تكنولوجيا 2025: أكثر من ١٠٠ ألف وظيفة ضائعة

تسريح عشرات الآلاف: موجة تسريحات جارفة تضرب قطاع التكنولوجيا في عام 2025

مقدمة: زلزال في وادي السيليكون

شهد عام 2025 موجة غير مسبوقة من تسريحات الموظفين في قطاع التكنولوجيا، مُشكّلةً زلزالاً هزّ أعمدة هذا القطاع الحيوي. لم تقتصر هذه الموجة على الشركات الناشئة الصغيرة، بل امتدت لتشمل عمالقة التكنولوجيا العالمية، من مُصنّعي الرقائق الإلكترونية إلى منصات التواصل الاجتماعي وحتى شركات الفضاء. فقدت عشرات الآلاف من الموظفين وظائفهم في ظلّ مناخ اقتصادي متقلب، وتغيرات جذرية في استراتيجيات الأعمال، مُثيرين تساؤلاتٍ عميقة حول مستقبل العمل في هذا المجال. تجاوز عدد المُسرحين الـ 100 ألف موظف، مُشكّلاً رقماً قياسياً يُنذر بتغيرات هيكلية عميقة في صناعة التكنولوجيا.

عملاقة التكنولوجيا تتخذ إجراءات جذرية:

انتل: أكبر عملية تسريح في التاريخ

أعلنت شركة انتل، عملاق تصنيع أشباه الموصلات، عن أكبر عملية تسريح في تاريخها، متجاوزةً الـ 21,000 موظف، أي ما يقارب 20% من قوتها العاملة. جاء هذا القرار الصعب في ظلّ نتائج مالية مخيبة للآمال، وتحت قيادة الرئيس التنفيذي الجديد، ليب بو تان، الذي حلّ محل بات جيلسنجر. لم تقتصر التسريحات على أقسام معينة، بل امتدت لتشمل قسم "انتل فاوندري" المسؤول عن تصنيع الرقائق لعملاء خارجيين، مُؤثّرةً على أكثر من 15% إلى 20% من موظفيه. يُعكس هذا القرار التحول الاستراتيجي الذي تشهده انتل، والذي يهدف إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، والتركيز على المجالات الأكثر ربحية.

باناسونيك: إعادة هيكلة شاملة

لم تقتصر موجة التسريحات على الشركات الأمريكية، بل امتدت إلى شركات عالمية عريقة مثل باناسونيك. أعلنت الشركة اليابانية عن تخفيض قوتها العاملة بـ 10,000 موظف، أي حوالي 4% من إجمالي عدد موظفيها، كجزء من خطة إعادة هيكلة شاملة. يهدف هذا القرار إلى إعادة توجيه الشركة نحو التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، والتخلي عن القطاعات الأقل ربحية، مثل تصنيع أجهزة التلفزيون. وأعرب الرئيس التنفيذي يوكي كوسومي عن أسفه الشديد، مُبرّراً القرار بضرورة خفض التكاليف لضمان استمرار نمو الشركة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.

مايكروسوفت: تسريحات متعددة المراحل

اتبعت مايكروسوفت استراتيجية تسريح متعددة المراحل طوال عام 2025، بدءاً من تسريح أكثر من 6500 موظف في مايو، مما أثّر على حوالي 3% من قوتها العاملة. استهدفت التسريحات مختلف الأقسام، من مهندسي البرمجيات إلى مديري المنتجات وحتى المسوقين والمستشارين القانونيين. تُشير التقارير إلى إمكانية إجراء المزيد من التخفيضات في المراحل القادمة، مع تركيز على خفض عدد المديرين والموظفين غير المتخصصين في البرمجة لزيادة نسبة المبرمجين إلى مديري المنتجات.

ميتا: استهداف "ذوي الأداء المنخفض"

أعلنت ميتا (فيسبوك سابقاً) عن تخفيض قوتها العاملة بنسبة 5%، مستهدفةً ما وصفه مارك زوكربيرج بـ "ذوي الأداء المنخفض". أثّرت هذه التسريحات على حوالي 3,600 موظف، وتركزت بشكل كبير على فرق فيسبوك، ومنصة Horizon للعالم الافتراضي، والعمليات اللوجستية. يُشير هذا القرار إلى نية ميتا إعادة هيكلة عملياتها، والتخلص من الوظائف غير الضرورية، في ظل التحديات الاقتصادية والضغوط التنافسية.

تأثير الموجة على القطاعات الأخرى:

HP: خطة "المستقبل الآن"

أعلنت شركة HP عن تخفيض قوتها العاملة بـ 2,000 موظف، كجزء من خطة إعادة الهيكلة "المستقبل الآن". يهدف هذا القرار إلى خفض التكاليف، وتبسيط العمليات، والتركيز على القطاعات الأكثر ربحية. تواجه HP تحديات متزايدة في أسواق أجهزة الكمبيوتر والطباعة التقليدية، مما دفعها إلى إجراء هذه التغييرات الجذرية.

جوجل وأمازون: إعادة هيكلة واسعة النطاق

نفّذت كل من جوجل وأمازون جولات متعددة من تسريحات الموظفين في مختلف أقسامها. استهدفت جوجل مئات الموظفين في وحدة أعمالها العالمية، وقسم المنصات والأجهزة، وحتى فرق عمليات الأفراد والمؤسسات السحابية. أما أمازون، فقد أجرت تسريحات في قسم الأجهزة والخدمات، وقسم الاتصالات. تُمثل هذه التسريحات جزءاً من جهود إعادة هيكلة واسعة النطاق تهدف إلى تحسين الكفاءة وخفض التكاليف.

بلو أوريجين: تغييرات في قطاع الفضاء

حتى قطاع الفضاء لم يسلم من موجة التسريحات. أعلنت بلو أوريجين، شركة الفضاء المملوكة لجيف بيزوس، عن تخفيض قوتها العاملة بنسبة 10%، مما أثر على أكثر من 1000 موظف. استهدفت التسريحات وظائف الهندسة والبحث والتطوير والإدارة، في محاولة لتحسين الكفاءة والتنفيذ.

سيلزفورس: تحول استراتيجي

حتى الشركات ذات الأداء المالي القوي لم تسلم من موجة التسريحات. أعلنت سيلزفورس عن تخفيض قوتها العاملة بأكثر من 1000 موظف، على الرغم من إعلانها عن أداء مالي قوي. يُشير هذا القرار إلى تحول استراتيجي داخل الشركة، مع تركيزها على منتجات الذكاء الاصطناعي الجديدة.

الخاتمة: مستقبل العمل في قطاع التكنولوجيا

تُمثل موجة التسريحات في قطاع التكنولوجيا تحولاً كبيراً في هذا القطاع الذي كان يُعتبر ملاذاً آمناً للعمل في السنوات السابقة. تُشير هذه التغييرات إلى ضرورة التكيّف والتطوّر المستمرّ في مهارات الموظفين، والتوجه نحو المجالات التكنولوجية الناشئة. تُطرح التساؤلات حول مستقبل العمل في هذا القطاع، وتأثير التحوّلات التكنولوجية السريعة على الوظائف والمهارات المطلوبة. يبقى المُستقبل غير مؤكد، لكن واضح أنّ قطاع التكنولوجيا يخضع لتحوّلات جذرية ستُحدّد ملامحه في السنوات القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى