قضية نصب: مساهمون ضد أبل بسبب Siri

مساهمون يقاضون أبل: "خداع وتضليل بشأن سيري والذكاء الاصطناعي"

تُواجه عملاق التكنولوجيا، شركة أبل، ضربة قانونية جديدة قد تُغيّر مسارها في سوق الأسهم العالمية. فقد رفَع عدد من المساهمين الغاضبين دعوى قضائية جماعية ضخمة ضد الشركة، متهمين إياها بالتلاعب بالمعلومات وتضليل المستثمرين بشأن تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في مساعدها الصوتي الشهير "سيري"، مما أدى، حسب ادعائهم، إلى خسائر فادحة في قيمة أسهم الشركة وتراجع مبيعات هواتف آيفون. تُعد هذه الدعوى حدثاً بالغ الأهمية، ليس فقط لأبل، بل لصناعة التكنولوجيا ككل، حيث تُلقي الضوء على التحديات الأخلاقية والقانونية المتزايدة في مجال التسويق والترويج لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

اتهامات بتضخيم قدرات سيري و"خداع" المستثمرين

تُشير الدعوى، المُسجلة في المحكمة الفيدرالية بسان فرانسيسكو تحت اسم "تكر ضد أبل وشركاه"، إلى أن المساهمين، بقيادة إريك تاكر، يتهمون أبل بالترويج المُبالغ فيه لقدرات سيري في مجال الذكاء الاصطناعي، وبالتحديد بالتقليل من المدة الزمنية اللازمة لدمج تقنيات متقدمة في المساعد الصوتي. وقد خلق هذا الترويج، بحسب الادعاء، توقعات غير واقعية لدى المستثمرين حول إمكانيات أجهزة آيفون القادمة، خاصةً آيفون 16.

وعدٌ زائف بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة

يُركز المساهمون على تصريحات أبل خلال مؤتمر المطورين العالمي في يونيو 2024، حيث أشارت الشركة إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون عنصراً محورياً في أجهزة آيفون الجديدة، تحت مسمى "Apple Intelligence". وقد عززت هذه التصريحات ثقة السوق في أبل وأسهمها، مما شجع الكثيرين على الاستثمار. لكن الحقيقة، حسب الادعاء، كانت مختلفة تماماً.

واقع مخالف للتوقعات: تأجيلات وتراجعات

بدأ الواقع المُخالف للتوقعات يظهر في مارس 2025، عندما أعلنت أبل عن تأجيل بعض ميزات سيري المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى عام 2026. وقد زاد الإحباط ذروته خلال مؤتمر المطورين في يونيو 2025، حيث خَيّبت إعلانات الشركة آمال المستثمرين والمحللين على حد سواء. يُؤكد المساهمون أن أبل لم تكن تمتلك نموذجاً أولياً فعّالاً لميزات سيري المُعتمدة على الذكاء الاصطناعي عند الترويج لها، وأنها بالغت في تقدير جاهزية هذه الميزات.

خسائر ضخمة وتراجع في القيمة السوقية

تُشير الدعوى إلى أن القيمة السوقية لشركة أبل تراجعت بشكلٍ كبير، بما يقارب 900 مليار دولار، منذ ذروتها في ديسمبر 2024. وهذا التراجع يُمثل خسارة ما يقارب الربع من قيمتها السوقية، مما أحدث صدمة كبيرة في سوق الأسهم وأثر بشكل سلبي على المستثمرين الذين بنوا قراراتهم الاستثمارية على التوقعات التي روّجت لها أبل.

مدراء تنفيذيون في دائرة الاتهام

لا تستهدف الدعوى شركة أبل فقط، بل تشمل أيضاً كبار المدراء التنفيذيين، بمن فيهم الرئيس التنفيذي تيم كوك، والمدير المالي الحالي كيفان باريخ، والمدير المالي السابق لوكا مايستري. ويُتهم هؤلاء بالتضليل وعدم الشفافية في تعاملهم مع مساهمي الشركة. وتُعتبر هذه الخطوة سابقة خطيرة، حيث تُحمل القيادة التنفيذية مسؤولية التصريحات المُضللة والخسائر التي تلتها.

صمت أبل واستمرار التوتر

حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تُصدر شركة أبل أي بيان رسمي بشأن القضية أو الاتهامات الموجهة إليها. هذا الصمت يُزيد من التوتر ويُشير إلى إمكانية تصعيد القضية قانونياً وإعلامياً في الأيام والأسابيع القادمة. ويُتوقع أن تكون ردة فعل أبل حاسمة للتأثير على صورة الشركة وسوق أسهمها.

دروسٌ مُستفادة: الشفافية في عصر الذكاء الاصطناعي

تُلقي هذه الدعوى الضوء على التحديات المُتزايدة أمام شركات التكنولوجيا الكبرى في التعامل مع وعود الذكاء الاصطناعي وتوقعات الأسواق. فبين الابتكار والمسؤولية، تبدو الشفافية عملة نادرة. يجب على الشركات أن تكون حذرة في ترويج تقنياتها وأن تُقدم معلومات دقيقة ومُوثقة للمستثمرين. وإلا، فإنها ستُواجه عواقب قانونية ومالية خطيرة. تُعتبر هذه القضية درساً بليغاً لجميع شركات التكنولوجيا، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، حول أهمية الشفافية والمسؤولية في التعامل مع المستثمرين والجمهور على حدٍ سواء. فثقة المستثمرين ليست شيئاً يُمكن التلاعب به بسهولة، والخداع سيكون له ثمنه الباغظ. إن نجاح الشركات في هذا المجال يعتمد بشكل أساسي على الثقة والشفافية في التعاملات المالية والتقنية.

مستقبل التقاضي في مجال الذكاء الاصطناعي

من المُتوقع أن تشهد السنوات القادمة زيادة في عدد القضايا القانونية المُرتبطة بالتضليل وعدم الشفافية في مجال الذكاء الاصطناعي. فمع تزايد استخدام هذه التقنيات وتطورها بشكل سريع، يُصبح من الضروري وضع أطر قانونية وأخلاقية صارمة لضمان الشفافية والمسؤولية. يُمكن أن تُؤدي هذه القضية إلى تغييرات جوهرية في كيفية تعامل شركات التكنولوجيا مع التسويق والترويج لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال الالتزام بمعايير أعلى للمصداقية والتوضيح. ولا يُمكن تجاهل الأثر المُحتمل لهذه القضية على تشريعات الاستثمار والحماية للمستثمرين في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى