١٩٦ مطورة سعودية يتخرجن من أكاديمية مطوري آبل: ثورة رقمية سعودية

تعزيز المواهب الرقمية السعودية: 196 مطورة سعودية يتخرجن من أكاديمية مطوري آبل

مقدمة:

شهدت المملكة العربية السعودية مؤخراً حدثاً هاماً يُبرز التزامها الراسخ بتعزيز قدراتها الرقمية وتمكين المرأة في قطاع التكنولوجيا. ففي احتفالية مميزة، تخرجت دفعة جديدة من أكاديمية مطوري آبل تضم 196 مطورة سعودية، مُكلّلةً بذلك شراكة استراتيجية ناجحة بين أكاديمية مطوري آبل وأكاديمية طويق. يُعد هذا التخرج خطوةً نوعيةً نحو بناء اقتصاد معرفي مزدهر، ويُجسّد طموح رؤية المملكة 2030 في بناء جيل من المبدعين والمبتكرين القادرين على المنافسة عالمياً. سنستعرض في هذا التقرير تفاصيل هذا الإنجاز، ونحلل أهميته ودلالاته على المستويين المحلي والعالمي.

أكاديمية مطوري آبل: رحلة نحو التمكين الرقمي

برنامج تعليمي مكثف وعالي الجودة

استغرقت رحلة التعليم في أكاديمية مطوري آبل تسعة أشهر من العمل الدؤوب والتعلم المكثف. صُمّم البرنامج خصيصاً لتزويد الطالبات بالمهارات والمعارف اللازمة للنجاح في مجال تطوير التطبيقات. لم يقتصر البرنامج على الجانب التقني فحسب، بل امتد ليشمل جوانب حيوية أخرى تُسهم في بناء شخصية المُطوّرة الشاملة، منها:

تطوير التطبيقات (تطوير البرمجيات): ركز هذا المسار على بناء قدرات قوية في تصميم وتطوير التطبيقات الرقمية، باستخدام أحدث التقنيات واللغات البرمجية ذات الصلة بنظام iOS، بما في ذلك Swift وObjective-C، مع التركيز على دورة حياة تطوير البرمجيات (SDLC) وأساليب البرمجة الشيئية (OOP) والمبادئ الهندسية للبرمجيات. وتضمن البرنامج تدريبات عملية على تطوير تطبيقات متكاملة تُغطي مختلف جوانب التطوير، من التصميم الأولي وحتى النشر على متجر التطبيقات.

التصميم (تصميم تجربة المستخدم): ركز هذا المسار على صقل مهارات تصميم تجربة المستخدم (UX) وواجهة المستخدم (UI)، وهي مهارات حاسمة لضمان توفير تجربة سلسة وفعالة للمستخدمين. تعلّمت الطالبات كيفية استخدام أدوات التصميم المختلفة، وكيفية تطبيق مبادئ التصميم الجيد، مع التركيز على إمكانية الوصول (Accessibility) وتجربة المستخدم الشاملة. وتضمن البرنامج تدريبات عملية على تصميم واجهات تطبيقات جذابة وسهلة الاستخدام.

ريادة الأعمال: لم يكتمل البرنامج دون تزويد الطالبات بالأسس اللازمة لريادة الأعمال وتحويل أفكارهنّ إلى مشاريع ناشئة ناجحة. تعلّمت الطالبات كيفية صياغة خطط أعمال متينة، وكيفية إدارة الموارد المالية، وكيفية تسويق منتجاتهنّ، وكيفية بناء فرق عمل فعالة. وتضمن البرنامج جلسات مع رواد أعمال ناجحين في مجال التكنولوجيا، مما أتاح للطالبات فرصة الاستفادة من خبراتهم.

منهجية التعليم القائم على التحديات (SBL)

اعتمدت أكاديمية مطوري آبل منهجية التعليم القائم على التحديات (SBL)، وهي منهجية تعليمية فعالة تُركز على حل المشكلات الواقعية من خلال العمل الجماعي. مكّنت هذه المنهجية الطالبات من تطوير حلول مبتكرة لمشكلات حقيقية في قطاعات متنوعة، مما ساهم في بناء قدراتهنّ القيادية وتعزيز إبداعهنّ وابتكارهنّ. فهذا النهج العملي يُعدّ أكثر فاعلية من التعليم النظري التقليدي في إعداد جيل من المطورين القادرين على مواجهة تحديات سوق العمل.

