلك طاقةً وتُنتج انبعاثات كربونية. لذلك، فإن تقليل استخدام الإنترنت بشكل عام يُعد خطوة فعالة في تقليل البصمة الكربونية.
مسؤولية الشركات: نحو ذكاء اصطناعي مستدام
تقع مسؤولية كبيرة على عاتق شركات التكنولوجيا التي تُدمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب حياتنا الرقمية. يتوجب عليها البحث عن طرق أكثر كفاءةً في الطاقة، وتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي صديقة للبيئة، وتقليل استهلاك المياه والطاقة في مراكز البيانات الضخمة التي تُشغل هذه التقنيات.
حجم النماذج وتأثيرها على استهلاك الطاقة
أجرى باحثون دراسةً شملت 14 نموذجاً لغوياً مختلفاً للذكاء الاصطناعي، ووجدوا علاقة طردية بين حجم النموذج ودقّة الإجابات، ولكن أيضاً بين حجم النموذج واستهلاك الطاقة. فكلما زاد حجم النموذج، زادت دقة إجاباته، لكنه استهلك أيضاً طاقةً أكبر بكثير. تُعتبر هذه النتيجة دليلاً على الحاجة إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءةً من حيث استهلاك الطاقة.
مراكز البيانات: مدن تستهلك طاقة هائلة
تستهلك مراكز البيانات التي تستضيف نماذج الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من الكهرباء، وقد تتجاوز كمية الكهرباء المستهلكة في بعض المدن الكبيرة. هذا الاستهلاك المرتفع للطاقة يتطلب تبريداً مكثفاً لهذه الحواسيب، مما يؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من المياه العذبة. قدر الباحثون أن إنتاج 100 كلمة من النص باستخدام ChatGPT يستهلك ما يعادل زجاجة ماء واحدة تقريباً.
الخاتمة: نحو مستقبل مستدام للذكاء الاصطناعي
إن فهم التكلفة البيئية لاستخدام الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لمستقبل مستدام. يُعدّ التعاون بين المستخدمين، ومطوري التكنولوجيا، والحكومات، أمراً ضرورياً لتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر كفاءةً وصديقةً للبيئة. فمن خلال الوعي والابتكار، يمكننا الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي دون التضحية بمستقبل كوكبنا. يجب أن يكون الهدف هو تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على البيئة، لضمان مستقبلٍ أفضل للأجيال القادمة.