إمبراطورية ترامب.. مليارات في العملات الرقمية

إمبراطورية ترامب الرقمية: ثروة مليارية من العملات المشفرة
من معارض إلى رائد: تحوّل ترامب المذهل في عالم الكريبتو
شهد العالم تحولاً لافتاً في موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه العملات المشفرة. فبعد أن وصفها سابقاً بـ"الخدعة الخطيرة"، بات اليوم يُروّج لها باعتبارها مستقبل النظام المالي العالمي. لكن وراء هذا التغيير، تكمن قصة مثيرة حول بناء إمبراطورية رقمية ضخمة تقودها عائلة ترامب، كما كشفت تقارير موقع "gizmodo" وغيره. هذا التحول، والثروة التي جنّاها ترامب وعائلته، يثيران تساؤلاتٍ حول تضارب المصالح وتأثيره على السياسات الحكومية.
World Liberty Financial (WLFI): قلب الإمبراطورية
تُعتبر شركة World Liberty Financial (WLFI)، التي أُطلقت في سبتمبر 2024، حجر الزاوية في هذه الإمبراطورية الرقمية. تقدم الشركة عملة مستقرة تُعرف باسم USD1، مرتبطة مباشرةً بالدولار الأمريكي، مما يقلل من تقلبات أسعار العملات المشفرة. على الرغم من أن ترامب يُوصف بـ"المؤسس الفخري"، إلا أن أبنائه دونالد جونيور، وإريك، وبارون يُشاركون بشكلٍ فعال في إدارة الشركة. وقد حققت USD1 نجاحاً باهراً، حيث تجاوزت قيمتها السوقية 2.2 مليار دولار، مما جعلها واحدة من أبرز العملات المستقرة نمواً. وقد جنى ترامب شخصياً 57.4 مليون دولار خلال عام واحد فقط من هذا المشروع، وفقاً لإفصاحٍ قدمه لمكتب أخلاقيات الحكومة الأمريكية في يونيو 2025.
امتداد الإمبراطورية: $TRUMP، $MELANIA، والتعدين
لم تقتصر مغامرات عائلة ترامب في عالم الكريبتو على USD1. ففي يناير، أُطلقت عملة $TRUMP على شبكة سولانا، وهي "ميم كوين" لا تحمل قيمة جوهرية، ولكنها جمعت أكثر من 350 مليون دولار من رسوم المعاملات، ليصل القيمة السوقية لهذه العملة إلى 1.8 مليار دولار. يُلاحظ هنا الاستفادة من شعبية اسم ترامب لتحقيق أرباحٍ ضخمة. بعد أيام قليلة، أطلقت ميلانيا ترامب عملتها الخاصة $MELANIA من خلال شركة MKT World LLC، وتجاوزت قيمتها السوقية 128 مليون دولار رغم غموض أهدافها.
وفي مجال تعدين العملات الرقمية، أعلن إريك ترامب شراكةً مع شركة Hut 8 لإطلاق شركة "بيتكوين الأمريكية"، التي تسعى لأن تصبح لاعباً رئيسياً في هذا القطاع. أُدرجت الشركة في البورصة، وتخطط لامتلاك كميات أكبر من البيتكوين، حيث تمتلك حالياً ما قيمته 22 مليون دولار من هذه العملة. تُظهر هذه الخطوة استراتيجيةً طموحةً للسيطرة على جزءٍ كبير من سوق التعدين.
الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) وصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)
لم تقتصر مغامرات ترامب الرقمية على العملات المشفرة فقط، بل امتدت إلى عالم الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs). فقد حقق الرئيس السابق أكثر من 1.1 مليون دولار في عام 2024 من بيع مقتنيات رقمية تحمل صورته. وهذا يُبرز قدرة شخصياتٍ عامةٍ على تحقيق أرباحٍ كبيرة من خلال استغلال شعبيتها في هذا السوق الجديد. كما تقدمت شركة ترامب للإعلام والتكنولوجيا بطلب لإطلاق صناديق استثمار متداولة (ETFs) في البيتكوين والإيثر، مما يُتيح للمستثمرين فرصة المشاركة في سوق العملات المشفرة من خلال أدواتٍ تقليديةٍ أقل خطورة.
التساؤلات القانونية والأخلاقية: تضارب المصالح والتشريعات الداعمة
تُثير هذه الإمبراطورية الرقمية المتشابكة عدداً من التساؤلات القانونية والأخلاقية. فالتزامن بين حملات ترامب السياسية ودعواته لتشريعات داعمة للعملات المشفرة يُثير شكوكاً حول تضارب المصالح. فقد يُفسر هذا على أنه استغلالٌ لمنصبه لخدمة مصالحه ومصالح عائلته المالية. كما أن إقرار الكونغرس لـ"قانون العبقرية"، الذي يُسهل اعتماد العملات المستقرة على نطاق واسع، أثار انتقاداتٍ من معارضين ديمقراطيين حذروا من استخدامه لتعزيز نفوذ عائلة ترامب المالي. يُعتبر هذا مثالاً واضحاً على التحديات التي تُواجه السياسة والاقتصاد في عصر الاقتصاد الرقمي.
الخاتمة: مستقبلٌ غامض
تُمثل إمبراطورية ترامب الرقمية نموذجاً مثيراً للتناقضات في عالم العملات المشفرة. فبينما يُروج ترامب للتكنولوجيا الجديدة، فإن طريقة استغلاله لها تُثير الجدل والقلق. يبقى المستقبل غامضاً، ولكن هذه القصة تُلقي الضوء على التحديات القانونية والأخلاقية التي تُواجه هذه الصناعة السريعة النمو. وسيظل موقف الجمهور والسلطات الرقابية محدداً لمستقبل هذه الإمبراطورية الرقمية المثيرة للجدل.