شراكة أكاديمية طويق وآبل: ثمار التعاون المثمر

يُعدّ تخريج 196 مطورة سعودية من أكاديمية مطوري آبل ثمرةً لشراكة استراتيجية ناجحة بين أكاديمية طويق وشركة آبل. هذه الشراكة أثمرت عن العديد من النتائج الإيجابية، منها:

بناء القدرات التقنية المتخصصة

وفرّت الشراكة تدريباً عالمياً متميزاً في مجالات حاسمة، ساهمت في رفع مستوى جودة وكفاءة الكوادر السعودية في مجال التكنولوجيا. تلقّت الطالبات تدريباً عملياً مكثفاً على أحدث التقنيات، مما يُمكّنهن من المنافسة في سوق العمل المحلي والعالمي. ويمتد هذا التدريب الى ما هو أبعد من مجرد اكتساب مهارات برمجية، بل يشمل أيضاً تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع والابتكار.

تمكين المرأة السعودية في قطاع التكنولوجيا

يُعدّ العدد الكبير من الخريجات (196 مطورة) دليلاً واضحاً على التزام المملكة العربية السعودية بتمكين المرأة في القطاعات الواعدة، خاصةً في مجال التكنولوجيا. يُجسّد هذا التخرج نجاح رؤية 2030 في تحقيق أهدافها في تمكين المرأة السعودية ودعم مشاركتها الفعّالة في بناء الوطن. ويمثل هذا العدد الكبير من المخرجات النسائية نموذجاً يحتذى به في المنطقة، ويشجع المزيد من النساء على الانخراط في هذا المجال الحيوي.

تحويل الأفكار إلى واقع ملموس

لم يقتصر البرنامج على الجانب النظري، بل مكّن الطالبات من تحويل أفكارهنّ المبتكرة إلى تطبيقات وحلول عملية. ساهمت هذه التجربة في دعم منظومة الابتكار المحلية، وتشجيع روح المبادرة والريادة بين الشباب السعودي. وقدمت الأكاديمية البيئة والوسائل اللازمة لتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتطبيق، مما يعزز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال.

دعم بيئة ريادة الأعمال

التركيز على ريادة الأعمال في البرنامج يُعدّ أحد أهم أركانه. فهو يُخرج جيلاً من المطورات قادرات على إنشاء شركاتهنّ التقنية الخاصة، مما يُسهم في تعزيز الاقتصاد المعرفي ويوفر فرص عمل جديدة للشباب السعودي. تُعدّ هذه الخطوة حاسمة لتطوير الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل نوعية تُسهم في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.

آفاق مستقبلية ودعم مستمر

أكد عبدالعزيز الحمادي، الرئيس التنفيذي لأكاديمية طويق، على أهمية هذه الشراكة في بناء القدرات التقنية وتمكينها من تقديم حلول مبتكرة. كما أعلنت عهود النايل، مديرة أكاديمية مطوري آبل، عن خطوتين استراتيجيتين جديدتين:

إطلاق برنامج تأسيسي في الذكاء الاصطناعي

يهدف هذا البرنامج إلى مواكبة أحدث التطورات التقنية وتلبية احتياجات سوق العمل في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو مجالٌ حيويٌ يشهد تطوراً سريعاً. سيُسهم هذا البرنامج في إعداد جيل من الخبراء في هذا المجال، مما يُعزز مكانة المملكة العربية السعودية كمركز إقليمي رائد في مجال الذكاء الاصطناعي.

الشراكة مع "الكراج"

تهدف هذه الشراكة إلى تسريع نمو مشاريع وتطبيقات الطالبات بعد التخرج، وتوفير بيئة حاضنة تدعم تحويل الأفكار الواعدة إلى شركات ناشئة ناجحة ومستدامة. يُعدّ هذا الدعم حاسماً للتغلب على التحديات التي تواجه الشركات الناشئة، ويساعد على تحويل الأفكار إلى مشاريع تجارية ناجحة.

أكاديمية رائدة في المنطقة

تُعدّ أكاديمية مطوري آبل، التي أُطلقت في عام 2021 بالشراكة مع آبل وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، أول أكاديمية من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يُجسّد هذا الإنجاز التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للابتكار والتحول الرقمي. ويُعدّ هذا نموذجاً يحتذى به للدول العربية الأخرى في بناء الكوادر الرقمية والتعامل مع التحديات المستقبلية.

خاتمة: نحو اقتصاد معرفي مزدهر

يُؤكد تخريج هذه الدفعة الجديدة من المطورات السعوديات التقدم المحرز في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، التي تُولي أهميةً بالغةً لتنمية رأس المال البشري وتمكين الكفاءات الوطنية، خاصةً في المجالات التقنية. يُعدّ هذا التخرج خطوةً هامةً نحو بناء اقتصاد معرفي مزدهر، يعتمد على الابتكار والإبداع والكفاءات الوطنية المؤهلة للمنافسة عالمياً. إنّ الاستثمار في التعليم والتدريب في مجال التكنولوجيا هو استثمارٌ في مستقبل المملكة المشرق. ونتطلع بكل ثقة إلى مواصلة هذه النجاحات وتحقيق مزيدٍ من الإنجازات في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى